د. محمد فياض يكتب: لا تقتلوا فضل شاكر

بمجرد عودة الابن الضال فضل شاكر لرشده وروحه النقية حتى انطلقت السهام عليه من الجميع، سهام لم أفهم معناها، سأحكي عن مشاعري عندما سمعت ذلك الصوت العذب والمُلهم للمبدع فضل شاكر،عاد الفضل مرة أخرى بنغماته الخلابة ليطير بنا في فضاء هذا الصوت الرخيم ، وبأداء فنان منغمس في موسيقاه وفنه حتى النخاع، راقبت نفسى باستغراب وأنا أصفق وأبكي وأضحك عندما سمعت ذلك الصوت مرة أخرى، لم تكن هذه المشاعر المختلطة لجمال الغنوة فقط ولكن للعودة، ساعتها شعرت أننا انتصرنا على كل جماعات التطرف والإرهاب .

نرشح لك: أحمد شبكة يكتب: وبحب صوت فضل شاكر

كنت سعادتي لا تُوصف، فلطالما تسائلت كيف لهذه الروح الشفافة النقية أن تتطرف، كيف استطاع سرطان التطرف أن ينهش فى جسد الإبداع، كانت هذه القضية مؤلمة بشدة لي لسببين، السبب الأول أنني واحد من المعجبين بذلك المطرب المبدع، السبب الثاني لأن حياتي كلها قامت على بغض الجماعات المتطرفة، ساعتها شعرت أنهم انتصروا علي أنا شخصياً، سرقوا مطربي المفضل، ومرت الشهور كئيبة وبطيئة حتى بدأ المنطق يعود لمنطقه، استفاق المبدع الرقيق من هذا الكابوس، طردت خلايا الإبداع في جسده خلايا التطرف السرطانية الدخيلة، فعاد لامعاً نجماً عاد فضل شاكر لنا وللحياة، وكعادة مصر الجميلة احتضنته لتكون كشأنها دائماً حاضنة النجوم، مصر اللي فيها حاجة حلوة فقد رافق تاريخها القومي والنضالي على امتداده الطرب والموسيقى والأغاني الوطنية الجياشة، في انكساراتها وانتصارتها، تلك الأغاني التي تدغدغ الشعور وتطهر النفوس وتقهر الإرهاب وتطرد المتطرفين، لذا كانت مصر هي البوابة الأهم لعودة الإبن الضال ، ولذلك غنى أغنيته المبدعة ليه الجرح لتكون تتر بديع لأحد مسلسلات رمضان، تخيلت أن الجميع سيشعر بما شعرت به، تخيلت أن كل من سيعرف الخبر سيخرج لسانه لكل متطرف وإرهابي، ها نحن قد خطفنا اللاعب الأهم ، عاد لنا الفنان الذى وقع في فخ التطرف ، ولكن الغريب أن هذه العودة قوبلت بالهجوم وعدم الترحيب، وهنا شعرت بغصة شديدة فى حلقي، تمنيت أن أصيح بأعلى صوت لقد جعلتم المنطق ينتحر، فهذا المجتمع الذى رفض عودة فضل شاكر لم يرفض أن يتسامح مع ثروت الخرباوي، وكمال الهلباوي تحت مسمى أنهم تابوا من الإخوان، رغم أنهم مغموسين حتى النخاع فى فكر الإخوان، كان كمال الهلباوى يصدح أنه تبرأ من فكر الإخوان، لكنه كان يترحم على حسن البنا ناعتاً إياه بالشهيد، قبلتم هؤلاء ورفضتم فضل شاكر، لم تتعاملوا مع الظرف النفسي والاجتماعي لرجل حارب التطرف بفنه وموسيقاه وأغانيه طيلة عمره .

انظروا إلى داعش تتار العصر الذين حرموا تدريس الموسيقى والأدب فى المدارس الواقعة تحت سيطرتها ، فقد قام دواعش ليبيا بحرق الآلات الموسيقية لأنها ليست إسلامية ، وقد أعلنوا أن رجال الحسبة يقومون بإتلاف المعازف وحرق الآلات الموسيقية في درنة ، كما قامت داعش سوريا بتحريم الموسيقى وأقروا عقوبة الجلد لمن يتعامل مع الآلات الموسيقية ، كما قاموا بتحطيم كل الآلات الموسيقية الموجودة فضلاً عن عمليات المداهمة والتفتيش عن تلك الآلات بإعتبارها من أشد المنكرات ، وهو نفس النهج الذى سارت عليه داعش العراق عندما قامت بإلغاء كلية الفنون الجميلة وألغت مواد الرواية والمسرحية ،وما بين موسيقى فضل شاكر التى تبعث النور وأفكار داعش القاتلة تكون الإشكالية ، إشكالية الظلام الذى قد عشعش في نفوس هؤلاء المتطرفين ، فلفظت قلوبهم كل معنى للحب وإحساس بالجمال ، ولأنهم لا يؤمنون لا بالوطن ولا بالفن ولا بالجمال رفضوا الفن وقبلوا التطرف، ورغم كل سنوات الإنتكاسة التى عاشها فضل فى هذا الوسط المتطرف عاد لنا فضل بعد أن فهم أن قضيتهم واهية، وأن فنه هو جوهر إيمانه ، وأن كل ما عاشه مه هؤلاء الزومبى لم يكن سوى خديعة كبرى، فعاد ليقدم الصفعة الكبرى للتطرف والمتطرفين.