إخاء شعراوي يكتب : ماسبيرو أين وإلى أين ! (4-3)

لماذا لم يتدخل الرئيس بمواقف حاسمة بعد أخطاء ماسبيرو على مدار عامين ؟

كيف قضى “أنا مصر” على أخر محاولات التطوير ؟

تحدثنا فى المقال السابق عن أبرز محاولات الدولة لإصلاح ماسبيرو، على مدار أربع سنوات متواصلة بدأت عام 2011، وتوقفت هذه المحاولات عام 2014، وتحديد فور تولى الرئيس السيسي رئاسة الجمهورية، لم يدخل السيسى ماسبيرو مرشحا رئاسيا، فاعتقد الأغلبية أنه سيطل من شاشات اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى أول لقائاته، إلا أن المفاجأة كانت ثقيلة على الجميع، لم يتوقع أحد أن يطل الرئيس فى أكثر من مناسبة من خلال قنوات فضائية خاصة، ويتجاهل ماسبيرو الذى يعتقد العاملون به وقياداته أنه لازال “الإعلام الرسمي للدولة”.

نرشح لك :  إخاء شعراوي يكتب : ماسبيرو أين وإلى أين ! (4-2)

كنت قد نشرت مقال فى “إعلام دوت أورج” منذ فترة حمل عنوانه تسائلا صادما، وهو “هل يحتقر الرئيس ماسبيرو ؟“، لاقي المقال حينها انتقادات لاذعة من زملائى العاملين فى ماسبيرو، كما أغضب قياداته الذين تحدثوا معى حول ما نشرته غاضبين، ومؤكدين أنهم يمثلوا تليفزيون الشعب ولا يهتموا إذا كان الرئيس يتجاهلهم أم لا، قال لى أحدهم ذات مره، “السيسي هيجى يوم ويمشى لكن ماسبيرو هيفضل موجود”، لا أرغب فى الحديث عن تفاصيل هذه الجلسة، خاصة أنها جمعت بعض القيادات الذين رحلوا عم المبنى مؤخرا، ولكم أبرز ما خرجت به من هذه الجلسة أن قيادات ماسبيرو بلا استثناء، تملكتهم الثقة الكاملة فى عدم وجود جدوي من هذا المبنى، ولكنهم يثقوا فى عدم قدرة الدولة على التخلص منه بسهولة، لما يحويه من أعداد عمالة كبيرة ومديونيات كثيرة للدولة أيضا، فلا يمكن أن يتم تصفية ماسبيرو قبل انهاء تلك الأمور العالقة، لذلك يتصارع قيادات ماسبيرو ليس على إصلاح وتطوير المبنى، ولكن على البقاء فى مناصبهم حتى النهاية، فلا يخفى على أحد من الملمين بملف ماسبيرو، ما يدور فى الكواليس من صراعات وخلافات شخصية وتحالفات داخلية بين بعض القيادات، بهدف فرض السيطرة والنفوذ على مبني فى الواقع انتهى إكلينيكيا، لا يزال يلفظ أنفاسه الأخيرة وسط هجمة شرسة ومنظمة، من الإعلام الخاص، والذى بدأت الدولة فى دعم بعض كياناته الجديدة مؤخرا.

نعم لا يخفى على أحد أن الدولة أطلقت يدها فى الإعلام الخاص بشكل موسع، وبدأت دعم بعض الكيانات الإعلامية فى القطاع الخاص متجاهلة ماسبيرو، ليثبت نظام الرئيس السيسى من جديد عدم إنحيازه مطلقا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، وفقدان الثقة والقدرة على تطويره أو إصلاحه.

وبرغم المساعى الجاهدة على مدار عامين ونصف، من بعض أبناء المبنى وكبار الكتاب والصحفيين ومحاولات انهاء قانون الإعلام الموحد واصدار التشريعات الإعلامية، إلا أن كل هذه الأمور لم تنتهي حتى الأن ولم يصدر أى قانون أو تشريعات بما يخالف الدستور المصرى، وبمناسبة الحديث عن التشريعات الإعلامية والمجلس الأعلى للصحافة والإعلام، كنت قد شاهدت حلقة منذ أيام كان ضيوفها الكاتب الكبير عبدالله السيناوى والكاتب الصحفى مجدى الجلاد والإعلامى القدير حمدى الكنيسى، وأدار الإعلامى تامر أمين الحلقة حول دور الدولة والإعلام واتحاد الإذاعة والتليفزيون والقنوات الخاصة، إلا أننى فوجئت بإصرار غريب من السيناوى والجلاد والكنيسى على استنكار تجاهل السيسي والحكومة والبرلمان لمبنى ماسبيرو، ضحكت كثيرا أثناء مشاهدة الحلقة لما بها من مفاهيم مغلوطة تسيطر على أفكار كبار كتابنا، فهم حتى اليوم لم يستوعبوا رسائل السيسي وحكومته تجاه ماسبيرو، وهو ما جعلنى أتحدث حول بعض المواقف التى تبين موقف الرئيس ونظامه من هذا المبنى.

نرشح لك : إخاء شعراوي يكتب : ماسبيرو أين وإلى أين ! (4-1)

هل تذكر كم مره تعرض الرئيس السيسى للإساءة ونقد لاذع على شاشة قنوات اتحاد الإذاعة والتليفزيون، الكثير من الوقائع والأخطاء التى حدثت على شاشات ماسبيرو خلال العامين السابقين، وهنا يجب أن نجيب على الأسئلة العالقة فى الأذهان، هل غضب الرئيس من الإساءة اليه على شاشات ماسبيرو ؟، هل تدخل الرئيس فى أى موقف من هذه المواقف ؟، هل اعترض أو ثار بسبب قطع الإرسال أثناء حديثه ؟، لماذا لم يتخذ الرئيس موقفا حاسما بعد قطع البث عن ماسبيرو ؟، إجابة هذه الأسئلة تتلخص فى جملة واحدة هى “الرئيس السيسى لا يرى ماسبيرو موجودا من الأساس”، حتى أنه حينما تحدث خلال إحدى خطاباته عن أزمة انقطاع البث، كان هذا الحديث بناءا على نصيحة من أحد المقربين منه، كان الرجل يرفض الحديث وقرر أن يتجاهل الأمر، ولكن هناك من نصحه بالرد على الانتقادات الخارجية وتحديدا التى أطلقها الإخوان وقنواتهم فى الخارج لتشويه الدولة وإظهارها ضعيفة من خلال فشل إعلامها الرسمى فى السيطرة على مجريات الأمور، وفور انتهاء حديث الرئيس ورده خلال الخطاب لم يتطرق للأمر مجددا ولم يقوم بأى إجراءات حول الواقعة، بل تجاهلها وكأنها لم تكن من الأساس.

ومع وجود بعض الضغوط على النظام الحالى بهدف إقحامه فى ملف تطوير وإصلاح ماسبيرو، جرت محاولة جديدة بداية عام 2016، من خلال برنامج “أنا مصر” والذى حاولت بعض الجهات أن تطلقه بهدف إستعادة الريادة لماسبيرو، وصرفوا ملايين الجنيهات على محاولة فاشلة قبل انطلاقها، وفى غضون شهور قليلة توقف البرنامج محققا فشل لم يشهده ماسبيرو من قبل، مقارنة بالبرامج التى الأخرى التى تم إنتاجها من الخارج، ليقضى هذا المشهد على الجزء المتبقى من أمل لدى الجميع فى إستعادة ماسبيرو لريادته الإعلامية، لتبدأ المرحلة الأخيرة فى تاريخ ماسبيرو التى لا مفر منها على الإطلاق، فلا أحد قادر على إصلاح أو تطوير هذا المبنى الروتينى العقيم، ولا يوجد قدرة لدى الدولة على الإستمرار فى تحقيق خسائر مادية كبيرة بلا أى عائد من أى نوع، وهو ما سنكشف تفاصيله بالكامل فى المقال الأخير.