أحمد فرغلي رضوان يكتب: فضل شاكر.. قصة حزينة تبحث عن مؤلف!

نهايته التي وصل إليها تفوق خيال المؤلفين فهو صاحب الإحساس المرهف والذي أسر قلوب محبيه في العالم العربي كواحد من أعذب الأصوات الحالية أتحدث عن المطرب “سابقا” فضل شاكر، الذي أصدر القضاء العسكري اللبناني حكما ضده بالسجن ١٥ عامًا بسبب حمله السلاح ضد الجيش اللبناني ضمن المواجهات مع أنصار جماعة “أحمد الأسير” وكانت حينها الصدمة الأولى لجماهيره  وهم يرونه يحمل السلاح ويطلق النيران في مواجهات ضد جيش وطنه! من خلال فيديو تم تداوله وقتها.

اللافت أن “فضل طوال السنوات الماضية منذ قرار اعتزاله في نهاية 2012 ظل “مرتبكا” فبعد اعتزاله وإطلاق تصريحات ما بين “سياسية” وفتاوى دينية ضد الفن يعود بعد فترة ليقول “أتمنى العودة للحياة الطبيعية” ويحاول فيما يشبه الاعتذار مغازلة جمهوره من جديد بالطبع فحياة مطاريد الجبل لا تناسبه! وبعد أن شغل كل من الدين والسياسة رأسه فيبدو أنه اصطدم بواقع أليم فلم يصبح لا زعيم سياسي أو رجل دين! تشعر أنه كان يبحث عن كلاهما عندما أخذ قرار التحول في مسيرة حياته.

كنت شاهدته قبل اعتزاله وحدوث هذه الوقعة بعدة أشهر وتحديدًا في مايو ٢٠١٢ خلال حفله الأخير بمهرجان “موازين” وتألق واطرب جمهوره كعادته وقتها أحضر نجله ليشاركه الغناء على المسرح وبنفس الحفل صعدت “يارا” بجانبه أيضًا لينهي خلافه معها بديو على المسرح أمام عشرات الآلاف من المتفرجين، رغم إنه قابلها فوق المسرح “بتحفظ” ويبدو انه كان قد بدأ طريق التحول الفكري، في تلك الليلة كان كما نقول “مزاجه رايق” وتجلى في أكثر من أغنية بصوته العذب الجميل.. ولكنه فاجأ الجميع بما فيهم المنظمين وخرج عن “النص” فبينما نحن واقفين نستمع ونستمتع بصوته الرخيم وقبل أن يبدأ أغنية جديدة وجدناه يطلب من الجمهور أن يقولوا “أمين” على ما سيردده ولبس عباءة إمام المسجد وردد “الله يدمر بشار الأسد.. الله ياخد بشار الأسد”! ليسود التوتر بين الجميع كان يقف بجانبي أحد مسؤولي المهرجان فنظر لي وضغط على شفتيه غيظا وغادر الحفل غاضبًا بعد أن أحرجهم فضل أمام الجميع على الهواء.

حينها دار حديث هامس بين الإعلاميين العرب عن أن فضل سيذهب إلى “قطر” ليعيش هناك بعد اعتزاله حيث كانت “الدوحة” نشطة جدا في تلك الفترة لاستقطاب مشاهير الفن والإعلام المعارضين وتقديم عروض سخية للإقامة، قبل تلك الواقعة كشف لي صديق من النجوم العرب أنه التقى الأمير والأميرة في مناسبة بقطر ووجد الأميرة تقول له “خذ أرقام هواتفنا” لو احتاجت أي شيء وأعتبرها بلدك الثاني ولكنه شعر بما تمهد له وقال لي بالطبع كان العرض واضحًا ولم أتصل، هكذا كانت الضغوط كبيرة ومغرية على الجميع وقتها.

سافر “فضل” واختفى كما اختفت أخباره ليظهر من خلال الفيديو الصادم وهو يحمل السلاح الآلي!؟ ويتم اتهامه بقتل جنود لبنانيين وهو ما نفاه بعد ذلك! بل وأعرب عن إمكانية تسليمه لنفسه بضمان محاكمة عادلة ولكن كيف لفنان بهذا الإحساس أن يتحول ١٨٠ درجة ويحمل السلاح ويطلق النار! فنحن نعرف أن الفنانين حينما يعتزلوا الفنانات يرتدين الحجاب ويبتعدن عن الاضواء ويتجهن للعمل الخيري والفنانين أيضا يتجهن لأعمال أخرى في صمت ولكن لم يصل حال أيا منهم لحمل السلاح والعيش مطارد ضمن جماعات مسلحة!

تقول لي فنانة عربية شهيرة “تعرفه” جاءت سيرته وأنا جالس ذات مرة معها وسألتها متعجبا.. إزاي يعمل كده!؟ فقالت لي هو طول عمره شخص “متقلب” المزاج وتفاجئك تصرفات غير متوقعة منه!

الأمر بالطبع يحتاج لتحليل كبير حول أسباب وصول فضل شاكر لهذه النهاية “المأساوية” لفنان كان ناجحًا ومحاطًا بملايين المعجبين وواضح أنه يحب فنه وكان يشغل باله تجربته الناجحة.

اللافت أنه ظهر مؤخرًا متمنيا العودة وقال في ظهور تليفزيوني “أتمنى العودة للحياة الطبيعية” وهنا يأتي سؤال مهم هل أكتشف أنه تم استغلاله ووقع في “فخ” تأثير الضغط الخارجي ومصالح تلك الجماعات وتم إقناعه بما فعل واعتزاله الغناء وتحول حياته الاجتماعية والفكرية هذا التحول الدرامي! ربما الإجابة ستكون لديه عما حدث في السنوات الماضية معه.

عقب الحكم كتب على تويتر “الذي فجر مساجد طرابلس حر طليق.. لكن من وقف بوجه بشار وقال كفى حُكم عليه بـ 15 عامًا ظلما مع الأعمال الشاقة! شكرا لعدالتكم”.

بالتأكيد عندما يجلس فضل بينه وبين نفسه سيكون هناك سؤالًاملحا “ماذا صنعت بحياتي؟ فعندما يطرح شخصا كان في مثل حاله من الشهرة والنجومية تأتيه إجابة سعيدة” بإنجازاته ومعها الحب والتقدير اللذان نالهما، أما هو فالاجابة ستأتيه بما لا يسره! وستمحي معها كل ذكريات النجاح والتألق.

نرشح لك: فضل شاكر.. رحلة صوت جميل من النجومية إلى السجن