محمد وليد بركات يكتب: كليات القمة.. وأهل القمة..!

عزيزي طالب الثانوية العامة، وأهله، وحبايبه، والمجتمع والناس..

تحية طيبة.. وبعد..

ها أنت قد خرجت من “عنق الزجاجة”.. فمرحبا بك في مرحلة ما بعد “العنق”.. ها قد نجحت وزارة التربية والتعليم في “استئصالك” والخلاص منك، و”حدفك” على وزارة أخرى لتتولى شأنك، ووزير آخر ليحمل همك، في انتظار أن يتخلص منك -هو الآخر- بعد بضعة سنوات، ليلقي بك إلى “أتون” سوق العمل، بأي مستوى من التأهيل، تعليما وتدريبا.

دعني أعرفك بنفسي، حاصل على 99.3% في الثانوية العامة منذ بضعة سنوات، والأول على الجيزة، والعشرين على الجمهورية (أدبي)، التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة، تلك التي حلمت بها منذ عامي الإعدادي الأول، وأحببتها “موهبة” في الإذاعة المدرسية والصحافة المدرسية منذ المرحلة الابتدائية، واعتليت صدارة طلابها لسنوات أربع متتالية حتى صرت معيدا فيها، إذن ليست لدي مشكلة في المجموع ولا أزمة في الدرجات، ولست عدوا لكليات القمة، ولا أنا من مطاريدها أو محروميها، ولكني أُفضّل – لي ولك- أن نكون من “أهل القمة” على أن نكون من طلاب “كليات القمة”..!

وما عساه أن يكون الفرق؟! دعني أخبرك..

محمد وليد بركات يكتب: البلد أمام المرآة..!

“أهل القمة”.. هم الناجحون، أيا كان مجال عملهم، وأيا كان تخصص دراستهم، أما “أهل القاع” فهم الفاشلون، ولو رحب بهم مكتب التنسيق في “كليات القمة” كما نسميها، كالطب والهندسة وما على شاكلتهما.

أحمد زويل ، سميرة موسى، فاروق الباز، مصطفى السيد، مصطفى مشرفة، من خريجي كلية العلوم، طه حسين، نجيب محفوظ، جمال حمدان، زكي نجيب محفوظ، من خريجي كلية الآداب، توفيق الحكيم، بطرس غالي من خريجي كلية الحقوق.. ولكن تمهل.. مجدي يعقوب خريج كلية الطب، وهاني عازر خريج كلية الهندسة، وبالتأكيد لست في حاجة لأن تعرف عشرات أو مئات وربما آلاف الطلاب من “كليات القمة” الذين مكثوا في كلياتهم أكثر مما ينبغي، وعانوا الفشل تلو الفشل، لأنهم لم يكونوا في أفضل مكان يلائم قدراتهم ومواهبهم.

دعني أسألك: أيهما أفضل..

طبيب وصف علاجا خطأ لمريضه فقتله، أم مدرس نجح في تخريج أجيال صالحة..؟!

مهندس العقار الذي انهار فوق أدمغة سكانه، أم محام استعاد حقا مسلوبا لصحابه..؟!

نرشح لك: توقيع “كتاب المواصلات” لعمر طاهر في “بيرم وسيد”

فنان أو رياضي يُشرّف بلاده حول العالم، أم سياسي أو اقتصادي أو إعلامي يلوث سمعتها..؟!

إذن المسألة ليست في اسم الكلية، والإشكالية ليست في “كليات قمة” و”كليات قاع”، التحدي الحقيقي في أن تكون أنت من “أهل القمة”، أن تضع نقطة عقب نتيجة الثانوية العامة أيا كانت، ثم تبدأ سطرا جديدا، وأن تعرف أن الحياة كفاح مستمر، وأنها حلقات متتالية من العمل الدءوب، والتعثر والسقوط والنهوض والسير، وهكذا دواليك..

التحدي ليس في الوصول إلى “كليات القمة”، وإنما في البقاء على القمة، في أن تخطط مستقبلك، وتحدد معالمه، وتقدِّر إيجابياتك وقدراتك وتُعززها، وتُحجِّم سلبياتك وعيوبك وتعالجها، وتدرس الفرص المتاحة أمامك، وتُقيّم التحديات القابعة في الطريق، لتنطلق في طريق المجد..

القمة الحقيقية أن تكون “ناجحا”.. والقاع الحقيقي أن تكون “فاشلا”..

وختاما.. أرجوك تذكر.. “أسماء” الكليات لا تصنع الناجحين.. وإنما يصنع الناجحون أسماءهم بأنفسهم..!