وليد رشاد يكتب: هوامش على دفتر الثورة (3)

وبعد وصولى للمنزل قررت ان اصعد الى احد اقاربى المقيم فى نفس العمارة ولكن فى الدور الخامس بينما شقتى فى الدور الثانى حتى اتابع عنده التلفزيون لانى كنت ما زلت فى المراحل الاخيرة من توضيب الشقة (مستغلاً توقف البرنامج الذى اعمل به) وكنت لم اتمكن من اعادة تركيب الريسيفر والتلفزيون، وكذلك صعدت عنده لاشاهد من بلكونته العالية منظر تحرك الناس من شارع شبرا ناحية ميدان الدوران، لكن على ما يبدو انهم اختفوا اوكانوا يحتفلون بانكسار الشرطة او فكر بعضهم ممن كانوا محبوسين فى شبرا طوال النهار فى التوجه الى اخوانهم فى التحرير، ولكن قريبى لم يكن من ذلك النوع المهتم بالسياسة او غيرها ويعيش فى عالمه الخاص لدرجة انه لم يكن عنده ريسيفر من الاساس !! واضطررت لسماع البيان الرسمى بفرض حظر التجوال فى التلفزيون الارضى (وهو من بداية ايام الثورة ما كنت قد توقعته كما اوضحت فى الحلقة الاولى).

وتركت قريبى فى دنياه ونزلت الى شقتى محاولاً تركيب التلفزيون والريسيفر باسرع ما يمكن حتى اننى اضطررت لتركيب الوصلة المعدنية فى السلك بنفسى لانها بسيطة وربما لا تحتاج لوجود فنى، واخيراً تحقق الحلم وفتحت قناة الجزيرة وعرفت انهم يشوشون على ارسالها على النيل سات فامنت نفسى بالوصول اليها ايضاً من القمر الاوروبى، ووقتها شاهدت على شاشة الجزيرة صيحات التحذير من المخرج “خالد يوسف” من سرقة الاثار فى المتحف المصرى عندما كنت اظن ان “خالد يوسف” ثورياً مخلصاً !! وبعدها عرفت ان هناك سلب ونهب للمحلات من البعض وعلى ما يبدو انهم اولئك البلطجية الذين خرجوا من تحت سيطرة الشرطة وانطلقوا فى الشوارع، ولكنى كنت سعيداً جداً فى تلك الليلة وبدأت اشعر انه يمكن للثورة ان تنجح خصوصاً بعد ان سمعنا خطاب “مبارك” الاول وعرفنا باقالة “حبيب العادلى” واستبعاد “احمد عز” وبداية مرحلة الترضيات والتنازلات لانى اعتقد دائماً ان انهيار اى نظام يبدأ حينما يتخلى عن رجاله.

وبعدها دارت مكالمة هامة بينى وبين صديقى المخرج الشاب والذى كنا قد اتفقنا على النزول و التحرك مع مسيرة الفنانين والاعلاميين من مسجد “مصطفى محمود” لكن انقطاع الموبايل حال دون اللقاء، وعرفت انه اشترك فى المسيرة بالفعل واكد لى انه نجا باعجوبة بعد ان اشتد ضرب الغاز واصبحت الامور خارج السيطرة، وذكر لى بصوته المبحوح من تأثير الهتافات جملته الناريخية التى ما زلت اذكرها حتى اليوم “انا عاوز اقولك يا وليد ان مصر النهاردة بتتولد من جديد”، واخبرته عن مغامراتى المحدودة فى شبرا ليؤكد لى انه عرف ان هناك مسيرة ضخمة توجهت من شبرا نحو ميدان التحرير واشاد برجولة وجدعنة شباب شبرا (ش.ش.ش)، ونمت تلك الليلة منتظراً بلهفة ما ستسفر عنه الايام القادمة لا سيما اننى كنت متفرغاً للسياسة ومتابعة الاحداث بسبب ايقاف البرنامج الذى اعمل به.

وكنت سعيداً بقناة الجزيرة واصبحت مفتوحة على التلفزيون عندى بشكل دائم، وقررت ان انزل فى ظهيرة اليوم التالى قبل انتهاء ساعات الحظر لاشترى احتياجاتى من الاكل والشراب والتسالى لكى اتمكن من متابعة الاحداث جيداً على شاشات التلفزيون، لانى لم اكن اتوقع ان اشارك فى الثورة باكثر مما فعلته يوم جمعة الغضب، وقد كان معى مبلغ من المال مخصص لسداد الفيزا فى بداية فبراير وفضلت ان احتفظ به خوفاً من توتر الاحوال وسرقة ماكينات الاموال قبل تأكد البنك من عملية الايداع من ناحية، ولانى كنت لا اعلم ماذا سيحدث فى الايام القادمة وربما يصعب التواصل مع الاقارب والاصدقاء واحتاج بشدة لوجود نقود فى المنزل من ناحية اخرى، ولكن كعادتى استيقظت متأخراً وعلى ما اتذكر كان حظر التجوال فى بدايته يبداً من الثالثة او الرابعة عصراً ونزلت من المنزل فى اللحظات الاخيرة قبل بداية الحظر متعجلاً حتى اشترى احتياجاتى لانى كنت اعتقد ان الشعب سيلتزم بالحظر كما شاهدته طفلاً فى منتصف الثمانينات، ولم اكن اعلم ان الشعب المصرى تغير كثيراً واصبح شعب مهياص ومش بيفرق معاه الحظر !!!! وفور نزولى من المنزل دارت المكالمة (التى ربما غيرت مجرى حياتى)!! فما هى هذه المكالمة ؟! ومن هو الطرف الاخر ؟؟!! هذا ما سوف نتعرف عليه فى الحلقة القادمة باذن الله !!!!

 

اقـرأ أيضـًا:

وليد رشاد يكتب : هوامش على دفتر الثورة (2) 

وليد رشاد يكتب : هوامش على دفتر الثورة (1)

وليد رشاد يكتب: كل شئ قبل 25 يناير !!!!!‎

وليد رشاد يكتب: حتى لا تتحول شرم الشيخ الى كفر الشيخ !!!!

وليد رشاد يكتب: ليالي الحلمية.. ليه؟!!

وليد رشاد يكتب: توقعت سقوط “مبارك” و”مرسي” !!!!

 .

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا