التسويق السياسي.. بيزنس أم صناعة وطن؟!

منار قدري (مستشار تسويق)

تعتبر الدعاية الانتخابية إحدى أهم العوامل المؤثرة في تكوين صورة عن المرشح بشكل عام، لنقل أفكاره وبرنامجه الانتخابي وشعار الحملة الانتخابية وأهدافها. والدعاية هنا دورها لا يقتصر على طباعة البوسترات واللافتات وإقامة الندوات، بل أصبح الأن لشركات العلاقات العامة دوْرًا هامًا في صناعة صورة ذهنية جيدة عن المرشح، والعمل بشكل مباشر على تطوير أسلوب الإلقاء ولغة الجسد. كما تلعب أيضًا دورًا في صياغة رسائله وخطاباته ووضعها في مضمون يتناسب مع الصورة المراد توصيلها عنه، كما تقوم أيضًا بوضع استراتيجيات لاختيار كتلة الشرائح المستهدفة ودراسة الرأي العام قبل وأثناء الحملة الانتخابية لتطوير آداء الحملة وتقييم مدى تأثيرها وتنظيم الندوات واللقاءات الجماهيرية.

نرشح لك: د.محمد فياض يكتب:هو قالك فين

لذلك يتم تطبيق 10 قواعد رئيسية وهي:

1- الإنتاج السياسي: وهي مرحلة صناعة (المنتج) أي البرنامج الانتخابي والوعود المقدمة أو الفائدة التي ستعود على الناخبين من هذا المرشح.

2- توزيع المنتج السياسي: وهو أختيار الوسائط الملائمة لتوصيل المنتج للمتلقي.

3- إدارة التكلفة: وذلك بحصول الناخب على المعلومات المتصلة بالمنتج بدون إنفاق نقود.

4- الاتصال: وتعني هذه النقطة تبسيط رسائل المرشح.

5- إدارة الأخبار والمعلومات: وتعني هذه القاعدة إدارة كافة المعلومات وإصدارها حسب توقيت معين وفقا لاستراتيجية الحملة، كما تضم هذه القاعدة أيضا أختيار عناصر إدارة وطرق حملات التسويق.

6- التمويل: وهي الميزانية المرصودة لاستمرار حملات التسويق حتى تستمر بشكل جيد وفعال.

7- إدارة الحملات الموازية وذلك يتم وفقا لاستراتيجية التسويق حيث تعمل كافة وسائل وطرق التسويق لخدمة بعضها البعض وليس عكس بعض لضمان مصداقية المرشح .

8- إدارة الترابط الداخلي: وهذه القاعدة تعد من أهم القواعد حيث لا يمكن أن تنشأ حملة ناجحة دون أن يتفق أعضاؤها على دعم رسالة المرشح وبرنامجه وافكاره.

9- المهنية والتخصص: وهذه القاعدة تعكس قدرات المرشح العلمية والمهنية وخبرته في الإدارة والتخطيط وإدارة الأزمات والمواقف السياسية والمشاركة في الحياة العامة وكل هذا لن يتحقق بدون وجود فريق ذو خبرة كبيرة تساعده في إبراز كافة هذه المهارات والقدرات وإيصالها للناخبين بصورة واضحة.

10- التدريب والتأهيل: وهنا يأتي دور تدريب وتأهيل وإعداد المرشح بشكل حقيقي وعملي على ما سيتطلب منه في المرحلة المقبلة حتى يؤدي دوره بنجاح ومصدقية ترتقي بثقة الناخبين به.

ولكن يطرأ الأن سؤال هام: هل التسويق السياسي صناعة بيزنس لشركات العلاقات العامة؟ أم صناعة وطن بفضل العلم والخبرات في تطبيق فن ترويج الأفكار والأشخاص، ووضع استراتيجيات وخطط عمل حقيقية وتدريب وتطوير شخصية معينة لتقديم منها صورة تحظى بقبول وشعبية جيدة؟ وهنا تحديدًا أعتقد أن الرد الأمثل “دونالد ترامب” لم تنجح أي شركة في إخفاء ماضيه ومواقفه وشخصيته، بداية من سخريته من السيناتور جون ماكين، وتورطه في عراك مع قناة فوكس نيوز. غير أنه قدم اعتذارًا أقل بكثير من مقطع الفيديو الذي تفاخر فيه بالتفوه بعبارات جنسية غير لائقة تجاه النساء. كما ظهر ترامب خلال المناظرات الرئاسية الثلاث بصورة تفتقر إلى الأداء المتمرس. كل هذا لم تنجح أكبر شركات العلاقات العامة في إخفائه أو تغيره خاصة في ظل وجود السوشيال ميديا وانتشار الأخبار والفضائح على نطاق واسع.

إذن لا يستطيع أحد أن يخدع الناخبين لحظة واحدة. ولكن على الجانب الأخر أستطاعت شركات العلاقات العامة أن تنجح في تنفيذ قواعد التسويق السياسي بشكل فعال، وذلك بفضل الخبراء والمتخصصين في إدارة حملة انتخابية غير تقليدية تكلفت أقل بكثير مما أنفقتهُ حملة كلينتون. حملة تعتمد على اللقاء المباشر مع الجماهير وتحديدًا الطبقة العاملة كشريحة مستهدفة وكتلة أصوات حقيقية، وسافر إلى ولايات مثل ويسكونسن وميتشيغان التي اعتبرها المراقبون بعيدة المنال. وبالفعل وصل للطبقة العاملة وبدأت المفاجئات تتوالى إذ ذهبت أصوات الناخبين في أوهايو وفلوريدا ونورث كارولينا إلى ترامب.

على صعيد أخر نجح المتخصصون في صناعة الشخصيات العامة في وضع زوجته في قالب الـ “ليدي” حيث جاءت ردود أفعال كثيرة عن اختلاف وتطور طريقتها بشكل عام عكس ما كان يعرف عنها بالسابق.