أحمد فرغلي رضوان يكتب : USS Indianapolis عندما يبكي الرجال !

القائد الياباني: كقائد في البحرية الامبراطورية اليابانية كان واجبي أن أقتلك، ولكن كرجل، لدي موقف آخر!
القائد الأمريكي: وأنا كنت على علم بالشحنة التي نحملها،وأنا أيضا كنت أقوم بواجبي..ولكن كرجل، لا أجد أن هناك شرفاً فيما قمت به!”ويبكي القائدان” على باب قاعة المحكمة العسكرية

unnamed-1

هي من النهايات السينمائية التي تظل في ذاكرة المشاهد ولا تستطيع بعد مشاهدة الفيلم أن تبدأ حديثك عنه إلا بها وتحديدا مع مشاهده الأخيرة والتي تدور داخل قاعة المحكمة العسكرية الأمريكية والحوار بين القائدين الأمريكي “ماكفاي” والياباني “هاشيموتو” في الحرب العالمية الثانية وهي المشاهد التي أحدثت تحول درامي أنهى الفيلم على نحو رائع بعد فترة من الملل تخللت أحداث فيلم USS Indianapolis لنيكولاس كيج،والتي تدور حول تدمير السفينة الحربية الأمريكية الشهيرة “انديانابوليس” بعد نجاحها في نقل بعض من أجزاء مكونات القنبلة الذرية وتم إغراقها عن طريق غواصة يابانية بقذفها بست طوربيدات،وبعد ذلك أنهت الولايات المتحدة الحرب بهجوم عسكري “غير أخلاقي” على اليابانيين بالقنابل الذرية،ممكن أن نقول الفيلم هو جزء من سلسلة أفلام تتعرض للسير الذاتية الحقيقية لأشخاص أمريكيين حقيقيين كانوا بالفعل أبطال لكنهم تعرضوا لمحاكمات داخل أمريكا بأعتبارهم “كبش فداء”!وتعد هذة أكبر كارثة في تاريخ البحرية الأمريكية بعد وفاة 883 من طاقمها ونجاة 317 فقطّ! والمفارقة أن الهجوم وقع بعد ثلاثة أيام من نقل “انديانابوليس” أجزاء من القنبلة الذرية لإحدى الجزر ليقوم العلماء بتجميعها واستخدامها.

هل بدأت هوليوود محاكمة التاريخ العسكري الامريكي؟!

الفيلم متوسط فنيا وإنتاجيا ولا يضاهي مستوى الأفلام العسكرية التي طالما تحدثت عن البطولات للبحرية الأمريكية في الحروب التي خاضتها مثل “بيرل هاربور” والفيلم في مجمله يمثل مفاجأة اذا إنه يعتبر محاكمة وإدانة من هوليوود ضد الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية!وهو يثير تساؤل الأن هل أصبحت هوليوود تمثل حزبا صاحب رأي بمفردها داخل الولايات المتحدة الأمريكية بعيدا عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي؟ الإجابة أقرب لنعم ،هوليوود صار لها صوتها الخاص بشأن السياسة الأمريكية في الأعوام الأخيرة،وخير مثال على ذلك أفلام مايكل مور هو ليس محسوبا على الديمقراطيين بقدر ما هو ناقد لسياستهم.

unnamed-2

النهاية كانت مثيرة وأنت تشاهد الأمريكان يعترفوا بأخطائهم في الحرب العالمية الثانية وايضاً بهزائمهم في جزء من معاركها! ولكنهم يقدمون قائد السفينة للمحاكمة “بتهمة” أنه لم ينجح في تفادي هجمات الغواصة اليابانية عن طريق قيادة السفينة “بشكل زجزاج”! والمفاجأة أن من يبرأه خصمه في الحرب القائد الياباني والذي يؤكد أستحالة ذلك لأن الغواصة كانت قريبة جدا من السفينة مما مكنه من تدميرها.

الخطوط الدرامية لشخصيات الفيلم جاءت “ضعيفة” والأحداث مليئة بالكليشيهات الدرامية المكررة!حتى قصة الحب الوحيدة في الفيلم بين أحد الجنود وفتاة أرستقراطية مرعليها المخرج “ماريو فان بيبلز” سريعا، وأستفاض بعد ذلك في مشاهد غرق السفينة “وقت الفيلم تخطى الساعتين” ومحاولة الجنود التشبث بالحياة وصراعهم مع أسماك القرش “تتذكر فيلم الفك المفترس” في كثير من مشاهده!

unnamed-3

ويعترف القائد الأمريكي للسفينة تشارلز باتلر ماكفاي في مقارنة بينهم وبين الجنود اليابنيين: نحن نريد أن نؤدي واجبنا ثم نعود لمنازلنا..لكن الرجل منهم “اليابنيين”الذي في الطائرة من الكاميكازى يعرف أنه لن يعود لمنزله..إنه في عملية إنتحارية وهو يستخدم جسده كذخيرة للتفجير!

وكان الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون قام باعفاء تشارلز مكفاي من جميع الإدانات التي وجهت اليه ورد إعتباره..ولكنه بالطبع لم يكن على قيد الحياة.

أخيرا ممكن القول أن هناك محاولات “هوليوودية” لنزع القدسية والتقديس عن النزعة العسكرية الهجومية المندفعة التي كانت هي محور السينما الأمريكية في عصور سابقة،وإعادة سرد قصص الحروب الأمريكية في القرن العشرين من جديد.