بعد انتهاء النصف الأول من الموسم الرمضاني.. تساؤلات بلا إجابة

بعد انتهاء عرض مسلسلات الـ 15 حلقة خلال النصف الأول من الموسم الرمضاني الحالي، تركت ورائها العديد من التساؤلات حول أحداثها الدرامية التي اتفقت في كثيرٍ من الأحيان على ضرورة أن يكون بطل العمل بطلًا خارقًا لا يقف أمامه شيء، علاوةً على الحكم والمواعظ التي اشتركت أغلب الحلقات الأخيرة على تلقينها للجمهور بالملعقة.

وعلى الرغم من نجاح عدد لا بأس به من الأعمال الفنية، وإشادة الجمهور بأداء الفنانين، إلا أن أحداث بعض الأعمال الأخرى كانت محط الكثير من التساؤلات، أهمها كيف تصدرت كل تلك المسلسلات التريند على منصات مواقع التواصل الاجتماعي؟ ولكن بالطبع هذا سؤال لا إجابة له، مثله كمثل كافة الأسئلة التالية.

هل يجب على بطل العمل أن يكون بطلًا خارقًا؟

من المعروف أن الأبطال الخارقين يظهرون فقط في أعمال الخيال العلمي والكارتون، ولكن بعد متابعة عدد من مسلسلات الموسم الحالي، فقد اتفق أغلب صُناع الأعمال الدرامية والمؤلفين على تقديم سمة أساسية ومشتركة بين أبطالهم، وهي سمة الشجاعة المتناهية والبطولة المفرطة، أو بمعنى أدق فالبطل لا يُقهر، لا يموت، لا يستطيع أي شخص أن يقف أمامه ويُجابه قوته وجبروته وقدراته المهولة على تحقيق كل وأي شيء يُريده.

علاوةً على الظلم، فيجب أن يُظلم البطل من كل الأشخاص من حوله، ليعود بشخصية جديدة حديدية، لا يقوى أحد على مُجابهتها، يعود عازم على الانتقام وفجأة ودون مقدمات تُسخر كل الوسائل والطرق لتنفيذ خطته الموضوعة بإحكام شديد، فكل أزمة يمر بها لها حل، وكل خطة تُرسم للإيقاع به مكشوفة، ومهما حاول الجميع الفتك به لن يتمكنوا، فالبطل هُنا دائمًا وأبدًا لن يُقهر.

لماذا يُمثل أبناء الفنانين؟

قيل قديمًا إن "ابن الوز عوام"، وهذا بالفعل شيء منطقي وطبيعي وبديهي أيضًا، فابن الإنسان إنسانًا هو الآخر، ولكن اختلط الأمر عند بعض الأشخاص، فالسباحة هُنا هي طبيعة خلقها الله في الأوز ومن المنطقي أن يُصبح أبناؤهم مثلهم، فهي طبيعة وليست مهنة، لذلك، فالإنسان الطبيب ليس من الضرورة أن يُصبح ابنه طبيبًا مثله، فهي ليست صفة تُورث في الجينات وإنما مهنة، وبالمثل أيضًا في التمثيل.

ظن البعض أن الموهبة تتوارث من الآباء للأبناء، ولهذا السبب اعتبر البعض أن تواجد أبناء الفنانين على الشاشات أمر واقع، وإحقاقًا للحق فالكثير منهم أخذ موهبة الأب أو الأم بالفعل والأمثلة الناجحة كثيرة، ولكن لأن التمثيل موهبة لا تورث، فيجب الأخذ في الاعتبار أن الزج بأبناء الفنانين إلى الساحة الفنية لمجرد حملهم لألقاب عائلات فنية، ما هو إلى ظلم للعمل نفسه في الأول والآخير.

ما حُكم تحدث البطل دون قافية؟

وكما اتفق بعض صُناع الأعمال الفنية على رداء البطل الخارق لأبطال أعمالهم، اتفقوا أيضًا على إلغاء طريقة الحديث الاعتيادية، وبدلوا الكلمات العادية بأخرى ذات سجعٍ وقافية، ليستمع المُشاهد إلى حوار الأبطال بلحن موسيقي واحد، والحقيقة أن السبب وراء ذلك مجهول حتى الآن.

ففي بداية الأمر، اقتصرت الكلمات المسجوعة على الأشخاص في المناطق الشعبية، وبعد انتشار اقتباسات من تلك الحوارات على مواقع التواصل الاجتماعي، صارت شيئًا اعتياديًا في أغلب المشاهد، ولم تعُد مقتصرة على فئة بعينها، فكل الأشخاص يُمكن التحدث هكذا دون أي مُبرر، وأصبح لا مكان للكلمات الطبيعية.

هل الابتسامة الواسعة من متطلبات دور البطل "الطيب"؟

تميز البطل في الأعمال الفنية قديمًا، بمظهره وهيئته وملابسه الملائمة للشخصية التي يُقدمها، وكان لكل موقفٍ يمُر به ردة فعل مُعينة يُعبر بها عنه، ولكن الآن أصبحت الابتسامة الواسعة هي السمة الأساسية والمُلازمة للبطل، فلكي يبدو شخص جيد ويُحبه الجميع، يجب ألا تهبط وجنتاه أبدًا، لتظل الابتسامة الحنونة على وجهه دومًا، في دلالة على قلبه الأبيض وحُسن طباعه.

هل يتطلب التمثيل دائمًا الصوت المرتفع؟

لم يعُد التمثيل صعبًا كما كان من قبل، فلماذا تبحث عن أداء مُعين؟ فالحزن والغضب والسعادة وكل وأي شيء يُمكن أن يخطر على بالك، يُمكنك أن تُعبر عنه من خلال الصوت المرتفع، علاوةً على نظرة العين المُحدقة.. فهذا هو النهج الذي سار عليه والتزم به فئة لا بأس بها من الفنانين، ظنًا منهم أن كل أدوات الممثل اقتصرت على نبرة صوته.

متى تغير مثل "خذ الحكمة من أفواه المجانين" وأصبح "من أفواه الأبطال"؟

ذكرنا في النقاط السابقة أن البطل لا يتحدث إلا بسجعٍ وقافية، وفوق هذا لا يُمكنه أيضًا أن يتحدث هكذا دون جدوى، فكل كلمة تخرج من بين شفتيه يُمكن أن نأخذها كحكمة ودرس في الحياة.

لذا، لا تنسى إحضار دفتر وقلم وتضعهم بجوارك عند مشاهدتك التلفاز، لتُدون حكمًا قد لا تجدها مرة أخرى، أو تمهل قليلًا، فإن فاتتك حكمة هذا البطل، فتستطيع مشاهدة عمل آخر لتحصل على حِكم أخرى من أبطاله.

فأنت لا تُشاهد عملًا فنيًا عاديًا، وإنما درس وعظة لحياتك المستقبلية.

نرشح لك: أفلام عيد الفطر 2024