أحمد عبد العليم قاسم يكتب: الصقر 50 لجيل الذكاء الاصطناعي!

أكاد لا أصدق أن العمر قد بلغ يوبيله الذهبي مع نصر أكتوبر العظيم، رقم 50 يتألق على الشاشات كما تفعلها القنوات كل عام احتفاء بفخر لا يضاهيه فخر، بطولات لألاف المصريين لم نعرف منها الكثير، فالأبطال لا حصر لهم والنصر سبقه ذكاء حقيقي وليس اصطناعي، تخطيط عسكري وإيمان لا يتزعزع بأن النصر قادم لا محالة فهي (ريمونتادا) بلغة كرة القدم، عندما تكون خاسرا ثم تتحول الخسارة إلى نصر تتحاكي به الأجيال.

من 50 سنة حضرت نصر أكتوبر العظيم 1973 صحيح عمري كان 3 شهور وولدت تحديدا قبل السادس من أكتوبر بـ63 يوما، في الخامس من يوليو عام 1973 وجدي العزيز (محمد عبد الرحمن) الذي لم يحصل على شهادة عُليا لكنه كان السبب الأول في وصولي لمحبة الثقافة والقراءة في كل المجالات، لما لا وهو يعمل في الهيئة العامة للكتاب والتي قرأ كل ما أتيح له من كتب فيها لذلك استخدم أدواته المبهرة في الحكي وكان يشرح لي عظمة جنودنا وكيف أن الطائرات والصواريخ تدمر مواقعهم وتدمر خط بارليف، ولا أنسى طريقة شرحه المبهجة وهو يقول الطائرات كانت "بتطلع فوق وبعدين تروح نازلة على الهدف مدمراه دوم دوم دوم فيجعلني ابتسم".

من محاسن الصدف أنني أحتفل كل عام بنفس الرقم الذي نحتفل به بالنصر العظيم، وبالتالي أنا 50 سنة في الذكرى 50، وأشعر أنه فأل جميل جدا خاصة مع تصميم القوات المسلحة لكل سنة. الصورة المرفقة تم تصويرها 1995 أيام التجنيد جندي مجند أحمد عبد العليم قاسم في الجيش العظيم مركز تدريب قويسنا ثم إلحاق بقيادة قوات حرس الحدود، ولا أنسى وقتها الشاويش الذي يشبه الشاويش عطية "اللي كل ما يقوله أصدقائي المجندين إني كنت أيام الجامعة مساعد مخرج يقولي وكنت بتعمل إيه يعني بوجي وطمطم!"، عندما أحكي للأجيال الجديدة أبدأ من وعد بلفور حتى يومنا هذا.

أحمد عبد العليم قاسم

أحمد عبد العليم قاسم

الجديد لدي تلك السنة أن الصدف جمعتني في ندوة عن الإسكندرية الحبيبة ولا علاقة لها بأكتوبر بسيدة تجلس في الصفوف تقدمت لعمل مداخلة وإذا بنا جميعا ننصت لها بكل شغف ثم يزداد الشغف عندما عرفنا أنها ابنة أحد شهداء الدفاع الجوي استشهد في 18 أكتوبر 1973، ورغم أنها كانت وقتها بعمر الـ6 سنوات إلا أنها عاشت نصف قرن من الزمان تبحر في رحلة (الصقر) أحمد حسن، ذلك الرجل الذي أحبه الجميع وأسقط طائرتين بصاروخ واحد وكان أحد أبطال ملحمة الدفاع الجوي والذين أقسموا أن ما حدث في 67 لن يتكرر في 73 ونفذوا بكل بسالة مهمة كبرى كانت من أهم عوامل النصر العظيم، رغم أن عيد الدفاع الجوي الـ 53 احتفلنا به هذا العام وهو يسبق نصر أكتوبر بـ3 سنوات عندما نجحنا في إسقاط الفانتوم 30 يونيو 1970، تلك السيدة هي الأستاذة نهلة أحمد حسن طاقة لا تتبدد في الحكي والإبهار عن بطولة أبيها وكل أبطال حرب أكتوبر الذين أكد لي المؤرخ والكاتب الصحفي محمد شاهين أنهم لا يزال منهم من هم على قيد الحياة، آلاف الأبطال لديهم آلاف القصص المملوءة بالفخر.

أحمد عبد العليم قاسمأحمد عبد العليم قاسم

ما يشغلني حقا هو كيف يصل هذا الشعور العظيم لجيل الذكاء الاصطناعي مع قلة المواد الدرامية التي تناولت هذه العظمة، فكما كسر فيلم (الممر) كل القواعد السينمائية واحتل شباك التذاكر لأول مرة بفيلم وطني، لا زلنا نتمنى المزيد ولا زلت أرى أن هناك من يستطيعون صناعة مواد معلوماتية على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "القصة وما فيها" لريهام عياد وغيرها مع مراجعتها بالطبع مع الشؤون المعنوية لتخرج بمنتهى الدقة وتصل لجيل وراء جيل مهما اختلفت الوسائط.

أحمد عبد العليم قاسمأحمد عبد العليم قاسم

أختم مقالي بكلمات الشاعر السكندري أحمد قدري الذي انفعل برواية مدام نهلة قائلا:

الصقر أحمد حسن

كان شهم وكان جريء

عزمه سبق الزمن

واختار أصعب طريق

قال مصر بأعلى صوت

توصل كل البيوت

والحق صعب يموت

جوه القلب الجريء

الأم حلمت بالولد

أنه شهيد لأجل الوطن

حارب وجاب حق البلد

وحياته كانت التمن

من يومه شال المسؤولية

يحسب لكل خطوة جاية

عشق النضال هو القضية

والحلم نور وسط المحن

أحمد حسن لو مات

عايش جوه القلوب

يتغنى في الحكايات

ويلف على الدروب

ويفوت على كل باب

يسأل على الأحباب

يشرق مع شمس طالعة

ويبات في حضن غروب