مينا عادل جيد يكتب: المضحكون الجدد (1).. الخليل كوميدي

في البداية سلامًا على الولد الشقي عمنا وعم الساخرين ونقيب الصعاليك، كاتبنا الساخر الكبير محمود السعدني، صاحب كتاب “المضحكون” الذي يعد أول وأهم دراسة نقدية لكوميديانات الزمن الجميل، والذي استوحيت منه فكرة سلسلة مقالات نقدية للمضحكون الجدد في الإعلام المصري الآن، وقد بدأت هذه السلسة قبل ذلك بمقال عن المضحك أكرم حسني، والآن وللأسف بين أيديكم المقال الثاني عن أحمد حسن خليل أو الخليل كوميدي؛ أصل الضحك في مصر الوسطى للدواجن والتفريخ.

يقول الخليل:

-مره ميكانيكي جاع.. أكل قطع خيار تن تررارن تن تن #الخليل_كوميدي

-ومره واحده قاسية وأختها إفريقيا تن تررارن تن تن #الخليل_كوميدي

ضحكت صح؟

إذن لماذا يُضحكنا الخليل كوميدي في بعض الأحيان؟

قبل أن نعرف الخليل كوميدي كنا جميعا نعيش نفس المأساة تقريبًا في كل شلة مع ذلك الصديق المتخصص في إلقاء النكتة البايخة أو القديمة على غرار “مرة واحد راح يشتري شاي الراجل قاله معندوش وهو عنده جوة”، “ومرة قنبلة وقعت على قهوة عملت بن”، وكنا نضحك من فرط غتاتة النكتة ولكن المهم هنا، وخليك فاكر، إننا كنا بنضحك!

وهذا يعني أن من الممكن أن يحدث ضحك من خلال نكتة قديمة وبايخة عادي جدًا، وقد يكون هذا الضحك نتيجة إلقاء جيد وجديد لنكتة قديمة، وهذا ما أستبعده تمامًا في حالة الخليل كوميدي، وقد تضحك أحيانا أخرى من شدة إيمان الملقي بمدى كوميدية نكتته مثل ما يحدث في حالة الخليل الذي يضحك بصدق على نكتته فتضحك أنت على إيمانه العنيف بخفة ظل ما يقول، أو بالبلدي بتضحك على ضحكه وخلاص أصلك هتعمل إيه؟

في الحياة الواقعية معظم الناس (غير المضحكين) لا يستطيعون إلقاء نكتة مضحكة دون أن يفقدوا تركيزهم، وفي الغالب يقدمون لحظة تفجير الضحكة في غير موضعها، وينحرفون عن المسار، ويتركون تفاصيل مهمة أو يتوهون في مسارات ضبابية متعرجة، وهذا ما يفعله الخليل كوميدي عندما يتهته، ويمهمه، ويتلعثم، وينسى حتت من النكتة اللي كلنا حافظينها أصلا وبنكملها معاه ومستنينه يخلصها، ثم تجد الخليل يقف عند نهاية النكتة وعندما لا يضحك أحد، يفضل يترجمها ويشرحها للمتلقي وهو بيضحك على ما قاله فأنت ليس أمامك سوى أن تضحك على الخليل وخلاص أصلك هتعمل إيه؟

ليس في الطبيعة بأسرها مصادر ينجم عنها الضحك، إنما مصدر الضحك كامن في الشخص المضحك. فليس هناك شيء مضحك في ذاته، إنما هي الظروف التي تحيط بالحدث أو الشخصية التي يمر بها الحدث، فإذا كان هناك خطأ ما في النطق أو في الكلام فإنه يثير الضحك ولكن يزداد الضحك قوة وتأثيرًا إذا كان المخطئ في الكلام أو النطق “مدرس اللغة العربية” أو “أستاذا جامعيا” مثلا، عندما نطبق ذلك على الخليل كوميدي فسنجد أنك تضحك على الخليل لأنه يقدم نفسه على أساس إنه كوميديان وأصل الضحك في مصر وهو يقول أشياء لا تضحك في ذاتها، ومع ذلك تضحك لأنه مقتنع ومندمج أنه بيضّحك فعلًا ومؤمن بذلك وهو في الحقيقة راجل بركة فقط لا غير.

هناك نظرية من نظريات الكوميديا تدعى “نظرية التشامخ والترفع”، ويقول “آلان دندس Alan “Dundes عنها: “الإضحاك رد فعل للمأساة، لأن النكتة تكون على حساب شخص آخر”، بل إننا نضحك عندما يهوي طفل على الأرض محدثًا دويًا، بل إننا ندافع عن ذلك الخلاص المحزن بقولنا: “إنه بارع cuts”. وهذه ليست براعة بالنسبة للطفل بصورة خاصة، والذي نفعله في الإضحاك في أغلب الأحيان هو أننا نقارن أنفسنا بأولائك الذين نعتبرهم أقل منا، بأن نسخر من ذكائهم ومكانتهم الاجتماعية وعيوبهم البدنية.

وقس على ذلك ما يحدث عند مشاهدتك للخليل كوميدي ستجد أنك تطبق نظرية التشامخ والترفع وتسخر من ذكاء الخليل الذي قد تراه يصل إلى حد العبط فتضحك عليه وخلاص أصلك هتعمل إيه؟

ولكن هل الخليل كوميدي عبيط حقًا كما يظن البعض؟

بالطبع لا، الخليل ليس عبيطا، حتى لو هو عبيط فعلا، لأن الخليل في وقت قياسي وبنكت بايخة وقديمة وبمنتهى انعدام الموهبة والتواكل وجد لهذا الأسلوب جمهورا ومتابعين بمئات الآلاف، لماذا إذن يكره العبط ويخاطر ويغير أو يطور من عبطه ويقامر بكنز متابعين لم يكن يحلم بربعه ولقاءات تلفزيونية ومشاركات في أعمال درامية لم يكن يستطيع أن يشارك بها من غير العبط؟

في النهاية الخليل كوميدي مثال حي لنظرية أن العبط رزق في بعض الأحيان تن تررارن تن تن.

الحلقة الثانية من المضحكون الجدد عن: أحمد أمين