ريم بنّا.. ستظل بيننا

محمد حسن الصيفي

اليوم توقف قطار ريم بنا، توقف وانقطعت به السُبُل

ماذا أكتُب؟

المطربة والشاعرة والمقاتلة …؟

ريم ابنة زهيرة صباغ … ريم الرائدة .. ريم المنتصرة ؟!

أنقل اقتباسات من نفحاتها الطيبة؟

نرشح لك : بعد وفاة ريم بنا.. 18 فنانًا رحلوا بسبب “السرطان”

الحزن والألم هادر، فيضان يأخذ في وجهه كل شئ، يمضغ الأفكار، يجعل كل الكتابات غير مقدسة عنها، إلا الكتابة عن الحزن النبيل بعد الرحيل.

لماذا ريم؟

لماذا اعتصرت وأنت تقرأ الخبر؟

ماذا دهاك؟

تشعر أن موازين العالم انقلبت لبضع دقائق، اختلت الموازين وقامت العاصفة الحزينة لأن ريم وقفت في صف الحياة، اختارت الأمل والحب والكفاح والصمود، فصعقت أنت لكون رمز من رموز الحياة رحل وتركك تصارع بمفردك

الحزن ضربك ليس لأنها مطربة بصوت عظيم أو متواضع، ليس لأنها امرأة جميلة أو قبيحة، الحزن ضربك لأنها من قلائل في زمن كئيب اختارت أن تعبُر بجسدها وبنفسها للخلود عبر حبل الأمل وفضيلة الصمود، يمر الشريط ببساطة، وقبل أن يمر بالأغنيات والألحان مر بالكلمات التي تركتها لتحيا دائمًا.

البطولة ليس لكونها مطربة أو فنانة أو مشهورة، فاليوم الكل فنان ومشهور، لكن البطولة في كونها ريم بنا، بتجربة حقيقية عاصفة صارعت فيها كل الأحوال بهامة وقامة مرتفعة.

اليوم صباحًا قرأت الخبر، جاء في ذهني ما كتبت عن الحياة والأمل، ربما انسالت الدموع وتحدرت، أو حتى وقفت وتحجرت، لكن حزنًا عميقًا قاتلاً تسرب لخلجات نفسي.

ومر أغلب اليوم وأنا أفكر، وأنا أشعر بضآلة همتي وعزمي إلى جوار ريم ومن مثلها، ومن ريم انتقلت للتفكير عن الشعب الفلسطيني الذي يحيا على الأمل والروح، يأكل ويشرب ويسهر ويستمتع بالغناء ولعب كرة القدم وقراءة الشعر والروايات وإنجاب أطفال لمواجهة الاحتلال بنفس النبل.

أجاهد نفسي حتى لا ابتعد عن قدسية الحزن والذهاب للتنظير الذي أهواه ويهواني لكن لا أستطيع.

فالتنظير في حب الحياة والأمل شرف لا أنكره.

أتخيل ريم الآن وهي ترقد في مثواها الأخير، تتلقى دعوات الجميع وإشادتهم وكلماتهم ومحبتهم الطاغية، ولم لا وهي رمز للصمود وحب الحياة، امرأة صارعت السرطان فطرحته أرضًا في مناسبات وطرحها في مناسبات وانتصر أخيرًا للموت كسبب ليس أكثر، ولولا القدر وأنه مجرد سبب لا حيلة له ولا ناقة ولا جمل لتركها لنا لتكمل ما تغرسه في النفوس من جمال نادر

أظنه يبكي الآن، فلا شرف أكبر من مواجهة بطل لم تنل من عزيمته الخطوب، ولم تحركه الأزمات، فلم يكره ولم ييأس ولم يتراجع.

ريم التي أعرفه عنها مهما كثرت كلماته فهو قليل، ومهما كتبت فهو قليل، ريم التي لم تعرفني ولم تعرف الكثير من محبيها في كل أرجاء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج في حياتها.

الآن عرفتي، والآن تنهال عليك الدعوات والورود وأنت تجلسين هناك في مثواك الأخير,

ريم بنا … محبتنا إليكِ