ياسر أيوب يكتب: سمير زاهر التاسع عشر

نقلًا عن المصري اليوم

جلس كثيرون على مقعد رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم منذ أسسه جعفر باشا والى عام 1921.. كان منهم رؤساء جاءوا بالانتخاب وآخرون جاءوا بالتعيين.. رؤساء نجحوا وآخرون لم تسمح لهم الظروف بذلك.. ووسط كل هؤلاء الرؤساء الكثيرين الذين لهم الاحترام.. يبقى رؤساء أضاف كل منهم جديدا للكرة المصرية وكانت له حكايته التى يحتفظ بها كتاب تاريخ كرة القدم فى مصر.. فجعفر باشا والى هو الذى أسس أصلا هذا الاتحاد وقاد المنتخب المصرى للمركز الرابع عالميا بعد دورة أمستردام الأوليمبية عام 1928.. وحسين باشا صبرى قاد المنتخب المصرى لأول مشاركة فى المونديال عام 1934.. وعبدالعزيز سالم أسس الاتحاد الأفريقى وكان أول رئيس له ومعه فاز المنتخب المصرى بأول بطولة أمم أفريقية عام 1957.. وسمح المشير عبدالحكيم عامر كرئيس للاتحاد بأول ثورة كروية ضد الأهلى  والزمالك ففازت بالدورى العام لأول مرة أندية الترسانة والأوليمبى والإسماعيلى.

أما سمير زاهر.. الرئيس التاسع عشر للاتحاد المصرى لكرة القدم.. فكانت له أيضا نجاحاته الكثيرة والكبيرة والهائلة.. وإذا كان من السهل والشائع أيضا التوقف أمام أربع بطولات أمم أفريقية فاز بها المنتخب المصرى بقيادة سمير زاهر منها ثلاث بطولات متتالية فى حدث استثنائى لم تشهده أى دولة أو قارة أخرى فى تاريخ الكرة العالمية.. فإن النجاح الأكبر لزاهر كان بدء تطبيق الفكر الاقتصادى العالمى فى إدارة الكرة المصرية.. وسيبقى زاهر فى تاريخ الكرة المصرية هو الرئيس الأول، حين يتحدث الجميع عن الرعاية والتسويق وتحويل هذه اللعبة فى مصر إلى سلعة غالية وتحقيق الاستقلال المالى لاتحاد الكرة ليصبح مؤسسة رابحة لا تحتاج دعما ومساندة من أحد لتحقق أحلامها وطموحاتها.

وقد يبدو الآن عاديا وطبيعيا جدا هو كل وأى حديث عن رعاية وتسويق كرة القدم وحقوق وعائدات البث التليفزيونى لمبارياتها وبطولاتها.. لكنه لم يكن كذلك حين قرر سمير زاهر المغامرة وأن يقود اتحاد الكرة للخطوة الأولى على هذا الطريق الطويل ويفتح أبوابا مغلقة لم يجرؤ أحد على فتحها قبل زاهر.. فقد عاشت الكرة المصرية سنين طويلة تعتمد على أموال المراهنات التى تقوم بتوزيعها وزارة الداخلية.. وحاول محمود بدرالدين عام 1946 كسكرتير لاتحاد الكرة البحث عن حلول لينفق الاتحاد على نفسه ومسابقاته ونشاطاته.. ثم جاء سمير زاهر عام 1996.. أى بعد خمسين عاما بالضبط.. لينجح فى تحقيق هذا الحلم الذى كاد يكون مستحيلا وسط حسابات الكرة المصرية بالغة التناقضات والتعقيد.. وستبقى الكرة المصرية واتحادها ومنتخبها وأنديتها تتذكر مغامرة زاهر التى نجحت واكتملت ومعها وبعدها تغير تماما شكل كرة القدم المصرية بكل حساباتها وأحلامها وحقوقها أيضا.

وأعتقد أن زاهر يستحق الآن تكريما يليق بما قدمه للكرة المصرية.. وقد مات زاهر وكان يستحق فى حياته تكريما حقيقيا من «الكاف» بعد إنجازه غير المسبوق.. ولن يتأخر الآن هانى أبوريدة، صديق عمر زاهر، عن إعادة كل حقوق كان وسيبقى يستحقها سمير زاهر.