محمد الباز يكتب: قضية هدير وازدواجية مجتمع مريض نفسيا

نقلًا عن الدستور:

لا أهتم بالانتماء السياسى لهدير، ولا يشغلني توجهها الفكرى، لن أبحث وراء قناعاتها الاجتماعية أو مستوى تدينها، فعلى ما أعرف لم يخترع أحد معيارًا لقياس التدين، لكنى أعرف أنها أصبحت رمزا لقضية اجتماعية، من شأنها أن تفضح ازدواجيتنا، وأمراضنا النفسية العصية على الفهم والمستعصية على العلاج.

هدير فتاة عشرينية، فاجأتنا بصورتها مع ابنها آدم بعد ساعات قليلة من ولادتها، تعرف هى من أبوها، لكنه لا يريد أن يعترف به، تزوجته بورق عرفى أو رسمى لا يهم، فالمهم أن بعضا من أهله وبعضا من أهلها كانوا يعرفون أمر العلاقة الزوجية بينهما، وكان كثيرون ممن يعرفونهما يشهدون على أنهما زوجين.

تعقدت العلاقة بين الزوج والزوجة كما روت هى، طلب منها زوجها لتسوية الخلافات أن تتخلص من جنينها، رفضت، فقرر عدم الاعتراف به.

نرشح لك : قصة “هدير” التي أثارت الجدل على مواقع التواصل

قصة مملة وسخيفة ومكررة، حدثت كثيرا، وستحدث أكثر على هامش العلاقات الانسانية المعقدة والمهترئة والممزقة، ولذلك لا تتعجبوا عندما تضاف أسماء جديدة إلى القائمة التى انضمت اليها هدير حديثا.

من حقك أن تدين هدير على ما فعلته، أن تغضب منها وتلعنها وتلفظها تماما، لكن ليس من حقك أن تصادر حقها فى الدفاع عن نفسها وعن طفلها، فهذا المولود لا ذنب له أنه جاء إلى عالم من الوحوش البشرية، ليس عدلا أن ينظر إليه مثلا على أنه طفل غير شرعى، فهو لم يكن صاحب قرار فى علاقة نشأت بين أبيه وأمه.

ستقولون أن مجتمعنا محافظ ومتدين، ويرفض مثل هذه العلاقات، سأتحفظ بشكل كامل على مسألة المجتمع المتحفظ والمتدين هذه، فقد ساندنا الممثلة دينا فى أزمتها مع الممثل أحمد عز، ووقفنا إلى جوار مهندسة الديكور فى قضيتها وصراعها مع الممثل أحمد الفيشاوى منذ سنوات، فهل فعلنا ذلك لأنهما من أهل الشهرة والأضواء والسطوة والنفوذ، أم لأننا كنا مقتنعين بعدالة قضيتهما؟

وإذا كنا ساندنا زينة وهند الحناوى عن قناعة، فما الذى يجعلنا نتراجع عن مساندة هدير فى قضيتها العادلة، وأقول عادلة عن قناعة؟… أقول أنا لكم: نفعل ذلك لأننا نعانى من ازدواجية حادة مقيتة قاسية لا تعرف الرحمة، ندين الضحية ومدافع عن الجلاد.

القضية حتما ستصل إلى القضاء، فالشابة التى واجهت المجتمع بصراحة وحسم وصرامة لن تتردد عن طرق كل الأبواب لتحصل على حق ولدها، ويمكن أن نترك القضاء ليقول كلمته التى ستخضع لإجراءات وتنطلق من أرضية تحقيقات وتحريات وشهود وقوانبن، لكن ونحن فى انتظار النتيجة، لا يجب أن نجلد هذه الفتاة التى أدخلت نفسها فى مطحنة مجتمع يريد أن يتطهر على جثث الضحايا الضعفاء.

ادعم هدير حتى تحصل على حقها وحق طفلها، وضع جانبا أحكامك الأخلاقية، فنحن جميعا بشكل أو بآخر ملوثون، لا أحد فينا طاهر بشكل كامل، فنحن نعيش على الأرض بكل عمارتها وسواءتها.