طارق الشناوي يكتب: تحديات وقيود السينما العربية في 2018

نقلا عن المصري اليوم:

يقولون الألم هواية والأمل موهبة، وأنا الآن أحاول الإمساك بخيوط الأمل، على عكس تلك النظرة المتشائمة، التى يتبناها كُثر، عندما يطلون على المشهد الثقافى العربى برمته والسينمائى تحديدا، لدى إطلالة أخرى، لا أحاكى نظرية نصف الكوب الملآن الذى يقابله بالضرورة نصف فارغ، المتشائم يكتفى بالفارغ فلا يرى غيره، نعم ليس لدينا نصف ملآن، والأمر لم يزد على رشفات نتجرعها ونحن نتابع الفيلم العربى فى عدد من المهرجانات العالمية بتواجده خارج الحدود، خاصة أن لدينا جيلا جديدا من المخرجين استطاعوا أن يحققوا نجاحات فى المهرجانات العالمية خلال السنوات الأخيرة، لم نصل قطعا إلى تخوم الطموح، ولكن بصيصا من أمل قادم أفضل قطعا من ضياع الأمل، وتلك هى فضيلة موهبة الأمل.

 

مع إطلالة العام الجديد، الذى لم يمض منه سوى أسبوعين وجهت لى وزارة الثقافة الكويتية الدعوة لتقديم بحث نحو 6 آلاف كلمة، يتناول الواقع الاقتصادى للسينما العربية التى تُعقد ضمن لقاءات مهرجان (القرين) فى دورته رقم 24، الذى بدأ فعالياته عام 1994 ليمنح الثقافة والفن الكويتى والخليجى والعربى برمته زخماً وألقاً، وسوف ألقى بعد قليل هذا البحث، والذى بين أياديكم شذرات منه، طلب القائمون على المهرجان أن نرصد السينما العربية برؤية اقتصادية تتناول مجريات السوق العربية وإلى أى مدى تستطيع فرض نفسها فى ظل قانون لا يعترف سوى بالأرقام.

نرشح لكـ: شروط نيللي كريم للمشاركة في الإعلانات

لا نستطيع أن نرصد الاقتصاد بمعزل عن التاريخ السينمائى ولا عن الفكر الذى يصطدم بمحددات رقابية وسياسية تضعها السلطة بل وتُسرف فيها أغلب دولنا العربية، الواقع الاجتماعى يفرض هو أيضا حواجز تقف كعراقيل أمام حرية السينمائى العربى، وبالطبع تختلف الدرجة فى إحكام القيود بين دولة وأخرى، كما أن المجتمع فى أحيان كثيرة لديه أيضا قواعده الصارمة، حتى بعد أن توافق الدولة، فهو يطالب بفرض مزيد من القيود وأحيانا يتهم الدولة بالتقصير، فى أداء دورها الرقابى، وبالطبع النظرة الأخلاقية بمعناها المباشر هى التى تحدد تلك الرؤية.

إلا أنه فى كل الأحوال تظل تلك العناصر تملك التأثير بقوة على اقتصاديات السينما، لا نغفل أن النظرة الدينية عند بعض المتشددين التى تُحرم الفن، بل السينما تحديدا، وبالتالى فإن النجاح فى مواجهة هذا التعنت الذى يتدثر عنوة بالدين يؤثر بإيجابية على السينما، والاستسلام لها بالتأكيد يخصم الكثير من حضورنا العربى، العديد من الدول العربية تواجه هذا التيار المتشدد فى تعاطيه مع كل الفنون، وبعضها يميل لمحاولة الوصول إلى منطقة آمنة تسعى لأقلمة هذا التيار، ولكن مع الأسف لا حلول وسط، لديكم كنموذج مصر، والتى يتجاوز عمر السينما فيها مائة عام تعانى من تلك النظرة المتحفظة فى تقبلها للأعمال الفنية، والمتحفزة أيضا فى علاقتها بالفن الذى تراه مذنبا عليه أن يُثبت أولا براءته، وكثيرا ما يجد السينمائى نفسه مطلوبا أمام النيابة للتحقيق بتهمة ازدراء الأديان، وآخر الأفلام التى نالها هذا الاتهام (الشيخ جاكسون) ولن يُصبح الأخير لأن السلاح لايزال مشهرا فى وجه الجميع.

نظرية الأوانى المستطرقة تؤثر على السينما العربية، الانتعاش السينمائى فى دولة سيؤدى حتما إلى ارتفاع المنسوب فى عدد من الدول العربية.

لن أشغلكم بأرقام تضمنها هذا البحث، الذى يشير بوضوح إلى المأزق الاقتصادى الذى تعيشه السينما العربية، وتراه مجسدا فى السينما المصرية، إلا أننى لا أزال أتشبث بشاطئ الأمل، الذى يشير إلى أن الغد العربى سيحمل رغم كل شىء ما هو أفضل.