دينا هاشم تكتب: المزج بين الإعلان والمحتوى.. كيف ينجح في مصر؟

المزج بين الإعلان والمحتوى.. كيف ينجح فى مصر؟.. ختمت مقالى الأخير بهذا السؤال وسوف أحاول الإجابة عنه ببساطة مع العلم بأن الموضوع ليس بسيطًا ويحتاج عقولًا ومواهب وخبرات معينة لينجح، ولكن كل طريق بدايته خطوة.

الخطوة فى الواقع تم أخذها منذ سنوات عديدة، منذ ١٧ عاما فى فيلم “السلم والثعبان” عندما كتب وأخرج المخرج طارق العريان الفيلم وظهر فيه العديد من المنتجات ظهورًا واضحًا وصريحًا سواء فى الخلفية أو يستخدمها الممثلون فى الفيلم، من هذه المنتجات كانت كوكا كولا وستيلا. كل من يعمل فى مجال الإعلان والتسويق لاحظ هذه الخطوة وكانت خطوة تسويقية جديدة على السوق المصرى.

أنا شخصياً مررت بتجربة منذ أكثر من ١٤ عاما، ولكن لم تكن بنفس النجاح فى مسلسل رمضانى بطولة النجم الراحل نور الشريف، وكنت أعمل آنذاك على دعاية شركة اتصالات كبرى وكان عندى هدف إيجاد مكان لاسم الشركة داخل السياق الدرامى للمسلسل، ولكن للأسف بسبب دخولنا المشروع فى منتصف التصوير كان الوقت ضيق للتفكير وإيجاد المواقف الملائمة للشركة داخل المسلسل وما تم تصويره وقتها كان دون المستوى الذى كنا نطمح له.

نرشح لك: محمد ناير يكتب: أن تكون محمد خان

هذا يأخذنا إلى ما هو المطلوب فهمه قبل الدخول فى مزج ما بين محتوى و مُنتَج:

1- الفهم والمعرفة والدراسة

– معرفة بإيضاح شديد من هو الجمهور المستهدف للمُنتج ومن هو الجمهور المستهدف للمحتوى. فمثلاً لا يمكن ينجح وجود مُنتَج جمهوره نساء داخل محتوى رجالى مثل برنامج عن رياضة الكورة

– معرفة ودراسة المُنْتَج ومميزاته وفوائده جيداً من طرف القائمين على إنتاج المحتوى.

– وعى وفهم كبير من فريق تسويق المُنْتَج لتفاصيل المحتوى حتى يتفهموا مع فريق إنتاج المحتوى المواقع الملائمة فى المحتوى، إذا كان مسلسلًا أو فيلمًا أو برنامجًا، والأهم هو الوعى للهدف المطلوب تحقيقه من هذا المزج لأنه ليس إعلانًا تقليديًا لمدة ٣٠ ثانية عن المُنْتَج ولكن المُنْتَج سيكون جزءًا من أحداث العمل.

٢- أشكال المزج ما بين المُنْتَج والمحتوى:

Product placement

– وضع المُنْتَج كإكسسوار داخل العمل، وهنا يكون المُنْتَج صامت داخل العمل ومجرد سيظهر فى أجزاء من العمل دون تسليط الضوء عليه ولكن يلاحظه المشاهد فى سياق الأحداث، مثال لذلك جميع المنتجات التى توجد فى حياتنا العادية داخل المطبخ من منتجات غذائية ومنظفات وغيره، عند ظهورها والممثل يستخدمها كجزء طبيعى من أداءه فى المشهد تصبح إكسسوارًا ولكن ممزوج مع أحداث المشهد وبالتالى يتم تسليط الضوء عليه دون إيذاء العمل أو المشهد.

Product Integration

– دمج المُنْتَج داخل السكريبت وفى أحيان كثيرة يتم كتابة حلقات كاملة وأحياناً أفلام سينمائية حول المُنْتَج ويصبح هنا شخصية من الشخصيات الرئيسية فى العمل الفنى، وهنا يكون المُنْتَج بطلًا رئيسيًا فى العمل مثل السيارة المينى كوبر فى فيلم The Italian Job والتى كانت جزءًا كبيرًا من الأحداث والإثارة فى الفيلم والتى كانت تدور حول السيارة وأخذت شهرة عالمية بعد الفيلم لأن وجودها أضاف للفيلم. كما أضاف الفيلم للسيارة. وبالتالى للوصول لمزج ناجح ما بين محتوى وما بين مُنتَج فى مصر ممكن جداً ولكنه يحتاج وعى وفهم من المنتجين والكتاب والمخرجين لما هو المُنتج، وكيفية استخدامه فى العمل الفنى بما يخدم العمل ويضيف له، دون أن يظهر كأنه تم “حشره” فى الأحداث. وبالتبعية يحتاج أيضاً فهم ووعى كبير جداً من القائمين على تسويق المُنتَجات من الشِق الفنى للعمل، وأن نجاح المزج ليس معناه تكرار ظهور المُنْتَج مئات المرات ولكن ظهوره فى سياق مُقنع للأحداث ولو مرات قليلة.

نرشح لك: وليد علاء الدين يكتب: أساتذتي الأعزاء.. شكرا

بالإضافة للفهم، مطلوب مقاومة الطمع من جميع الأطراف فى التقييم المادى لتواجد منتجات داخل محتوى تليفزيوني أو سينمائى، ومقاومة الطمع فى طلبات المعلنين غير المنطقية أحياناً كثيرة نظير هذا الاتفاق المادى.

الموضوع حقيقى ليس بمعادلة كيميائية صعبة ولكنه يدور حول الفهم وسماع الأطراف العاملين على العمل وأصحاب المُنْتَج لبعضهم واحترام وجهات نظر البعض والعمل كفريق واحد، لإيجاد المناخ المناسب والأحداث والطريقة المناسبين لهذا المزج، ولكن إذا ظل المعلنين وأصحاب المنتجات على طريقتهم فى الإصرار فى “حشر” منتجاتهم فى البرامج وتكرار ظهورها عشرات المرات، وكأن المشاهد/ المستهلك لا يرى ولا يسمع ولا يفهم، وإذا ظل العاملون فى عالم المحتوى يفتقرون إلى الخيال والصبر على إيجاد الطرق المُثلى لمزج المُنْتَج معا لمحتوى، سنظل نرى علبة السمنة وكيس الهمبورجر جالسين على كاونتر فى جانب معين من الكدر لا صفة لهم ولا معنى!

وأخيراً لماذا هذا الحديث مهم لجميع الأطراف الآن؟

لأن ببساطة شديدة إذا اخترق عالم الـ VOD “الفيديو حسب الطلب” القاعدة العريضة من المصريين وهو ما يُرجح حدوثه قريباً، هذا سيغير شكل عرض واستهلاك المحتوى تماماً وبالتالى سيغير شكل عرض المعلنين لإعلاناتهم، وسيكون المزج داخل المحتوى بأى من الطرق هو الطموح والهدف الأول والأخير لكل من يريد أن يُعلن عن مُنتَجه، فيجب بدء التجارب الآن للتعلم من الأخطاء، لنكون جاهزين لقدوم هذه الخطوة قريباً جداً.

“فيوكليب”.. هل يشهد سوق “الميديا” ميلاد منافس جديد؟