البدلة.. والضحك من غير سبب ليس قلة أدب!

 

طارق الشناوي

نقلا عن المصري اليوم

بعض الأفلام تذكرنى بمونولوج قديم لمحمود شكوكو (القرب منك مانجة/ والبعد عنك رنجة)، كما ترى المعادلة بسيطة ومباشرة ولا تحتاج لأى فلسفة، لا أنتظر من شكوكو أن يُغنى على طريقة أم كلثوم (من كُتر شوقى سبقت عمرى)، أغلب أفلام تامر حسنى قدمها على طريقة شكوكو لتلعب بورقتى المانجة والرنجة.

 

نجح فريق عمل فيلم (البدلة)، بقيادة المخرج محمد العدل، فى تقديم (فرشة) مانجة بها فى (القعر) عدد من الثمرات المعطوبة لا بأس، لأنك على وش القفص ستجد (فونس وهندى وفص وبلدى).

 

يعتقد البعض أن الناقد يذهب لدار العرض ولديه (مازورة) سابقة التجهيز الدرامى للقياس، يحدد من خلالها مواصفات الفيلم الجيد والردىء، متكئا على دراسته وثقافته. إنها الصورة النمطية التى يتم تداولها عن هذا الإنسان المتزمت فى (نظرته) والسميك فى (نظّارته)!!، بينما الحقيقة هى أن الناقد يمارس فعل المشاهدة كإنسان يرنو أولا للمتعة، لهذا فإن أسوأ أنواع التعاطى مع الأفلام هو العروض الخاصة، جمهور مصطنع وفريق عمل ينتظرون كلمات تهنئة، ولهذا وفى أغلب الأحوال أبتعد عنها.

 

(البدلة).. ومن التترات يحرص الكاتب أيمن بهجت قمر على أن ينسب الفكرة لتامر حسنى ليضرب عصفورين بحجر واحد، فهو يعلم أنه لا توجد أساسا فكرة حتى يمنح براءة اختراعها لأحد، فهى علميا فى لغة الدراما تقع فى إطار قالب عام تُشبه كرة الثلج التى تنحدر من أعلى الجبل وكلما هبطت من السفح ازداد حجمها، وتلك هى ما تصور تامر أنها فكرته، ينتحل صديقان صفة ضابطى شرطة يتورطان فى أكثر من مأزق، وكلما أوغلنا فى الدراما يزداد الأمر تعقيدا، منح أيمن (السلطانية) لتامر الذى يعتقد أنه يضع على رأسه (تاج الجزيرة). ستجد أيضا على (التتر) إشارة صريحة بأن الفيلم مقتبس، ومن يدقق سيجد عددا من المشاهد منقولة، فقرر قمر (إنه يجيب م الآخر) ويعترف مسبقا، ولم يحدد المصدر حتى تتفرق الدماء، وعندما تتعدد المصادر تنتفى أساسا تهمة الاقتباس.

 

تامر حسنى سيحتل بالأرقام وبفارق شاسع المركز الأول فى أفلام العيد، أرجو أن تضع خطا تحت جملة فى العيد، بعدها سينحاز الناس للسينما، وحيث إنه لا توجد سينما سوى فى فيلم (تراب الماس)، فإن (البدلة) كلما مضت الأيام ستزداد فرصته أكبر ليحتل المركز الأول، ليس صحيحا ما تربى عليه جيلنا، أن الضحك من غير سبب قلة أدب، الضحك لا يحتاج لسبب، فهو بدون أى دوافع منتهى الأدب. دعونا نحدد عناصر النجاح، أولا تامر يتمتع بخف ظل وتلقائية أمام الكاميرا، وهو اسم جاذب لدافعى التذكرة، ولديه موهبة الممثل (المهضوم)- كما يقولون بالشامى- ويملك رصيدا سينمائيا لا أتحدث عن القيمة ولكن العدد، سيبقى له على الشاشة عدد منها.

 

استطاع تامر أن يحقق أمنية كانت لدى عبدالحليم وهو أن يقدم أفلاما بلا غناء، صحيح (البدلة) به أغنيتان، لو حذفتهما فلن يحدث شىء. ثانيا، تواجد أكرم حسنى فى مساحة درامية متوازية مع تامر، طبعا من يختار الممثل المشارك هو النجم وليس المخرج، أكرم حاليا هو صاحب أصدق ضحكة، لا ينتمى لمنهج مدرسة مسرح التليفزيون التى يقودها أشرف عبدالباقى وقدمت عددا من التلاميذ، أغلبهم صاخبون إلى درجة أنك لا تجد لهم أى ملامح خاصة فى كل أدوارهم.. أكرم أكثر هدوءا وعمقا، تمكن فى مرحلة وجيزة من أن يحتل مساحة عريضة فى القلوب. العنصر النسائى على هامش الدراما لدينا أمينة خليل، مجرد وجه مريح، بينما دلال عبدالعزيز منحت دور الأم التقليدى حالة من الألق.

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: تراب الماس..عن مجتمع فقد براءته

يضع قمر فى بداية السيناريو مشهدا للكرة حتى يلعب بمفردات من نجوم الكرة المشهورين مثل العدوين اللدودين شوبير ومجدى عبدالغنى، ولكن لا تستطيع أن تجد لها مبررا فى سياق الفيلم.

 

ولم ينس فى النهاية توجيه رسالة تربوية بعقاب الشابين تامر وأكرم اللذين انتحلا صفة ضابطى شرطة، رغم أنهما نجحا فى إلقاء القبض على الجاسوس الإرهابى الذى أدى دوره ماجد المصرى، رسالة أخلاقية مباشرة كما تريدها الدولة. تمكن أيمن بهجت قمر هذه المرة من قراءة شفرة جمهور السينما، وقدم لهم الضحكة التى ينتظرونها، لا يهم ما الذى وضعته فى قعر القفص، المهم أنك اشتريت قفص المانجة.. حقق تامر النجاح الذى يريده حتى لو ارتدى بمزاجه (السلطانية)!.