أندرو محسن يكتب: في الحلقة السابقة (5) طايع.. التار أفضل جدًا

من الأمور الجيدة التي يحرص عليها عمرو يوسف هي العمل مع فريق مختلف في كل عام وخوض تجربة جديدة، فمنذ بدأ مرحلة البطولة المطلقة في ”ظرف أسود“ عام 2015 ورغم النجاح النسبي للمسلسل الذي كان يعتمد على أجواء التشويق والأكشن -قبل أن يصبح هذا النوع هو الرائج- قرر العمل في العام التالي مع فريق مختلف ومسلسل يدور في قالب التشويق أيضًا لكن مع وجود مساحة كبيرة للرومانسية، وقدم ”جراند أوتيل“ الذي يعد أنجح مسلسلاته.

كرر تجربة التغيير في العام الماضي أيضًا مع ”عشم إبليس“ الذي كان بمثابة عدة خطوات للوراء، ليعود العام الحالي إلى المنافسة بقوة على نسب المشاهدة مع مسلسل ”طايع“ وفريق عمل يخوض تجربته التليفزيونية الأولى:

نرشح لك: أندرو محسن يكتب: في الحلقة السابقة (4) الرحلة.. الوقوف في المنتصف

1- يحتوي المسلسل على الكثير من المميزات التي تفتقدها مسلسلات أخرى في رمضان، بينما وقع في عيوب أيضًا تفادتها المسلسلات الأخرى.

2- لم يعتمد ”طايع“ على وجود عمرو يوسف وحده كسبب كافٍ لتسويق أو نجاح المسلسل، رغم مشاركته في عدة مسلسلات ناجحة لكن عمرو يوسف يحتاج دائمًا إلى وجود سيناريو قوي ومخرج ذو رؤية للخروج بشكل أفضل، هكذا نجد المسلسل يزخر بالكثير من الممثلين المميزين.

نرشح لك: 15 تصريحًا لـ عمدة مسلسل “طايع”.. رشدي الشامي

3- تأسست العلاقات بين الشخصيات بشكل جيد منذ الحلقات الأولى، وبنى مؤلفو المسلسل، الأخوة محمد وخالد وشيرين دياب، ومعهما عُمر خالد وشريف الألفي، خطوط كثيرة متقاطعة بشكل قوي تربطها علاقات من الكراهية والتار (الثأر) بالإضافة للمصالح المتمثلة في تجارة السلاح، ومطاردة الشرطة لإيقاف هذه العملية.

4- هذه الخطوط تكفي لصناعة مسلسل من ثلاثين حلقة يحتوي على الكثير من الأحداث والصراعات بالفعل، بل إن هناك خطوطًا فرعية لم يسلط كتاب السيناريو الضوء عليها بشكل كبير، مثل العلاقة بين طايع وجابر (محمود حافظ) التي تحتوي على صداقة قديمة أفسدها وجود تار بين عائلتيهما.

نرشح لك: 20 سببًا ساهمت في نجاح “طايع”.. أبرزها موت الأبطال

5- ينتمي المسلسل لنوع التشويق، وقد اهتم كتاب السيناريو بألا تكون هناك حلقة دون قدر كافٍ من الإثارة، وتنتهي الحلقة بأزمة جديدة تفتح بابًا جديدًا للتشويق.

6- حتى لا يقع المسلسل في فخ المط، قرروا أن يزدحم المسلسل بالأحداث المشوقة بالفعل، ولكنهم على الجانب الآخر نسوا الحبكة الرئيسية، وهي محاولات طايع الإيقاع بحربي (عمرو عبد الجليل) للتخلص من أذاه.

نرشح لك: نقدم لكم “علي قاسم ” ..أبرز الوجوه الجديدة في “طايع”

7- هكذا وجدنا العديد من الحبكات الفرعية المشوقة، التي تملأ الحلقات ولكنها في النهاية لا تصب في الخط الرئيسي من جهة، ومن جهة أخرى هي تنتهي إلى نتيجة غير مرضية. مثلما شاهدنا في الحلقة التي يحاول فيها طايع أن يُهرب اخته وأمه حتى لا تتزوج الأولى من ابن حربي، يضيع نصف الحلقة في محاولة تهريبها التي تنجح بالفعل، لكننا نجدهما تعودان فجأة إلى بيت، بعد أن تقرر الأخت أنها ستوافق على الزواج لحماية طايع، هكذا نجد أن كل هذا الحدث الفرعي لم يكن له أي تأثير حقيقي على الأحداث.

8- ليست هذه مشكلة السيناريو الوحيدة، إذ يقع أيضًا في فخ عدم منطقية بعض الأحداث، كأن يُسافر حربي إلى الخارج بجواز سفر مزور والشرطة تعرف ذلك جيدًا ورغم ذلك لا تذهب للقبض عليه، والمبرر هو قبضه متلبسًا في تهريب الآثار، وكأن تهمتي التزوير وانتحال الشخصية لاتكفيان.

نرشح لك: مواعيد عرض طايع لـ عمرو يوسف #مسلسلات_رمضان_2018

9- امتد الأمر لوجود بعض التحولات غير المنطقية تخص الشخصيات، أبرزها تحول شخصية ضاحي (علي قاسم) بشكل مفاجئ ليتعاطف مع أزهار (مي الغيطي) ويتغير من الشخصية الجافة محبة النساء إلى شخص عاطفي يبذل كل ما في جهده ليحافظ على أزهار ويرضيها، وهذا بلا أي مقدمات أو تمهيد.

10- يعرف البعض مصطلح ”الإله من الآلة“ الذي يشير للحلول الدرامية التي تأتي فجأة بشكل غير منطقي، وهو ما يكثر أيضًا في مسلسل ”طايع“، فكلما تعقدت الأمور، يظهر حل مفاجئ من اللامكان، مثلما حدث بعد أن نجح ضاحي في الهرب من كل الفخاخ المنصوبة له من قبل حربي وأولاده لكشف عمله مع الشرطة، ليذهب سلطان (أحمد عبد الله) إلى قسم الشرطة ببساطة ويبحث عن ملف ضاحي ويحصل عليه، وهو الحل الذي كان يمكن أن يلجأ إليه منذ فترة، وكذلك مشهد اكتشاف ضاحي لكونه دلالًا بشكل مفاجئ أيضًا.

11- أضاف عمرو سلامة الكثير إلى المسلسل، يتضح تأثيره في معظم التفاصيل، وأولها في إيقاع الحلقات، التي تسير بشكل سريع مناسب لفكرة التشويق.

12- كذلك اهتم المخرج بتنفيذ طابع بصري خاص، يعتمد أكثر على وجود مساحات من الظلام في معظم المشاهد، وهو في هذا لم يهتم بجماليات الصورة لتأتي على حساب السرد والدراما بل وظفها بشكل جيد يليق بالطبيعة المظلمة للعمل الذي تقع معظم شخصياته في المنتصف بين النور والظلمة.

13- ساعده في تقديم هذه الصورة مدير التصوير بيشوي روزفلت، الذي نجح في الحفاظ على طابع الإضاءة في مشاهد العمل، وخاصة في المشاهد الليلية، وإن كانت المصادر المستخدمة للإضاءة غير منطقية في بعض الأحيان، مثل الأباجورات الكثيرة المستخدمة في الكهف الذي يختبئ فيه حربي، أو مصابيح الغاز الموجودة في قلب الصحراء.

14- بالإضافة لهذا الطابع الذي أضفاه المخرج على العمل، نشاهد في ”طايع“ اختيار وتوظيف شديد التميز للممثلين، ليصبح المسلسل واحد من أفضل الأعمال في ما يخص فريق الممثلين، سواء من الممثلين ذوي الخبرة مثل عمرو عبد الجليل، أو الشباب مثل أحمد داش، وحتى الممثلين الذين قدموا أدوارًا صغيرة مثل علي قاسم ومحمود حافظ (جابر) أدوها بشكل جيد جدًا، أو رشدي الشامي (العمدة) الذي تعرفنا عليها في العام الماضي في أداء قوي في ”واحة الغروب“ ليواصل هذا الأداء في هذا العام، وهذا الأداء المميز أضاف الكثير للمسلسل ولارتباط المشاهد به.

15- المونتاج لأحمد حافظ كان من العوامل المهمة والمنفذة بشكل جيد في المسلسل، بالنسبة لمسلسل يعتمد على التشويق فيجب أن يكون هناك إيقاع سريع للحلقة، وكذلك ضبط للمشاهد التي تحتوي على مفاجآت حتى تترك أثرًا أكبر. يمكن الوقوف عند مشهد قتل حربي لمهجة (صبا مبارك)، إذ كانت اللقطات التي يخاطب فيها حربي مُهجة والقطع المستمر بينهما، ترفع من حالة الترقب والشعور بعدم زوال الخطر، تمهيدًا لقتل مهجة بعدها مباشرة.

16ـ يعيد المسلسل الموسيقار طارق الناصر إلى المسلسلات المصرية بعد طول غياب، الموسيقار الأردني له الكثير من العلامات المهمة في المسلسلات السورية، ويضيف إلى رصيده المزيد من الموسيقى الجميلة من خلال ”طايع“، فجاءت موسيقاه تستخدم الوتريات فقط في الأغلب، وخاصة الفيولا لتكون بطلًا رئيسيًا، وخدمت حالة المسلسل بشكل جيد.

17- مسلسل ”طايع” واحد من المسلسلات القليلة التي نجت من فخ المط في رمضان الحالي، لكنها وقعت في فخ الحبكات الفرعية غير المؤثرة، ولو كان المسلسل كثف اهتمامه بفكر التار بين طايع وحربي التي ظهرت بشكل أكبر منذ الحلقة 16، كنا سنشاهد عملًا أقوى، وإن كان هذا لا ينتقص من كونه بداية قوية لعمرو سلامة في التليفزيون.