"يوم أضعت ظلي".. عندما أضاعت سؤدد كعدان ظلها

فيصل شيباني

بعد عرضه العالمي الأول بمهرجان البندقية السينمائي الدولي حل الفيلم السوري “عندما أضعت ظلي” للمخرجة سؤدد كعدان، بمهرجان الجونة السينمائي في دورته الثانية وعرض ضمن المسابقة الرسمية في فئة الأفلام الروائية الطويلة التي عرفت مشاركة أفلام قوية من مختلف دول العالم، وانتظره الجمهور الحاضر بالمدينة لكونه فيلما عربيا من جهة، ومن جهة ثانية لأنه العمل الروائي الأول للمخرجة السورية سؤدد كعدان ومن جهة ثالثة لكونه توج بجائزة أسد المستقبل بمهرجان البندقية.. كل هذه الأمور جعلت الفيلم محط أنظار المتواجدين بالمهرجان، ويحظى باهتمام كبير، مع العلم أن المخرجة لم تتمكن من الحضور لعدم حصولها على التأشيرة هي وطاقم الفيلم.

نرشح لك: منى سلمان تكتب: الأستاذ زكي.. سبب عشقي للغة العربية

هل يمكن القول أن كل ما أثير من ضجة حول الفيلم لم يستحقها على الأقل فنيا بحكم العمل الذي يمكن أن نطلق عليه بأنه “بروبجاندا” معاكسة وفق سيناريو ساذج ليس بعيدا عن الافلام التي ينتجها نظام بشار الأسد؟ فمن منطلق “البروبجاندا”  التي بني عليها قصة الفيلم، تحاول المخرجة أن تقدم لنا طبخة فنية بتوابل سياسية ضاعت فيها اللمسة الفنية وانتصرت للسياسة. سياسة ضاع فيها عناصر الفيلم ولو أن القصة كان يمكن أن تقدم بشكل أفضل بحكم وجود عناصر سيناريو قوي لو ابتعد عن العبارات الرنانة واتكأ على آداء تمثيلي قوي.

“يوم أضعت ظلي” يروي قصة “سنا” التي تخرج من منزلها باحثة عن قارورة غاز في محيط مدينة دمشق، حيث تلتقي بناشطين في سيارة، بعد هرب سائقها من جنود نقطة التفتيش، لتجد نفسها معهم في مواجهة آثار ما تركته الحرب المريعة. تضيع “سنا” في رحلة تستمر ثلاثة أيام في ضواحي دمشق، لتكتشف أن الناس بدؤا يفقدون ظلالهم خلال الحرب، تواجه سنا مصيرا مجهولا مع الناشطين، انفعالات وتوتر يعكس الحالة التي يعيشها السوريون في الحرب، التوجس من المحيط الخوف من الإنسان او بالأحرى الشر الذي يسكن بعضهم، المخرجة التي وإن حاولت أن تضع مسافة بينها وبين أطراف الصراع في سوريا إلا أنها فشلت، رغم أنها تسلط الضوء على حياة السوريين مع بداية الحرب مباشرة أي قبل صعود التيار المتطرف، التطرف هنا يبقى محل استفهام وفق نظرة المخرجة لمفهوم التطرف هل هو تطرف الجيش النظامي الذي يعامل المتظاهرين بقسوة أم تطرف المتظاهرين الذين تظهرهم في صنفين صنف بلباس عصري أي متحضر ولو بالمظهر فقط وصنف في مظهر إسلامي؟ وبين هذا وذاك ضاعت سؤدد كعدان وأضاعت ظلها.

هل انتصرت “كعدان” للإنسان السوري في الحرب أم ظلمته مع تصنيفاتها السياسية؟ وهل نقلت الحقيقة التي يعيشها أم خدمت إيديولوجيا معينة دون أخرى؟ بعيدا عن إطلاق الأحكام فإن مخرجة الفيلم أظهرت الإنسان منكسرا، مشاهد النساء وهن يحفرن القبور استعداد لدفن الضحايا الذين يخرجون كل جمعة في المظاهرات ضد النظام السوري، معاناة في إيجاد قارورة الغاز التي تصبح هما يؤرق كاهل السوريين ما يجبرهم على التنقل مسافات بعيدة للحصول عليها وحتى إن وجدت يأخذها عناصر الأمن مشاهد أرادت بها سؤدد كعدان توريط النظام في كل ما يحصل في بلاد الشام والخراب الذي حل بها، متناسية ربما الأطراف الأخرى في الصراع والتي لها يد في دمار سوريا.

نظرة المخرجة فيها الكثير من الانحياز للطرف المعارض للنظام السوري ما يجعلها سجينة إيديولوجيا معينة توقعها في فخ الانحياز السياسي وتجعلها فاقدة للمصداقية وحالها كحال الكثير من المخرجين العرب الذين يقدمون سينما وفق مقاس الخارج ويحتفى بهم في أكبر المحافل السينمائية العالمية رغم المؤاخذات الفنية العديدة التي يمكن تسجيلها على اعمالهم وفيلم “يوم أضعت ظلي” خير مثال على ذلك..

شاهد| نجوم خطفهم الموت في سن صغيرة، لكنهم استطاعوا ترك بصماتهم في العديد من الأعمال