حميدة أبو هميلة تكتب: ولم يبقَ منهم إلا يٌسرا!

لا تشبه يسرا نفسها في رمضان 2017، مثلما كانت لا تشبه نفسها أيضا قبل عام مضى، وقبل عامين وثلاثة.. “نعيمة السيدة عبد الفتاح”، فاته الكثير من لم يتابع تلك السيدة في مسلسل “الحساب يجمع”، حيث تعلّم يسرا لزملاء مهنتها من جيلها ومن أجيال سابقة وتالية كيف لا يقفون مثل الأحجار عند أدوارهم النمطية، كيف يتغيرون؟ وكيف يختارون النصوص؟ ويحترمون المشاهد ولا يجعلونه يهرب مللًا دون عودة.

لم تسجن نفسها في دور المرأة الخرافية التي تواجه العالم، أو الجميلة التي يقع الجميع تحت قدميها بمجرد النظر، أو تلك المثالية التي لا يأتيها الباطل أبدا، في الوقت الذي يقدم فيه من يحسبون أنفسهم على جيل يسرا أدوارهم هي هي كل عام، بنفس طريقة الآداء المحفوظة، حتى صرنا لا نميز أعمالهم من بعضها البعض، وكأنهم يعيدون تقديم المشاهد ذاتها بإيماءاتهم ذاتها وحتى بنفس الملابس والإكسسوارت.. ما هذا الجبروت؟، إنهم يحترفون صناعة الزهق، وابتعدوا تماما عن أهم قواعد الفن، المغامرة والتغيير.. ألا تشاهدون يسرا؟

في دورها الجديد تبدو يسرا جديدة جدا، الحقيقة أنها كانت جديدة أيضا وهي تقتل دون رحمة في دور “رحمة حليم” بمسلسل فوق مستوى الشبهات” العام الماضي، يسرا تمكنت من أن تمسك الخيط من طرفه الصحيح، لم تعد تخشى التجريب، بل أيقنت أنه وسيلة الاستمرار الأكثر احتراما، دون أن تفرض نفسها على المشاهد الذي لم يعد قادرا على تحمل المزيد من التكرار، تنفض يسرا في كل دور عن نفسها كل القديم وتبدأ من أول خطوة تخترع أسلوبا للشخصية وطريقة للكلام ومظهرا ملائما، وتفاصيل تليق بممثلة لم تضبط يوما متلبسة بأداء باهت أو كاذب، أصبحت أكثر نضجا ولم تفعل مثل غيرها وتتشبث بأن تكون الوجه الحاضر بسبب ودون سبب في كل المشاهد، تترك مساحات كبرى لتمييز الآخرين، وبالتالي تكون أعمالها دوما مليئة بأسماء لامعة ومفاجئة، والأمر يحدث هذا العام بشدة مع كثير جدا من الأسماء الشابة، وأغلبهن يمثلون أدوارهم بواقعية شديدة جدا، وصدق، وقد يكون هذا التماهي مستمدا أيضا من نعيمة التي تسكن هذا البيت المتهالك والذي لا يشبه كذلك الديكورات الكارتونية التي نشاهدها تملئ كادرات المخرجين بطول الشاشات، إذن فيحسب لها أنها تغير فريق عملها باستمرار ولا تتجمد عند مخرج بعينه أو طاقم كتابة وتمثيل محدد، ومؤخرا أثبتت تجربتها مع هاني خليفة نجاحا وتوافقا نراه على الشاشة ولا مانع من أن نراه مستقبلا أيضا طالما كل مرة هناك جديد.

بالحسابات يسرا هي الأكثر تجديدا من نجوم جيلها، هي الباقية عن جدارة وعن جهد حقيقي.. يسرا الجميلة تستحق الاحتفاء.. وأكثر.