محمد مصطفى أبو شامة يكتب: البرشامة في الدراما (1)

تابعت هذا العام دراما رمضان بشكل مختلف، حيث وفر لي الـ “SMART TV” في تجربتي الأولى (المتأخرة) معه مشاهدة مريحة عبر الـ”youtube” بدون إعلانات أو فواصل، وانقطعت تماما عن إزعاج القنوات الفضائية، إلا الإخبارية منها، وفي أوقات الضرورة، وكانت التجربة مهمة استعدت فيها حريتي في الاختيار، وأدركت معها حجم الوقت الضائع الذي تستهلكنا فيه الإعلانات، وأخيرا استمعت جدا بجودة الصورة في معظم المسلسلات، وهي تتطور بسرعة مذهلة في كل عام وتخلق مسئوليات وأعباء جديدة على صناع الدراما.

بالطبع استطعت متابعة عدد أكبر من المسلسلات وعبر شاشة (كبيرة) وليس شاشة الكمبيوتر (الصغيرة) مثل السنوات الماضية، والمشكلة التي واجهتني أنني كلما فكرت أن أكتب عن مسلسل أجد مستواه يهبط فجأة بعد الحلقة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، لهذا قررت أن أنتظر حتى العاشر من رمضان لعل الرؤية تنضج وأسجل ملاحظات موضوعية عن دراما رمضان 2017.

(1)

ثلاثة أعمال درامية وجدت فيها ضالتي، واكتملت معها متعتي بمشاهدة دراما مميزة وأداء تمثيلي راقي وهو ما جعلني أتابعها بشغف حتى الحلقة التاسعة، وربما ينضم إليها أعمال أخرى أتمكن من ملاحقة أحداثها وحلقاتها، أما المسلسلات فهي على الترتيب:

الأول: مسلسل (هذا المساء)

يغرد مخرج المسلسل تامر محسن منفردا في سماء الدراما ويخط لنفسه طريقا إبداعيا سينمائيا.. واقعيا.. تسجيليا.. يجعله يستحق لقب “عاطف الطيب” الدراما التليفزيونية، وفي ثالث أعماله بعد (بدون ذكر أسماء) و(تحت السيطرة) يستكمل مسيرته في تشريح المجتمع ويختار طبقتين متناقضتين من المجتمع، ويجعلهما يتقاطعان ويتشابكان في جو درامي ناعم تغلفه الرومانسية الصوفية وتجرحه وتمزقه فوضى العصر التي جعلت الكل عرايا بسبب التكنولوجيا الحديثة.

الثاني: مسلسل (30 يوم)

المسلسل هو مباراة رائعة في الأداء التمثيلي بين باسل خياط وآسر ياسين، خلقت جو من الإثارة والمتعة زاده نضج النجمين الذين أعتبرهما من أفضل الممثلين العرب، وساعد على التألق فكرة درامية مثيرة ومدهشة (حتى الآن)، وسيناريو جيد ومخرج يمتلك أدواته ويتقدم بهدوء.. المخرج حسام علي.

الثالث: مسلسل (لا تطفئ الشمس)

شهادتي في المسلسل “مجروحة” لأني من دراويش تامر حبيب، ورغم ذلك شعرت بارتباك ما بسبب الاختلاف الجوهري بين زمن الرواية والزمن الذي اختاره السيناريست للمسلسل، لكن عين المخرج محمد شاكر البارعة وقدراته الإبداعية المتفردة نجحت في أن تجعلني “أصالح الزمن” وأعيش زمانه، ساعده وساعدني أداء “لذيذ” من كل فريق التمثيل محمد ممدوح وأمينة خليل وأحمد مالك وريهام عبد الغفور وشيرين رضا، وكنت أتمنى أن اذكرهم جميعا لأنهم بجد ممتعين.

(2)

مسلسل (واحة الغروب) عمل خارج المنافسة التقليدية لدراما رمضان.. عمل مهم ومميز إذا تجاوزنا عما فعلته منة شلبي بإيقاع المسلسل في الحلقتين الثالثة والرابعة.. أما خالد النبوي فهو عملاق تمثيل لأول مرة أشاهده بهذا النضج، منحته خبراته الفنية المتراكمة قدرة راقية في الأداء ومنحته كاملة أبو ذكري سحرا خاصا لم تستطع أن تمنحه لكل عناصر العمل، ورغم ذلك فالنتيجة عظيمة حتى الحلقة الخامسة من المسلسل، ومن آيات العظمة في هذا المسلسل المأخوذ عن رواية الأستاذ بهاء طاهر، موسيقى تامر كروان الرائعة، وأظن أن حلقتي المسلسل الأولى والثانية من أهم وأجمل ما قدم على الشاشة عن الثورة العرابية (المظلومة).

واحتراما لهذا الجهد الكبير من صناع المسلسل قررت تأجيل مشاهدته بعيدا عن هذا الزحام والكنافة الدرامية الرمضانية لأنه يستحق مشاهدة أفضل.

(3)

دفعني مسلسل (الجماعة 2) لمتابعة مسلسل (الزيبق) بحثا عن معنى للوطنية أو فرصة للانتماء، ولكني بعد الحلقة التاسعة منه اكتشفت أني على الطريق لأصبح جاسوسا مثل محمد شاهين الذي جسد واحدًا من أسوأ أدواره على الشاشة نافسه في ذلك النمطي شريف منير، ورغم حبي لكريم عبد العزيز إلا أني أعتذر له عن متابعة (الزيبق) وأرجو أن يقبل الكبير وحيد حامد توبتي ويسمح لي باستكمال مسلسل “الجماعة 2” لعلها تكون فرصة وأقسم على المصحف والمسدس، يعني هو عبد الناصر أجدع مني.

وبعيدا عن الهزل “الجماعة 2” مجهود كبير أفسدته كتب التاريخ “المضروبة” والمزورة بفعل الإخوان، أما “الزيبق” فقد ولد بعد حسابات معقدة بهدف استنساخ موديل عصري من “رأفت الهجان” لكنه تحطم على صخرة تطبيع التسعينات وتطبيل ما بعد الألفين.

وللدراما بقية.