علي حشاد يكتب: شريف عرفة كنز الكنوز

إذا كنت من هواة الأفلام البسيطة التي لا تحتاج إلى تفكير هائل، تلك التي تتكون من بعض الإفيهات أو ما يسمي “القلش” السخيف، مع راقصة شبه عارية وقصة مبتذلة، فمن المؤكد أن فيلم “الكنز: الحقيقة والخيال” لن يثير انتباهك!
 
الأسطورة تقول أن “شريف عرفة لا يخطئ أبدا”، ويشهد على ذلك أفلامه الرائعة وعودته لنا هذا العام بفيلم “الكنز “، وهو الجزء الأول في سلسلة مكونة من جزئين، تتكلم عن الصراع الدائم بين السلطة والدين والحب والضمير في ثلاثة أزمنة مختلفة، الزمن الفرعوني والعثماني وفترة الخمسينات والستينات. “فحسن” شاب مصري يعود من الخارج ليجد أن والده ترك له تسجيل مصور بأن الكنز الذي تركه له موجود بهذه القصص الثلاثة فيحاول اكتشاف العلاقة بين حتشبسوت وعلي الزيبق ووالده.
 
مؤلف هذا الفيلم هو الكاتب عبد الرحيم كمال، ذلك الرجل الذي أمتعنا بالعديد من الأعمال الدرامية الرائعة مثل “ونوس” و “الخواجة عبد القادر” و”الرحايا”” وله فيلم واحد فقط، هو “علي جنب يا سطي”.
 
يمتاز الفيلم بالعديد من المميزات، فاخيرا أصبح لدينا فيلما يحكي عن الفراعنة، فمن الغريب أن نكون أحفاد الفراعنة، وكثير من بلاد العالم قدمت أعمال فنية عن العصر الفرعوني ماعدا الفراعنة نفسهم، فمثلا المخرج الأمريكي اليكس بروياس، قد العام الماضي فيلم “آلهة مصر”، عن قصة إيزيس وأوزوريس، وحقق نجاحا باهرا في شباك التذاكر الأمريكي، فأروع ما في فيلم الكنز تقديمه لقصة “حتشبسوت” والديكور الفرعوني الخلاب، كما أن اختيار هند صبري لتأدية دور حتشبسوت اختيار موفق؛ فهي ملكة حقيقية في التمثيل!
 
الفيلم يعد طوق نجاة لمحمد سعد، ليثبت لنفسه أولا ثم للنقاد والجمهور أنه ممثل قدير، فقد جسد شخصية “بشر باشا” بمنتهى الحرفية لكن طوال مشاهدتي لهذا الدور لا أتخيل سوى الراحل خالد صالح في هذة الشخصية، فهي مزيج بين دوره في”هي فوضى” ودوره في “الريس عمر حرب”.
 
المفاجأة في هذا الفيلم هي الفنان محمد رمضان، تلك الموهبة المتحركة، والذي جمع في هذا الفيلم بين الدراما والأكشن و الرومانسية فمشاهده مع سوسن بدر كانت مؤثرة جدا ومشاهد الاكشن كانت غير مبالغ فيها، كما أحببت الكيمياء بينه و بين روبي في المشاهد الرومانسية.
 
و لا يجب أن ننسى الأداء الباهر لكل من عبد العزيز مخيون وأحمد رزق وروبي، فقد لعبوا أدوارهم بإتقان وساعدت أيضا موسيقى العبقري هشام نزية في المزج بين العصور المختلفة.
 
فيلم “الكنز” تجربة ممتعة تستحق المشاهدة ومن المؤكد أنه ظاهرة جديدة على السينما المصرية ستعيش لسنوات طويلة.