أحمد فرغلي رضوان يكتب: الشيخ جاكسون.. من فضلك لا ترفع سقف توقعاتك

منذ الإعلان عن اسم الفيلم الجاذب جدا “الشيخ جاكسون”، والجميع في انتظاره ووصل الانتظار والشوق لأعلى درجاته تزامنا مع ما أثير حوله من جدل في اختياره ممثلا عن السينما المصرية لمسابقة الأوسكار للفيلم الأجنبي، وهنا أشير إنني لم “أرتاح” لطريقة اختيار الفيلم والتي تمت بما يوحي بوجود تكتلات سنيمائية وتغليب لرأي معين داخل اللجنة المنوط بها الاختيار، وبالفعل أصبح اسم الفيلم ملء السمع والبصر قبل عرضه بدعاية “ذكية” من شركة الإنتاج يتمناها أي فيلم.

منذ البداية أنت أمام فكرة رائعة وجديدة تصنع عملا سينمائيا جذابا بعالم مختلف وغير معتاد من الشخصيات الثرية دراميا ولا سيما شخصية البطل المضطربة نفسيا واجتماعيا، لكن تكتشف بعد وقت قليل من بداية الأحداث أن المخرج عمرو سلامة أكتفى بأن لديه فكرة براقة وجذابة ولم يبذل مجهودا في صناعة سيناريو وحوار – شارك في الكتابة مع عمر خالد – يناسب تلك الفكرة، كنت انتظر فيلما يأخذني لعالم الشيخ خالد جاكسون، بمشاعره وأحاسيسه وتفاصيل علاقاته الإنسانية بمن حوله فلم أجد سوى مشاهد متتالية وحكاية ناقصة!، أحيانا تحمل معاني ومشاعر جيدة لكنها لا تكتمل في أغلبها!

نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: الخلية.. النهاية تنقذ الفيلم!

شاهدنا البطل من خلال ثلاث مراحل عمرية أفضلها كانت مرحلة المراهقة والتي جسدها أحمد مالك، فهو ومعه ماجد الكدواني أصحاب الأداء التمثيلي الأفضل بالعمل، وهي من أفضل مراحل العمل فنيا وكان واضحا العلاقة الدرامية المؤثرة والمتوترة بين الأب والابن، ولكن في نفس الوقت لم يمنح الفيلم المساحة الكافية للبطل الأول للعمل أحمد الفيشاوي، لإبراز تفاصيل كثيرة للشخصية أغفلها سيناريو العمل للتعرف على تلك المرحلة وهي الأهم لأن معها تكون نهاية الفيلم إلى جانب أن تلك المرحلة يوجد بها التحول الصادم لشخصية الصبي الصغير المحب لموسيقى البوب مايكل جاكسون.

لم أجد إجابات كثيرة لأسئلة كانت تدور في ذهني، هل أكتفى المخرج بالفكرة البراقة ولم يشغل باله سوى بتكوين كادرات لصورة جيدة! هذا بالطبع لا يكفي لصناعة فيلم جيد بدون سيناريو محكم، ولذلك كانت هناك شبه صدمة جماهيرية بعد أن رفعوا سقف توقعاتهم لمشاهدة عمل سينمائي استثنائي ولكن! وأعتقد أن صناع العمل كان ينقصهم شيئا ما لرواية أحداث الفيلم بشكل جيد للمشاهد ربما لصعوبة الفكرة وطرحها للجمهور المصري والعربي!

أيضا كانت هناك مشاهد مهمة بالعمل لكن تنفيذها كان ضعيفا فنيا، أهمها مشهد دخول “جاكسون” وسط المصليين بينما الشيخ خالد يؤمهم، نفذ بشكل غير جيد، المفترض أن يلتفت الشيخ خالد فنفاجأ بجاكسون وسط المصليين بدلا من أن يدخل سائرا بهدوء، ذلك أفسد المفاجأة، بالمشهد المهم والمثير، التصوير كان من أبرز عناصر العمل ونجح بشكل كبير في خلق مصداقية لحالة الفيلم ومعه المونتاج أيضا، وشاهدنا كادرات أكثر من رائعة ومشاهد أيضا كانت جيدة للغاية مثل مشهد “سمكرة” سيارة الشيخ خالد، وصوتها الذي يذكره بالموسيقى التي يحن لها دائما ولكنه يحاول الهروب منها فالموسيقى تطارده مثل كوابيس عذاب القبر!

العنصر النسائي بالعمل أمينة خليل ومعها ياسمين رئيس وبسمة، كن كضيوف شرف عن طريق مشاهد معدودة وغير مؤثرة، أيضا من أبرز نقاط الضعف عدم وجود موسيقى وأغنيات مايكل جاكسون الأصلية، رغم أن الفكرة الأساسية عنه! وكان لابد لشركة الإنتاج بذل جهد للحصول على موسيقى جاكسون، أما بطل الفيلم أحمد الفيشاوي فقدم أداء جيدا في أغلبه ولكن موهبته كبيرة وكان يمكن أن يكون أداءه أفضل بكثير لو ساعده سيناريو العمل وأعطاه مساحة أكبر ومواقف أخرى.

نرشح لك: صورة: وزير سابق في العرض الخاص لـ شيخ جاكسون

معاني كثيرة لتلك الفكرة “المهمة” عن التناقض داخل النفس البشرية وتأثير البيئة الاجتماعية والثقافية لم يوضحها العمل ولماذا استسلم خالد لرغبة الخال المتشدد بأن يصبح مثله رغم وقوفه في وجه أبيه بشدة وهو صبي صغير! للأسف كانت المعالجة سطحية لفكرة “عظيمة” ترصد حال ملايين الشباب العربي في البحث عن الهوية وضياعهم وسط كثير من الأفكار المغلوطة، وبحث الكثير منهم عن كيفية المواءمة بين الهوية العربية الإسلامية والتماشي مع التطور الغربي واصطدام الثقافات ببعضها، ولكن في النهاية هي محاولة جيدة لصناعة الدراما الإنسانية عبر شاشة السينما للجيل الحالي من المخرجين المصريين.