محمد حكيم يكتب: شريط صوت صامت "عن قصد"!

أكتوبر 2018

“مستحيل اطلع التقرير كده؛ شريط الصوت فيه نص دقيقة فاضية! لا موسيقى ولا صوت مكان ولا أي حاجة، هيقولوا ازاي المونتير وافق يطلعه كده؟ ده ضد قواعد التقرير”.. قال المونتير منفعلا. وكان ردي عليه: “طلع التقرير على مسئوليتي الشخصية، وبعدين مين قالك أن شريط الصوت فاضي؟ فيه صمت، والصمت هنا مقصود”.

راجعت اللقاءات المصورة عدة مرات، مشكلة هذا التقرير كانت ثابتة لا تتغير، أبطاله من الصم والبكم اللذين لا يتحدثون إلا بالإشارة، شكواهم الأساسية تتلخص في عدم الاعتراف بهم، وعدم وجود مترجمين للإشارة في أي مؤسسة أو مكان يتعاملون معه. موضوع كبير ومهم لكن صناعته في تقرير أمر محير.

شريط الصوت هنا مهمل، فأبطال الحكاية ليس لهم صوت، وهو ما يعني انحصار استخدام شريط الصوت على التعليق الصوتي الذي سأقوم انا بكتابته، ومعه أي موسيقى مصاحبه، وهو ما سيجعل دور شريط الصوت منخفض جدا في البناء الدرامي للتقرير.

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: عيار ناري.. سينما خلط الأوراق!

أكبر المشكلات في صناعة التقرير، قد تبدوا لك شديدة البساطة إذا أمعنت التدقيق فيه. وظيفة شريط الصوت في التقرير، هي نقل المحيط السمعي لقصة التقرير، فإذا كان التقرير يدور حول قصة عازف موسيقى مثلا فطبيعي جدا أن ينقل شريط الصوت أنغام الموسيقى التي يعزفها، أما وإن كان بطل التقرير من الصم الذين يضج محيط حياتهم بالصمت فضروري جدا أن يحتوي شريط الصوت على الصمت.

القاعدة المهنية دائما ما تكون مرنة، وضعت هي في الأساس لترسم لك الطريق للوصول إلى تقرير ناجح، فلا يجب أن تجعل منها سلاسل وأغلال تقيد قدرتك على الإبداع في التقرير.

تدور حياة الصم عادة في سلسلة من اللقاءات، بين شخص طبيعي يشعر فيتحدث وينفعل فيهتف، وأصم يشعر فيصمت وينفعل فيصمت، ولذلك يجب أن يكون التقرير عنهم مزيج من الصراخ المسموع، والصراخ الصامت.

“بصراحة أنا ما كنتش متخيل إن حكاية الصمت دي هتفرق كده في صناعة التقرير، أنا فعلا كل ما يجي جزء فيه صمت بحس اني اتخنقت كأن صوتي أنا مكتوم، وبحس فعلا بشعور الصم، تسلم إيدك أنت كنت صح”.. قالها المونتير وهو يرسل التقرير للبث بعدما اكتمل مونتاجه، ثم اكمل: “هتسميه إيه يا ريس؟”.

قلت أنا: “الصراخ الصامت”.

نقدم لك|أبرز 7 تصريحات مثيرة للجدل للكاتب يوسف زيدان