محمد عبد الرحمن يكتب: «الإيد قصيرة» في مدينة الإنتاج الإعلامي

«العين بصيرة.. والإيد قصيرة»، تكاد كل القنوات المصرية داخل مدينة الإنتاج الإعلامي ترفع هذا الشعار خلال الأيام الأخيرة من العام الأصعب على الإطلاق فى تاريخ الإعلام الخاص فى مصر.

فى السادس من أغسطس من هذا العام كتبتُ فى فاصل وريموت مقالا بعنوان الإفلاس قادم ، وعدت له مرات تالية لمزيد من التحذير حول انهيار سيداهم السوق ويراه الجميع ولا يتحركون للحيلولة دون اكتماله.

الوضع الآن أصبح مثيرًا للأسى، قناة كبيرة تقول إنها الأولى فى المُشاهدة تعجز عن دفع كامل مرتبات موظفيها عن الشهر الماضى فتعطيهم دفعة تحت الحساب ، وقناة تعتبر الأقدم والأعرق تشهد إضرابًا من العمَّال والمهندسين يمنع خروج برامج الهواء لعدة أيام متتالية، لأن الأجور هناك متأخرة منذ أربعة أشهر وربما أكثر.

شبكة ثالثة تضطر لإغلاق بعض قنواتها بسبب عدم القدرة على سداد ديون مدينة الإنتاج و نايل سات ، شاشات أخرى تخفّض المرتبات وتستغنى عن العمالة، ومواعيد تسلّم الرواتب بالنسبة إلى كل العاملين تقريبا باتت مجهولة.

وكالعادة لا يخرج أحد ليُحاسب على ما جرى، بل تستمر التصريحات الهزلية عن خطط 2015 وبرامج يقدّمها النجوم بالملايين، بينما هناك إعلامى معروف يدين لإحدى القنوات بأكثر من مليونَى جنيه تراكمات أجره الذى لم يحصل عليه منذ ستة أشهر.

لا بد من محاسبة مَن أهدروا أموالا بلا عائد حتى وصلت القنوات الخاصة إلى هذه الأزمة، يجب أيضا نقاش تأثير ما يجرى على المدى البعيد، لأن تراجع القنوات الخاصة وانكماشها فى ظل وفاة ماسبيرو إكلينيكيا يعنى فتح الباب لقنوات غير مصرية للاستحواذ على نِسب مشاهدة مرتفعة داخل مصر.

على سبيل المثال، قبل الثورة كنا نشكو من غياب قناة إخبارية مصرية تصل إلى العالم العربى، الآن كل القنوات الإخبارية الخاصة تنكمش وتتحوَّل إلى مجرد شاشات لعرض الأخبار المتاحة أمام الجميع، وتستغنى عن الوجوه المحترفة لتخفيض النفقات. قِسْ المثال نفسه على باقى المجالات الإعلامية، ستدرك أننا أمام أزمة حقيقية تستدعى تدخلا على أعلى مستوى قبل أن يفوت الأوان.

 نقلًا عن “جريدة التحرير”

يمكنكم متابعة حساب الكاتب على تويتر من هنا 

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي فيس بوك من هنا