أحمد حسين يكتب: إعلانات جمع التبرعات.. الغاية لا تبرر الوسيلة

من الملامح الرئيسية لاعلانات رمضان هي اعلانات جمع التبرعات بجميع غاياتها ، السبب بالطبع هو استغلال شهر رمضان الذي يميل الناس فيه الى فعل الخير ، وتحول الأمر الى منافسة شديدة بين المستشفيات والمؤسسات لجذب تبرعات المواطنين بشتى الوسائل ، يشترك الجميع في مخاطبة عاطفة الجمهور واظهار حاجة المستفيدين بالتبرعات ، اظهار آلامهم وضعفهم ، استخدام الدين واستغلال الأطفال والفقراء في بعض الحملات ، استخدام المشاهير … وفي هذه القراءة ساتحدث عن نقاط محددة في اعلانات التبرعات لهذا العام .

استغلال الأطفال

أصبح من الشائع استخدام الأطفال المصابين بالسرطان في اعلانات مستشفى 57357 في كل الأوضاع ، الألم والفرح والأمل وحتى الطرافة ، واستغلال الأطفال في جمع التبرعات هو معضلة أخلاقية تختلف الآراء فيها بين المؤيد والمعارض ، وجهة نظري أن استخدام الأطفال وهم في حالة المرض بشكل صريح وواضح يظهر ملامحهم وبيانات شخصية عنهم وعن ظروفهم الاجتماعية هو أمر غير اخلاقي وغير انساني أيضا ، لايختلف كثيرا عن المتسولين في الشوارع الذين يستخدمون الأطفال ، وفي حالة 57357 الغاية لاتبرر الوسيلة ، لأن الوسيلة المستخدمة لها الكثير من البدائل .

استغلال الأطفال لجمع التبرعات أمر غير اخلاقي لان فيه نوع من الإجبار لهم على تأدية الاعلان ، هل من الممكن أن يرفض طفل وأسرته أن يؤدوا اعلانا للمستشفى التي تقدم العلاج لهم بالمجان ؟ الأمر فيه استغلال واضح لحاجة المرضى وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية .

في مصر لاتوجد تشريعات واضحة تقنن استخدام الأطفال في الاعلانات التليفزيونية ، وان كان بعض القانونيين يرى أن الأمر مجرم بحكم القانون 126 لسنة 2008 الذي جرم اي استغلال للاطفال مهما كان الغرض والقانون ايضا لايعتد بموافقة الطفل أو اسرته ، لكن الأهم فيه هو أنه حظر نشر صور الطفل أو أي بيانات عنه في الحالات التي ترتبط بأوضاع صحية ، وفي حالة 57357 يضرب بهذا عرض الحائط ، ولاتوجد جهة تهتم بذلك كجهاز حماية المستهلك الذي نصب نفسه مدافعا عن اخلاق وقيم المجتمع ” من وجهة نظره ” ومنع اعلانات جهينة ودايس وبيريل ، او حتى المجلس القومي للطفولة الذي لايطالب الا بمنع اعلان الدوندو ، ولا داع لعقد مقارنة مع بعض التشريعات في دول أخرى التي تضع قيودا صارمة على استخدام الأطفال في الاعلانات بمختلف انواعها

شاهدوا هذه الصور لاستغلال الأطفال بشكل سيء في اعلانات 57357

0b59c44c-76cd-4e97-bc6b-69bb6cd065e6

6a28f107-e7c1-4505-94c5-22b39228f845

ebd47353-b55e-4660-adf3-34b3b97a5185

البدائل المتاحة كثيرة ، منها على سبيل المثال اعلان اخر لنفس المستشفى ، وهو اعلان ذكي وبسيط ولم يظهر فيه الاطفال صراحة بالوجه الا في المشهد الأخير

ومن البدائل أيضا ، النهج الذي تقوم عليه حملات مركز مجدي يعقوب ، الحملات الأكثر تأثيرا من وجهة نظري والأكثر اخلاقية وانسانية ، في هذا العام عرضت اعلانا هو الأفضل تم فيه استخدام طفلة ، لكنها ليست مصابة بمرض في القلب ، هي ممثلة وذكر ذلك في اول الاعلان ، الذي لم يحتوي على اي نص فقط مشهد تمثيلي مؤثر للغاية اوصل هدف الاعلان وانتهى بشعار الحملة ” تبرعك مش بينقذ حياة طفل ده بينقذ حياة عيلة ”

حتى عندما احتاجت المؤسسة ان تظهر حالة واقعية كانت ام الطفل هي التي تتحدث ، وظهر الطفل طوال الوقت في الخلفية او من الظهر بشكل غير واضح ، وايضا كانت حالة قد شفيت وهو ما اعطى حالة ايجابية للاعلان .

.

الحملة الاعلانية لمركز مجدي يعقوب هذا العام مبنية على استراتيجية واضحة أتمنى أن يكملوا العمل عليها ، ابرز الايجابيات فيها هي عدم استغلال الاطفال بشكل فج ، حتى في الاعلان الغنائي ” ارسم قلب ” تم حذف المشهد الذي تظهر فيه الطفلة سلمى مع السير مجدي يعقوب من النسخة المختصرة للاعلان التي تذاع الآن ، و جدير بالذكر ان مستشفى مجدي يعقوب اذاعت في رمضان هذا العام 3 اعلانات فقط مقابل 27 اعلانا تقريبا لمستشفى 57357 ! ، التي تعتمد استراتيجيتها الاعلانية على العشوائية وانتاج كل انواع الاعلانات ومخاطبة كل العواطف واستخدام كل الوسائل ، هي ذات الاستراتيجية تماما التي يستخدمها مستشفى 500500 المعهد القومي للأورام الجديد .

التأثير السلبي على المدى الطويل

اذا قدمنا حصرا للغايات التي تجمع التبرعات من أجلها سنجد النصيب الأكبر لعلاج مرض السرطان ” مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال / مستشفى 500500 لعلاج السرطان / المعهد القومي للأورام / مستشفى بهية لعلاج سرطان الثدي / مستشفى شفاء الأورمان بالصعيد ” يليها مستشفيات علاج فيروس سي ” مستشفى تحيا مصر بالاقصر / مركز الكبد المصري / بعض اعلانات بيت الزكاة والصدقات المصري ” والبقية القليلة تتنوع بين تحسين البنية التحتية والطعام والملابس .

ان العرض المستمر والمكثف لهذه الاعلانات خصوصا ذات الاثر السلبي ” ومعظمها كذلك ” يؤدي الى نتائج عكسية لدى الجمهور أولها الشعور بالملل ، واخطر النتائج العكسية هو وصول المشاهد الى درجة اللامبالاة وعدم الاهتمام ، وتصبح الاعلانات مهما لعبت على عواطف المشاهد لا تاثير لها ، الأمر أشبه بمتسول يلقاك يوميا امام العمل ويطلب منك مالا مستخدما صيغ الاستعطاف والدعاء ، ستتجاوب معه عددا من المرات وفي النهاية لن تهتم به وستتجاهله ، ” لا اقصد أن اصف المؤسسات القائمة على التبرعات بالمتسولين ” ويجب على المؤسسات القائمة على التبرعات أن تغير استراتيجاتها الدعائية ، والرسائل التي تتضمنها هذه الاعلانات ، وعدم الاعتماد على شهر رمضان بكونه ” الموسم ” لجمع التبرعات ، صحيح أن الأموال التي تجمع تمثل موردا اساسيا لعملها الذي لا نختلف على نبله لكن من الممكن توجيه بعض ” الملايين ” المنفقة على الحملات الاعلانية في التليفزيون الى نشر ثقافة ” الاستدامة ” على التبرع والتطوع للاعمال الخيرية .

هناك تاثيرات سلبية أخرى على الحالة النفسية العامة للجمهور ، تولد الشعور بالخوف من الاصابة بالأمراض ، عدم الثقة في النظام الصحي الذي هو من واجبات الحكومة ومسؤولياتها ، حالة الخوف هذه تنتقل الى الأطفال الذين يشاهدون بشكل مستمر اقرانهم في حالة ألم بسبب الأمراض .

نرشح لك

أحمد حسين يكتب: تقييم 5 حملات إعلانية جديدة

محمد عبد الرحمن يكتب: الجمهور لا يرحم

دعاء فاروق تكتب: الكماشة رقم (١) في مصر.. قناة الحياة سابقًا

شارك واختار .. ما هو المسلسل الكوميدي الذي تتابعه في رمضان؟ أضغط هنـــا

بنر الابلكيشن