محمد عبد الرحمن يكتب: نشرة عمر طاهر

نقلا عن مجلة 7 أيام

في شهر يوليو الماضي بدأ الكاتب والشاعر عمر طاهر نشاطا جديدا عبر فيس بوك هو “النشرة” حيث يقوم يوميا –ماعدا الجمعة- في حدود التاسعة صباحا بنشر حوالي 20 “برينت سكرين” لـ “بوستات” كتبها آخرون واعتبرها صاحب “شكلها باظت” تستحق أن يطلع عليها جمهوره عبر فيس بوك وهم حوالي 400 ألف متابع.

كان من المفترض أن أتكلم هنا عن كيف ينجح عمر طاهر كل فترة في مفاجأة متابعيه وقرائه بقدرته على التجديد سواء في موضوعات مقالاته، أو محتوى كتبه أو حتى استخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا فيس بوك كونه ليس من محبي تويتر.

نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: خطر “عجينة” الأكبر

لن أتكلم عن مميزات فكرة عمر طاهر، والمجهود الكبير المبذول في إعداد هذه النشرة التي لم يكتف من خلالها بإعادة نشر الآراء المهمة واللافتة والضحكات الطازجة وإنما شارك في دعم تجارب خيرية وحملات تبرع موثقة بجانب التذكير بنجوم مصر الراحلين وغيرهم وبث أغنيات متنوعة يوميا، سأتكلم عن الظواهر السلبية التي تؤكد الأزمة التي يواجهها كل نشاط ناجح في مصر، ردود فعل تثير الدهشة من أناس بعضهم ربما ينقد وهو مقتنع بما يقول دون أن يحلل ما يكتبه جيدا ويرصد النشاط من كل جوانبه لا من الجانب الذي رآه سلبيا فقط، فيما معظمهم يعاني من أمراض التواصل الاجتماعي ويوجه سهام الغضب للنشرة ولأي نشاط “فيسبوكي” انطلاقا من قواعد أسسها بواسطة أوهامه الشخصية ثم يلزم الآخرين بأن يتقبلوها ويحترموها وهي من الأساس غير موجودة ولا يمكن الاعتراف بها.

كانت البداية مع انتقادات تقول إن على عمر طاهر أن يعيد نشر كل التغريدات التي تعجبه دون اللجوء لخيار “البرينت سكرين” وذلك حتى يستفيد صاحب البوست الأصلي، وهو أمر مستحيل عمليا لأن النشرة حتى تصدر في “بوست واحد” لا يمكن أن يحدث ذلك بدون “البرينت سكرين” كما أن من طلب ذلك مستخدم لفيس بوك لم ينقل عنه عمر طاهر شيئا، أي إنه غير متضرر ومن حق أي شخص أن يطلب من عمر عدم النقل عن حسابه الشخصي، لكن دائما هناك من يغضب لأن أحدهم قادر على الجذب والحشد وتقديم شيء إيجابي فيبحث عن ثغرة يُفسد منها –أو هكذا يتوهم- القيمة التي تقدمها النشرة، ولو كان لي أن أقترح حلا وسطا لهذه الملاحظة فهي أن يقوم عمر بعمل “تاج” لصاحب كل بوست، لكن حتى هذا الأمر قد يواجه صعوبات تقنية، أما الأطرف في هذا الاتجاه، عدم غضب أي شخص ظهر في نشرة عمر، بل يبارك له اصدقاؤه لتذهب ملاحظة المتربص إلى الوهم كما جاءت منه.

ظاهرة سلبية أخرى، هذا الجالس غاضبا على مسافة مما يحدث، يرى أن حسابه مليء بالبوستات الجيدة وأن عمر طاهر يتجاهله ويقصر نشاطه على أشخاص بعينهم، صدر من النشرة قرابة 100 نسخة بحوالي 2000 “بوست”، هل من المعقول أن عمر طاهر يعرفهم جميعا؟ وهل منطقي أن يقوم شخص واحد بالتجول في كل “البروفايلات” كي يعد نشرة لا يتقاضي عنها أجرا، جملة مستقطعة مهمة قبل أن أكمل، عمر طاهر بالتأكيد لا يحتاج أحدا للدفاع عن النشرة ولا أكتب ذلك لهذا الغرض ولكن لأنني أحاول دائما أن أستخدم العقل والمنطق في التعامل مع أي ظواهر أو ملاحظات، وأندهش جدا من غياب المنطق عن قضايا كثيرة يتداولها الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكأنهم شخصيات تعيش داخل حدود صنعوها بأنفسهم يفكرون ويقررون ويتخذون مواقف رضا أو غضب بناء على قواعدهم هم فقط.

نرشح لك: محمد عبد الرحمن يكتب: ملوك الأفورة

امتدادا لما سبق، هذا الذي يقول إن “عمر طاهر سيستخدم الأفكار لاحقا في كتاباته ولا عزاء للذين يفرحون بظهورهم في النشرة”، مرة أخرى المتكلم يُنصب نفسه نائبا عن من يظهرون في النشرة، مرة أخرى دور المراقب الناقد بسلبية يلعبه هؤلاء دون أن يصارحوا أنفسهم أمام المرآة ويتساءلون، عن عمر طاهر أو غيره من الكتاب والمبدعين الذين بدأوا في جذب الجمهور ونيل احترامهم قبل فيس بوك وكيف استمروا كذلك بعده، لماذا نجحوا في الحفاظ على هذا التواصل وابتكروا أفكارا تحقق كل هذه المتابعة وهذا الجدل؟، بينما الجيل الذي عرف الحياة من نافذة الفيس بوك وخدع نفسه بأنه الجيل “السيس” الذي أسقط نظاما ورئيسا، لا يريد أن يخرج من مرحلة “الشباب السيس” ويتعامل بنفس العقلية مع أي نشاط يجذب الانتباه، يرفضه، يعترض عليه، يشوه من يقف وراءه، دون أن يمتلك الرغبة أو القدرة على فعل أي شيء دون ذلك.