كيرلس عبد الملاك يكتب : إفلاس تعويذة محمد سعد‎

كعادة منتجي الأعمال الفنية المصرية، يبحثون عما يشتريه المواطن أو ينجذب إليه ليحصدوا الإعلانات التي دائماً ما تضخ الأموال إلى جيوبهم فيكونوا قد أتموا ما أملته عليهم ضمائرهم الجائعة إلى النجاح المالي دون النظر إلى جودة المنتج الفني، وفي ظل هذه المنظومة الطامعة إلى الجذب والكسب تنهار كل المواهب التي تعبر من خلال هؤلاء المنتجين أفراداً أو شركات كبوابات لإبراز الإبداع وتحقيق الشهرة، لتجد (المواهب) نفسها في نهاية المطاف خالية الوفاض من الإنجازات الحقيقية، لم تستفيد ولم تفيد أحداً من مواهبها التي حباها بها الله.

ماذا يريد المشاهد؟ هو السؤال الذي يشغل بال كل منتج ناجح “رأسمالياً”، وهو نفس السؤال الذي تنهار أمامه كل القيم، والأخلاقيات، والزمم، والمبادئ الإبداعية لتصير بالنسبة لهم في لحظات عبارة عن خرَف فكري لا نتيجة له ولا طائل منه، ما يحوَل الفنون إلى الانحراف اللفظي والبصري لجذب أكبر قدر من المشاهدين كهدف أصيل لها.

محمد سعد من بين مواهب مصرية كثيرة أثبت قدرته على صناعة شخصيات سينمائية كوميدية من وحي خياله فكان لنفسه مخرجاً ومؤلفاً في كثير من أعماله، لكن هذه القدرة استغلت أسوأ استغلال ممكن من قبل المنتجين عن طريق التكرار غير المجدي، وحشر هذه الشخصيات المختلقة في قوالب مبتذلة لتصل إلى المشاهدين مشوهة تملأ أنفاسهم بالضحك كما تملأ عقولهم بالتفاهات والسطحية، وآخر هذه التجارب المفلسة برنامجه “وش السعد” الذي يقدمه على قناة mbc، فهو لا يخرج عن كونه محاولة لصناعة المحتوى الكوميدي من أي شئ كان.

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نخلي مسؤولية الممثل عن محتوى أعماله، لكننا أيضاً نظلمه إذا ما وجهنا له نقداً دون أن نعي الوضع الفني المتدهور في مصر الذي يجبر الممثل على الرضوخ للمحتوى الهابط لكي يتواجد على الساحة الفنية، أو ليحصل على دخل دوري من إبداعه، هذه الأزمة الحقيقية دفعت الكثير من الممثلين إلى الانقطاع عن الساحة الفنية، من أبرزهم الراحل ممدوح عبد العليم الذي منعه الموت من العودة إلى الماضي باستكمال مسلسله القديم ليالي الحلمية.

حان الوقت لوقفة حاسمة تبني وعياً إنتاجياً حقيقياً للفن لكي يستطيع الممثل المصري أن يعيد حساباته ليقدم إبداعاً هادفاً خالياً من الابتذال يساهم في تعزيز المعرفة والمشاعر الإنسانية الراقية، لأن السينما والتليفزيون والمسرح مصادر مباشرة لتوجيه المجتمع إلى سبل التفكير والشعور، فإذا وجهته للرقي ارتقى وإذا وجهته للابتذال ابتذل.

اقـرأ أيـضـًا:

كيرلس عبد الملاك يكتب: الشهرة على طريقة إسلام جاويش

كيرلس عبد الملاك يكتب: يناير.. الثورة الساذجة

كيرلس عبد الملاك يكتب: المسيحيون الدواعش

كيرلس عبد الملاك يكتب: الأقباط وإسلام بحيري!

كيرلس عبد الملاك يكتب: ماذا يقدم التليفزيون المصري للأقباط في أعيادهم؟ 

كيرلس عبد الملاك يكتب : الإعلام القبطي يسقط في مستنقع السياسة

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا