أندرو محسن يكتب: في الحلقة السابقة (2)

لم تعد المسلسلات التي تدور في قالب التشويق والإثارة نادرة، بل موجودة بشكل قوي في الأعوام الأخيرة، بالطبع يترواح المستوى، لكن هناك لاعبون أساسيون في كل عام في هذا الملعب، وهناك من ينضمون إليهم. في العام الحالي توجد 4 مسلسلات هي الأهم داخل إطار التشويق، وتوجد مسلسلات أخرى تدور في الإطار نفسه لكنها ممزوجة بالحركة (Action) وهذه في حلقة قادمة:

30 يوم:

حلقة أولى من أفضل الحلقات بالنظر إلى الإيقاع المشدود وإدخال المشاهد في التجربة كاملة من خلال مشهد واحد طويل، ومونتاج متوازي، كان مشهدًا موفقًا جدًا، وساعد في تميزه أداء باسل الخياط.

أداء باسل الخياط في دور “توفيق”، لافت جدًا بالطبع، شخصية لديها مشكلة نفسية واضحة تستمتع بإيذاء الآخرين، وهو يركز على هذه التفاصيل، في طريقة نطقه لبعض الكلمات ببطء، والضحكة المخيفة، والابتسامة الباردة المستفزة، كلها تفاصيل حرص على تقديمها بمهارة.

على الرغم من هذا لا يمكن إغفال اللمسة الأمريكية الواضحة في الشخصية، اختياره لموسيقى الجاز الغربية ليستمع إليها مثلًا، فكرة تعلق الشخصية المريضة بشيء ما يحبه موجودة دائمًا في الدراما الأمريكية، كالارتباط بعملة ما مثلًا، وغيرها.

ارتباط المسلسل بتجربة تستمر لـ 30 يوم، تجربة يوميًا حتى انتهاء المسلسل، نجح في تقديم وعد للمشاهد بجديد يشاهده كل يوم، بجانب الخط الخاص بمحاولة الطبيب (آسر ياسين) للإيقاع بتوفيق.

على الرغم من هذا لم يكن إيقاع الحلقة الثانية على مستوى الأولى.

الزيبق:

مسلسل جديد مأخوذ من ملفات المخابرات العامة المصرية، على الرغم من وجود عدة مسلسلات شبيهة في السنوات الأخيرة، لكن لم ينجح أي مسلسل منها في الاحتفاظ بمكانة في مكتبة المسلسلات المميزة.

بالنسبة لعمل يدور في أجواء المخابرات التي تعتمد بالأساس عى التشويق، فالبداية ليس لها أية علاقة بالتشويق أو حتى بالمخابرات، باستثناء مشهد لفتاة تتجسس على طاولة بها شخصين، لم نعرف ما علاقتهما بالأحداث.

إيقاع الحلقتين الأوليين جاء بطيئًا، طريقة عرض الشخصيات والخطوط التي تجمع بينها تليق بأي مسلسل اجتماعي تقليدي، الزوجة التي لا تنجب وتعاني بسبب هذا الأمر، البنت التي تعمل في محل ملابس وتعاني من صاحب العمل، وهكذا.

من المتفرض أن الأحداث تدور في عام 1998، لكن عدة أحداث لا يبدو أنها تمت لهذا الزمنت بصلة، منها عمل عُمر (كريم عبد العزيز) في تركيب كاميرات المراقبة داخل المنازل، وهو أمر بات منتشرًا في السنوات الخمس أو الست الأخيرة فقط، بجانب شقيقه القادم من العراق بعد غياب 7 سنوات للعمل، ما يعني أنه كان في العراق قرب عام 1991 أو 92، كان يعمل أثناء حرب الخليج!

عشم إبليس:

عندما يزداد الغموض عن حده في العمل تصبح النتيجة هي ضبابية الأحداث بالنسبة للمشاهد، هذا هو ما حدث في الحلقتين الأولتين من المسلسل.

يبدأ المسلسل مع شخصية د. مروان (عمرو يوسف) الذي لديه مشاكل مع كل المحيطين به في العمل وأسرته أيضًا، يفقد الذاكرة بسبب حادث لتبدأ أسرته في إعادة تعريفه بأنفسهم بشكل جديد، وتظهر شخصيات أخرى تحاول الاستيلاء على مذكراته.

لا نعرف سبب خلافاته مع الأسرة أو عصبيته في العمل أو ما يحيط بالشخصية يجعلها محط أنذار شخصيات أخرى، هذا الوضع لا يزيد من جرعة التشويق لكنه يبتعد بالشخصية عن جذب المشاهد.

في الحلقة الثانية، نشاهد أن مروان يبدأ في أخذ ملاحظات على غرفة ملابسه لأنها غير مرتبة طبقًا للألوان بشكل منطقي، هذه التفصيلة على سبيل المثال لو كانت ظهرت في الحلقة الأولى كانت ستجعل المشاهد يفهم أن ذكاء مروان أو قوة ملاحظته ستساعده على التغلب على المؤامرة حوله، لكن عندما ظهرت فجأة لم يكن لها التأثير نفسه.

كفر دلهاب:

تيمة الرعب نادرة جدًا في الدراما المصرية، محاولات متناثرة يمكن عدها على أصابع اليدين، ولهذا فالمسلسل لديه جاذبية خاصة، ويُحسب ليوسف الشريف رغبته في التجديد دائمًا حتى لو لم تكن النتيجة النهائية طيبة دائمًا.

مرة أخرى، الشكل العام أمريكي، حتى لو كان يدور في مصر في حقبة زمنية قديمة غير معروفة، لكن الاعتماد شبه تام على فكرة الـ “خضة” أو (Boo Type): الكاميرا تتحرك في اتجاه ليظهر فجأة الجسم المرعب ثم يختفي.

في لقطة أخرى نشاهد هند (سهر الصايغ) تخربش في الأرض بكلتا يديها بشكل مخيف، مشهد آخر أثير في أفلام الرعب الأمريكية.

على الرغم من الإنتاج الكبير إلا أنه لا يوجد اهتمام حقيقي بالتفاصيل، يمكن مشاهدة “حظاظات” عصرية في رسغ يوسف الشريف، في لقطة في الحلقة الثانية نجده يعلق لوحة للخلية العصبية التي لم تُكتشف بهذا الشكل حتى منتصف القرن الـ 19 وفي ألمانيا.

حتى الموسيقى التصويرية لعمرو إسماعيل، يُلاحظ الاعتماد على الكلمات الأجنبية في التترات بالرغم من أن المسلسل يدور في بيئة عربية تمامًا، لكن مرة أخرى نلمح التأثر بالأجواء الأمريكية.

التشويق في المسلسل مبني بإيقاع جيد حتى الآن خاصة مع ظهور شخصيتين لديهما مشكلة مع أرواح شريرة أو ما شابه، وهو ما سيزيد من نسبة الغموض بالطبع حول أي الشخصيات هي الأساس فيما يحدث في الكفر.

لقطة الحلقة السابقة:

“خلصانة بشياكة” هو أفضل مسلسل حتى الآن في تصميم الديكورات، تصميم علي حسام علي. في الصورة الأولى سنجد لقطة عامة لمعكسر الرجال والخراب الحادث فيه، في الصورة الثانية سنجد لقطة متوسطة للممثلين وخلفهم سنجد صفوف السيارات القديمة الموجودة في يسار الصورة الأولى من الأفضل.