محمد مندور: إعلام الفيسبوك وتويتر

مع اختلاط أوضاع كثيرة في عالمنا، اصبحنا لا نستطيع تمييز الغث من السمين والخبر الكاذب من الصادق. الكثير من الشائعات اصبح مصدرها شبكات التواصل الاجتماعي والتي أصبحت مسرحاً كبيراً لتداول الأخبار وإن كانت صحيحة.

استعمال شبكات التواصل الاجتماعي بشكل عنيف في مصر بداية من عام 2010 واشتعل مع اشتعال الثورة في 2011 حتى ان بعضاَ من منتقدي الثورة أطلقوا عليها ثورة الفيسبوك واصبحت شبكات التواصل مصدراَ للمعلومات والشائعات في آن واحد.

شكل استخدام شبكات التواصل بين العامة (الجمهور) تهديداَ على الوسائل الإعلامية التقليدية من صحافة وإذاعة وتليفزيون، حيث انسحب الجمهور بشكل كبير إلى تلقي إعلامه من صفحات الفيسبوك وحسابات تويتر – يعود ذلك لفقدان المصداقية بين تلك الوسائل والمتلقي والذي هرب إلى مصدر آخر للجرعة الإعلامية- حدث ذلك وإن اختلف في مظهره في ستينيات القرن الماضي خصوصاً بعد نكسة 1967 حين انصرف الجمهور عن الإذاعات المحلية ليلقوا بثقتهم عند تردد إذاعة بي بي سي البريطانية، حيث نجحت تلك الأخيرة في استقطاب نسبة كبيرة من الجمهور العربي في ذلك الجيل والاستحواذ على ثقته المطلقة وهو نجاح استمر في المنطقة لسنوات واستثمر في اطلاق قناة تلفيزيونية من نفس المصدر وبنفس الفكر والاحتراف.

الصحف القومية والقنوات التلفيزيونية والبرامج الإذاعية أصبحت في موقع لا يحسدون عليه فهروب الجمهور منهم إلى شبكات التواصل الاجتماعي وامتلاكه لقرار المتابعة أو التجاهل، امر أدى إلى صعوبة المهمة على تلك الوسائل التقليدية فما كان منهم إلا أن اقتحموا عالم التواصل الاجتماعي. تجد العديد من الصحف تصنع لها صفحات وحسابات على الشبكة لكسب المزيد من المتابعين والقراء.

ومع استمرار معركة الانتشار الأوسع والذي يترجم في عالم شبكات التواصل بعدد المتابعين للصفحة او الحساب وكم مشاركة الأخبار التي تنشرها الوسيلة الإعلامية وبالتالي إقبال المعلنين على الإعلان في تلك الوسائل الاعلامية. صاحب ذلك ابتذال واضح في طريقة التسويق والتشويق فأصبح أي خبر عادي أو حتى تافه (خبر عاجل) أو بلغة تلك الصفحات المنسوبة للصحف عاااااااااااااجل ويليها رابط لصفحة الخبر، ويذهب القارئ ليجد أن الجبل تمخض وانتج فأراً. ولتسويق الموقع تجد من تلك الصحف أو البرامج مواقع تدعي بأن الموقع معطل لحدوث عملية سطو (يسمونها خطأً “هاكرز” فالهاكرز هم مجموعة من الأشخاص تقوم بعملية السطو على المواقع أو الحسابات البريدية) وذلك لخلق نوع من التشويق للقارئ ليرتفع عدد المترددين على الموقع بعد الإعلان عن استعادته. تماما كفنانة تشيع خبر تعرضها لأزمة قلبية ووفاتها كذباً للشهرة واستعادة الأضواء.

لابد لنا هنا من التذكير أن الكثير من الأخبار التي تنشرها المواقع أو الصحف أو البرامج التي تمتلك مواقع أو حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي تفتقد للمصداقية حيث تأتي إما بلا مصدر (مجهولة المصدر) أو أنها ليست من الأهمية بمكان بأن تنشر، وكذلك تفتد أساسيات المهنية في الصحافة فمعظمها لا يجيب على الأسئلة الخمسة الأساسية لأي خبر ينشر في الصحافة (ماذا، متى، من، لماذا، وأين؟) وبالتالي تندرج معظم ما تنشره وسائل الإعلام على صفحات التواصل الاجتماعي تحت بند نشر الشائعات ولنا في شبكة رصد أسوة سيئة.

أما عن الصفحات التابعة لبرامج أو إصدارات متخصصة من الصحف كتلك المتخصصة في الرياضة فحدث ولا حرج. فلا خبر يأتيك صحيحاً إلا نتائج المبارايات بعد انتهائها والباقي كما يقال بالعامية (بلح). وأرجوا ممن يقرأ ألا يقع في فخ المواقع الإخبارية التي تدعي أنها تذيع (بث مباشر) لتلك المباريات المعروضة حصرياً على قناة مشفرة. ففي معجمهم البث المباشر ما هو إلى وصف نصي لما حدث كما ينقلها مندوبهم الجالس في مقهى يعرض المباراة على شاشات عرض، قد يسقط منه لي الشيشة في أي وقت وتضيع منه بعض الكرات الهامة في أثناء اشتباكه مع الجرسون.

في شبكات التواصل الاجتماعي التي اصبح الجمهور فيها هو بطل المشهد أصبح هناك نجوم في مجالات متعددة، منهم الشعراء والمهرجين والحكماء والأطباء وطبعاً الخبراء الاستراتيجيين. وهناك الكثيرين من المتابعين في صمت، وآخرين المشتبكين دائماً لإبداء الرأي بمناسبة أو بدونها من أجل التواجد لا أكثر، والمتحولين في الآراء كل ساعة والمتشبثين بآرائهم حتى الموت إضافة إلى المراقبين.. نعم، لك أن تعلم بأننا مراقبون.

إقرأ ايضا

محمد مندور :الخبير..الخطير

محمد مندور: إعادة إنتاج عمرو خالد

محمد مندور: فقع مرارة
تابعونا عبر تويتر من هنا
تابعونا عبر الفيس بوك من هنا