مينا عادل جيد يكتب: المضحكون الجدد (2) – أحمد أمين

يقول مارك توين: “الجنس البشري لديه سلاح فعال واحد، ألا وهو الإضحاك”.

تَذْكُر “بوستات التنمية” البشرية على “فيس بوك” قصة الإعلامي أحمد أمين كنموذج لشخص قرر أن يغير مسار حياته، فترك عمله كرئيس تحرير لإحدى المجلات، وقرر أن يسجل فيديو على “فيس بوك”، ثم نجح في أن يصبح ما يريد.

ولكن على قدر رومانسية وجمال هذه القصة التشجيعية التحميسية التي تحثك على ترك عملك وتغير مسار حياتك والذهاب نحو ما تريد من خلال تسجيل فيديو ٣٠ ثانية على فيس بوك، بالفعل قد تنجح في ذلك، ولكن السؤال الملح و”الرخم” هنا هل لو فعلت ذلك ستصبح أحمد أمين؟

تلك الموهبة المتوحشة التي تم تشريسها عبر سنوات من جوع الشهرة والانتشار، وهو يرى أمام عينه نماذج لنجوم تتصدر منافذ الكوميديا في مصر مثل شباك السينما وشاشة التليفزيون وخشبة المسرح، وهم أقل منه في الموهبة بمئات الأضعاف ولذلك قرر عندما وجد الكاميرا أن ينتقم من كل ذلك، وبالفعل انتقم “أمين” وأصبح واحدًا من أهم المضحكين الجدد الآن.

نرشح لك:  مينا عادل جيد يكتب: المضحكون الجدد (1).. الخليل كوميدي

في البداية أحمد ليس حديث عهد بالمجال الفني كما يعتقد البعض، أو كما تصوره البوستات اللطيفة على أنه “هبّت معاه في ليلة شتوية باردة أن  يكون كوميديان بكرة فبقى كوميديان بكرة”، ولكن أمين عمل قبل الشهرة في الكثير من المجلات الفنية كالتأليف والتمثيل والإخراج والصحافة وبعض الإعلانات والكثير الرسوم المتحركة.

 

أحمد أمين الممثل

يرفض أمين تصنيفه كإعلامي ويتمسك منذ البداية بلقب ممثل _وهو بالمناسبة ذكي في ذلك_، شاهدت منذ عدة أشهر لقاءً تليفزيونيًا له وهو طفل صغير بعد عرض مسرحية “يا نساء الفل” عام 1990 التي كان يشارك في بطولتها، وتعود قصة أحمد أمين الطفل الممثل مع فرقة أتيليه المسرح التابعة لكلية الفنون الجميلة، التي كان أخوه الكبير ومعه بيومي فؤاد وماجد الكدواني دفعة واحدة يشاركون في نفس الفرقة المسرحية ومعهم أحمد أمين الطفل.

 

https://www.facebook.com/336512270075062/videos/vb.336512270075062/441848516208103/?type=2&theater

 

 

أحمد أمين الكاتب

 

بعد تخرجه في كلية الفنون الجميلة عمل أمين فترة بالمسرح ثم تركه، وذهب للصحافة التي عمل بها  12 عامًا حتى أصبح رئيس تحرير مجلة “باسم” للأطفال وتركها، ثم عمل كسيناريست لمدة 14عامًا، وهو مؤلف مسلسل “بسنت ودياسطي”، ومؤلف ومشارك في إنتاج مسلسل “القبطان عزوز” والاثنين مسلسلات كرتونية كوميدية.

 

 

sit down comedy على طريقة أحمد أمين

منذ ظهور أمين في فيديوهات الـ٣٠ ثانية ومن بعدها برنامج “البريك” ثم برنامج “البلاتوه” الناجح، وهو يعتمد بشكل كبير على الإضحاك الفردي في قعدة مع شخص، وفي الغالب لا يتحدث هذا الشخص بل يومئ برأسه فقط أو يضحك ضحكًا خفيفًا في بعض الأحيان، وقد يتكلم بعض الكلمات المحدودة جدًا تعليقا على كلام و”هتش أحمد”.

 

يعتمد أسلوب “الاستاند أب كوميدي” في الإضحاك على إعطاء الجمهور حق الضحك فقط، و”هذا ما يفعله أحمد بس وهو قاعد”، ولكن شكل “السيت داون كوميدي” المتعارف عليه في العالم هو عبارة عن جلسة لأثنين مضحكين، أحدهما مذيع، يتبادلان الإيفهات والقصص المضحة فيما بينهما، وهذا ما لا يفعله أحمد.

على ما أعتقد أن أمين صنع فورمات لـ”الست داون كوميدي” على طريقته الخاصة، فورمات جديد إلى حد ما،  يتناسب مع طريقته ككوميديان له طابع خاص ومميز، فورمات “أميني” لقعدة الضحك وهو خليط بيت “الاستاند أب”، و”السيت داون” كوميدي، أو بمعنى آخر هو محاكاة لواقع شخصية المصري “أبو دم خفيف اللي بياخد القعدة كلها لحسابه”، مع فيض من الإيفيهات الذي لا ينتهي ويطلق عليه البعض “فلان قعدته حلوة” (أقصد الجلوس معه يعني حلو … ها).

إذا أردت أن تكون مضحكًا كبيرًا

إذا أردت أن تكون مضحكًا كبيرًا يجب عليك أن تركز في مادة إضحاكك دائمًا على هدف مهم، يكون مشتركًا بينك وبين الجمهور الذي تستهدفه، “يعني لو هتتكلم عن الكورة” يجب أن يكون الجمهور كله من محبي الكورة، وهذا يعني أنك لازم ولا بد وحتما “علشان تضحك الناس تعمل لهم نكت من مواقف وذكريات عاشوها زي ما إنت عشتها، فإنت كده بتوديهم حتة مجرمة في الضحك”، وهي أن تجعلهم يضحكون على نفسهم وهم يعتقدون أنهم يضحكون عليك، وهذا ما يحترفه أحمد أمين منذ بدايته الحقيقة .

 

يعرف أمين جمهوره المستهدف

يعرف “أمين” نوعية جمهوره المستهدف جيدًا ويعرف همومه وما يشغل باله، فتجده تارة يسخر من الـ HR  وينتقم لك من ذلك الرجل الذي تكرهه في أغلب الأحيان، وتارة يسخر من عيد الأم فتجد الأمهات نفسها تضحك لأمين قبل الأبناء، وعندما ينتقم للأزواج من زوجاتهم فتجدهم يضحكون معًا.

 

 

يمكننا القول أن لو التاجر الشاطر يعرف من أين تؤكل الكتف، فإن أحمد أمين يعرف جيدًا من أين تهتز الاكتاف ضحكًا على ما يقول في كل مرة، وهو بشخصيته العادية التي لا تتغير في الغالب، يضحكك حتى دون أن يلبس “كراكتر” أو يضع مكياجًا مبتذلًا مضحكًا.

يعتمد أمين دائمًا في صناعة نكتته على استخراج الضحك من التفاصيل الدقيقة لحياتنا اليومية، التي لم يتوقف عندها أحد من قبل، وعندما نتأملها معه نضحك، يطرح أمين السؤال للجمهور بشكل مضحك إلى حد ما ولكن يكمن انفجار الضحك الحقيقي عنده في الإجابات العديدة التي يقدمها في شكل اختيارات كوميدية، والتي تبدأ باختيار مضحك ثم الأكثر ضحكًا يختم في النهاية باختيار قنبلة في ضحك.

 

الدراما الكوميدية في البلاتوة

يكمن “الضحك الأميني” أيضًا في الفانتازيا الرائعة التي يقدمها في “الاسكتشات”، والتي يحرص فيها على البعد عن تقليد مشاهد أفلام ومسلسلات قديمة ومشهورة مثل ما كانت تفعل برامج أخرى تسبقهُ، ولكن تأتي “دراما أمين البلاتوهية” جديدة ومضحكة ومكتوبة بعناية وبخيالات بعيدة وذات قفلات خرافة.

الخلاصة

في رأيي أن أحمد أمين أخف ظل في وسط المضحكون الجدد الآن، وأشدهم موهبة وقبولًا وفهمًا لطبيعة الفن، يعرف أمين جمهوره جيدًا ويعرف ماذا يقدم لهم ومتى، ويعرف مصاعبهم ويقدر ذكرياتهم ويضع نفسه منهم وهمومه من همومهم وضحكه من ضحكهم لذلك يضحكنا أمين من القلب، أسلوب أحمد أمين في الضحك رباني، “هو كده، ربنا خلقه كده، بيضحك الناس وهو سايب ايده خالص”، ولكن لو تكلم أمين بيده شارحًا ما يقول فهذا أمرًا أخر يسمى “هتفطس ضحك”.

لمتابعة الكاتب على فيس بوك من هنـــــا