محمد عبد الرحمن يكتب: شعب الفيس بوك

نقلاً عن مجلة “7 أيام”

كلما تكررت نفس العبارات والإشارات وكأنها أمور مسلم بها لا تتغير، كلما تأكد لك أنك أمام مجتمع جامد ثابت في مكانه لا يتطور، على سبيل المثال ورغم أن الدعوة لثورة يناير خرجت من الفيس بوك وانضم لها لاحقا رجل الشارع العادي، إلا أن هؤلاء الذين اعتبروا “السوشيال ميديا” شيطانا لابد من رجمه حاولوا لاحقا أن يكرسوا للتفريق ما بين ردة الفعل عبر مواقع التواصل الإجتماعي وما يقال ويتحرك في الشارع، يحدث هذا رغم أن حق التظاهر مُصادر بحكم القانون المختلف عليه منذ مطلع عام 2014، ومع ذلك تجد من يفترض أن كل “فورة غضب جديدة” هي “فيسبوكية” خالصة لا تعبر عن رجل الشارع وهو ما ينافي المنطق ويتجاهل الخبرات التي تراكمت لدي معظم المصريين في السنوات الخمس العصيبة وصولا للسنة السادسة التي بدأنها في يناير الماضي ويبدو أنها لن تكون أقل صعوبة خصوصا على المستوى الإقتصادي.

نناقش ما سبق بهدوء وواحدة واحدة كما يقول المصري البسيط، ما المنطق في القول بأن النقاش حول الموضوع الفلاني محصور فقط على مواقع التواصل الإجتماعي، هل أصحاب الحسابات الشخصية على فيس بوك لا ينزلون للشارع، جالسون فقط أمام الشاشات، هل يعلم صاحب هذا الإدعاء أن هناك 27 مليون مشترك في موقع الفيس بوك من داخل مصر، ولسنا بحاجة للتأكيد على أن أكثر من نصفهم دخلوا الموقع الأزرق بعد ثورة يناير، بالتالي لو فرضنا جدلا أن هناك نصف مليون تعليق كتبه هؤلاء حول قضية مثل “مقتل ريجيني” أو ” التنازل عن تيران وصنافير”، هل يكون من العقل التعامل مع هذه التعليقات وملايين الكلمات المكتوبة باعتبار أن أصحابها نسوها في منازلهم وعلى أجهزة الكمبيوتر والمحمول ونزلوا الشارع من دونها؟

صحيح أن هناك من المصريين قطاع كبير لازال بعيدا عن الفيس بوك وباقي مواقع التواصل، وقطاع لا يستهان به دخل إليه من باب التسلية واعادة نشر الأدعية من جهة أو للتعرف على الجنس الآخر من جهة أخرى، لكن حتى هؤلاء إما يتطورون سريعا ويعرفون الفرق بين الغث والسمين على هذا الموقع، أو ينزوون جانبا في ممرات ضيقة بعيدا عن عالم السياسة، بناء عليه لم يعد هناك مجال للتفريق بين ما يجري على فيس بوك من ردات فعل، وما يجري في الشارع إلا على مستوى وحيد هو هل ردة الفعل الغاضبة من قرار ما ستؤدي لحراك في الشارع أم أن الرأي العام قرر التعبير عن رأيه فقط بالكتابة والتعليق، خصوصا وأن التعبير عن الرأي في بعض الحالات مؤخرا أثمر انتصارات محسوبة لمستخدمي السوشيال ميديا الذين هم أيضا للتأكيد مواطنون مصريون اختاروا التعبير عن رأيهم بهذه الطريقة.

للمزيد من الكلام باستخدام المنطق ارجع لواقعتي اقالة وزيري العدل محفوظ صابر ثم أحمد الزند، ألم تكن هبات السوشيال ميديا هي السبب المباشر أيا كانت الملابسات التي قيل أنها وراء اتخاذ قرار الإستقالة أو الإقالة، ينطبق هذا أيضا على برامج توقفت ليس في مصر فقط بل في دبي، ما بين ريهام سعيد هنا والمطربة أحلام هناك، طيب لماذا تعترفون بشعب الفيس بوك في قرار إقالة وزير، وعندما يزيد الغضب لدى الشعب نفسه بسبب التنازل عن “تيران” و”صنافير” يقال أن ثورة الغضب فقط داخل جدران الفيس بوك؟

يهمل هؤلاء الذين يركزون في التقليل من هبات الغضب الإلكترونية السؤال الكاشف الذي لو أجابوا عليه لما تركوا المجال لمواقع التواصل الإجتماعي لتكون ساحات ثورة وشقاق واختلاف وتراشق بالإتهامات، في مصر قبل وبعد ثورة يناير، لاتزال بحوث الرأي العام المستقلة غائبة، وإطلاق الناس على الحقائق ضرب من ضروب المستحيل، حتى طريقة “بالونة الإختبار” توقفوا عن استخدامها، بالتالي يتركون للناس مجالا واحدا فقط للتعبير عن الرأي عبر حساباتهم الشخصية وحسابات المواقع الإخبارية، بدلا من أن يسألون الناس أولا عن رأيهم في تعيين هذا الوزير، أو تسليم هذه الجزيرة، ويطلعونهم على أسباب هذا القرار وتفاصيل تلك الخطوة، وعندما يغضب الناس يدسون فيما بينهم أصحاب الحسابات المؤجرة “اللجان الإلكترونية” ليشكلوا تيارا موازيا لم يفلح يوما في تغيير وجهة النظر الغاضبة، ربما أحبطها، أو حاصرها، لكن حصار الغضب نتائجه دائما أسوأ بكثير من تنفيسه، وكلما زاد الحصار كلما زاد الخطر ، اللهم إني قد بلغت، اللهم فأشهد .

لمتابعة الكاتب علي تويتر من هنا

لمتابعه الكاتب علي فيس بوك من هنا

اقرأ ايضًا: 

محمد عبد الرحمن يكتب: موقف شخصي عام

محمد عبد الرحمن يكتب: قلش مباشر

محمد عبد الرحمن يكتب: اجتماع عاجل لغرفة صناعة الإعلام

محمد عبد الرحمن يكتب : رسائل الرئيس العاجلة

محمد عبد الرحمن يكتب: قاموس “الداخلية”

محمد عبد الرحمن يكتب : الإعلام سلاح ..الإعلام ضحية

5 أسباب تفسر النجاح السريع لنهار جديد

النهار وريهام سعيد ..شهور الفرص الضائعة

محمد عبد الرحمن يكتب : أنا مصر و .. مداخلات الرئيس

محمد عبد الرحمن يكتب : ما خفي من أزمة خيري رمضان!

محمد عبد الرحمن يكتب : إذاعة الأغاني

محمد عبد الرحمن يكتب : مصر في 24 ساعة

 .

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا