في اليوبيل الذهبي لـ حرب أكتوبر.. تعرف على أبرز معارك الجيش المصري ضد العدو

على مدار أكثر من 20 يوما، خاض الجيش المصري بكافة عناصره وجنوده، معارك حرب أكتوبر 1973 المجيدة، حرب بدأ بعبور خط بارليف أسطورة العدو التي أزالها المصريون ببسالتهم مستخدمين قوة دفع المياه، وانتهت بإجبار العدو على الاستسلام ووقف إطلاق النار.

بطولات وتضحيات قدمها جنودنا من القوات المسلحة وأبناء الشعب المصري، لتحرير البلاد بشكل كامل من العدو المحتل، الذي اغتصب جزءا غاليا من أرض مصر. كلفتهم أرواحهم في بعض الأحيان، ولا زالت قصص هؤلاء الأبطال شاهدة على جرائم العدو الإسرائيلي في حق شهدائنا وأرضنا.

واحتفالا بمرور 50 عاما على انتصارات أكتوبر، نستعرض في إعلام دوت كوم، مجموعة من أبرز المعارك التي وقعت خلال فترة حرب أكتوبر، توثق بطولات وتضحيات الشعب المصري:

أبو عـطوة

دارت المعركة في 22 أكتوبر في محافظة الإسماعيلية بقرية "أبو عطوة" وقعت المعركة والتي تعد أشد معارك الدبابات التي خاضها الجيش المصري ضد جيش العدو الإسرائيلي. إذ تصدت دبابات الجيش المصري لمحاولة العدو الوصول إلى منطقة أبو عطوة التي تحتوي على تل مرتفع حتى يتمكن من ضرب محافظة الإسماعيلية.

خاض أبطال قوات الصاعقة معركة قوية تصدوا فيها لقوات القائد الإسرائيلي آرئيل شارون، وحاولت نحو 300 دبابة إسرائيلية اقتحام القرية واحتلال الإسماعيلية واعتدوا على السكان المدنيين في فايد وعدة مناطق في المدينة. إلا أن قوات الجيش المصري نفذت كمينا لقوات العدو بعد أن كان على بعد دقائق من المدينة وانقضوا عليهم. واستطاع جنود المجموعة "139 قتال" أن يهزموا الدبابات الإسرائيلية، بسلاح قاذفات الـ "آر بي جي 7". واستطاعت الحصول على مجموعة كبيرة من دبابات العدو في المعركة.

كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد كرم أبطال معركة أبو عطوة العام الماضي، خلال ندوة تثقيفية عقدتها القوات المسلحة للاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر. كما تم إنشاء متحف لـ دبابات أبو عطوة يقع بالقرب من طريق السويس - الإسماعيلية في قرية "أبو عطوة"، وتم إنشاء المتحف عام 1975 لعرض الدبابات التي تم أسرها من الجيش المصري، ويضم المتحف 7 دبابات مختلفة، بالإضافة إلى نصب تذكاري مدون عليه العديد من أسماء الشهداء من الجنود والضباط والمدنيين المصريين الذين استشهدوا في المعارك.




حصن بودابست

حصن بودابست، يقع بالقرب من منطقة بورفؤاد، وكان منطقة حصينة بشكل طبيعي حيث تحيط به المياه من كافة الجهات، سيطر عليها قوات الجيش الإسرائيلي في أعقاب حرب 1967.

وفي ظهر يوم السادس من أكتوبر، تمكنت قوات الكوماندوز المصرية من عزل الموقع من ناحية الشرق وتركت ممراً للدخول منه، وتمكنت من تدمير قوة الدعم بالكامل القادمة للقائد الإسرائيلي موتي اشكينازي. وانسحب الجيش الإسرائيلي من موقعه بـ بودابست في نهاية المعركة بعد تكبدهم خسائر فادحة، وظلت المدفعية المصرية تلاحقهم خلال هروبهم.

كان موتي اشكينازي، قائد حصن بودابست في بورفؤاد قال عن الواقعة خلال الفيلم الوثائقي "وثائق النصر": "في ظهر السادس من أكتوبر تلقيت اتصالا من قائد الكتيبة يأمرني بالخروج من بودابست، والذي يقع شرق بورفؤاد ويحتل الموقع فصيلة مشاة وفصيلة دبابات ومحاط بتربة سبخية، وبعد الضربة الجوية الأولى بدأ جحيم من القصف، صعب جدا وصفه ما يعني 30 قذيفة في الدقيقة الواحدة.. فتحنا النيران بدون تمييز، لا نعرف أين العدو، وفي الوقت نفسه فُتح علينا جحيم من النيران".



الفردان

معركة الفردان هي إحدى معارك حرب أكتوبر اندلعت في اليوم الثالث للحرب المجيدة التي وقعت في شرق الإسماعيلية، حاول فيها جيش العدو الهجوم على فرقة العميد حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية مشاة بالجيش الثاني.

وخطط "أبو سعدة" بعد معرفته بالهجوم المرتقب، أن يستدرج جنود العدو، وبعدما اندفعت الدبابات الإسرائيلية لاختراق مواقع "أبو سعدة" في اتجاه كوبرى الفردان بغرض الوصول إلى خط القناة، فوجئت القوة المهاجمة بأنها وجدت نفسها داخل أرض قتل، والنيران المصرية تفتح ضدها من 3 جهات في وقت واحد تنفيذًا لخطة حسن أبو سعدة.

الدبابات المعادية كان يتم تدميرها بمعدل سريع بنيران الدبابات المصرية والأسلحة المضادة للدبابات والمدفعية، وكانت قوة الدبابات الإسرائيلية المتقدمة باندفاع شديد تتكون من 35 دبابة مدعمة بقيادة العقيد عساف ياجوري، وهي إحدى الوحدات التي كانت تتقدم الهجوم.



عيون موسى

يوجد المكان على مقربة من موقع عيون موسى التاريخي الذي سميت النقطة باسمه، وهو الموقع الذي مر به سيدنا موسى (عليه السلام) حين استسقى ربه، فتفجرت له اثنتا عشرة عينا من الصخر. وكان مقرا عسكريا لقوات الاحتلال أبان الحرب، يحتوي على الكثير من الخنادق التي تُسهل حركة الجنود الإسرائيليين دون الكشف عنهم.

كان اقتحام تلك النقطة من المهام المستحيلة، فهي تتكون من 6 دشم خرسانية مسلحة ذات حوائط سميكة مغطاة بقضبان سكة حديد، وفوقها سلاسل من الصخور والحجارة التي يمكنها تحمل القنابل زنة ألف رطل، كما أنها محاطة بنطاقين من الأسلاك الشائكة، ومزودة بشبكة إنذار إلكترونية. وكل دشمة بابها من الصلب، وهناك أماكن مخصصة لمبيت الجنود والقادة، يربطها خنادق للمواصلات، ويعلوها نقط مراقبة ومنشآت إدارية وطبية، وهذه النقطة بها الاكتفاء الذاتي الذي يكفيها لمدة شهر. وكان الجيش الإسرائيلي من هذا الموقع يتحكم في طريق الشط - الطور المؤدي إلى جنوب سيناء. وفقا لـ"جريدة الشرق الأوسط".

ورغم كل التحصينات التي تتمتع بها تلك النقطة، فإنه بعد معرفة القوات المصرية بتلك النقطة بمساعدة بدو سيناء، قررت القوات المصرية يوم 9 أكتوبر اقتحام المكان، وأرسلت 3 مجموعات قتالية من المشاة تابعة للجيش. ودخلت معركة قوية مع قوات الاحتلال التي رضخت في النهاية لجنودنا رغم سقوط العديد من الشهداء، وانسحب العدو من المنطقة.

وعلى مدار أيام، حاول الجيش الإسرائيلي شن هجوم مضاد لاستعادة النقطة الاستراتيجية التي استخدم فيها ضربات الطيران، إلا أن القوات المصرية نجحت في صد كل تلك الهجمات بنجاح. وأصبح الموقع الآن مزارا سياحيا.



المزرعة الصينية

وقعت تلك المعركة في 15 أكتوبر، إذ كانت تخطط قوات العدو أثناء حرب أكتوبر لاختراق القوات المصرية عبر المنطقة الواقعة بين الجيش الثاني والجيش الثالث الميدانيين على الضفة الشرقية لقناة السويس لفتح مساحة تكفي لتجميع جسور عائمة لعبور القناة، وبعد ذلك تتحرك الفرقة 143 المدرعة الإسرائيلية بقيادة الإسرائيلي أرئيل شارون لقطع خطوط الإمدادات للجيش الثالث المصري.

جاء اسم المعركة من مكانها إذ كان عبارة عن محطة زراعية تجريبية على الضفة الشرقية لقناة السويس تغطي ما يقرب من 15 ميلا مربعا. كانت الحكومة المصرية قد أسست في الخمسينيات، محطة لدراسة إمكانية الري وزراعة المحاصيل في التربة الصحراوية القاحلة في شبه جزيرة سيناء. وحفروا خنادق عميقة واسعة النطاق للري عبر المحطة، ومعدات الري الآلية كانت مستوردة من اليابان، وتم التخلي تماما عن المشروع لبعض الوقت قبل عام 1967.

استولت القوات الإسرائيلية على المحطة أثناء حرب 1967، لاحظ الإسرائيليون الأحرف على المضخات والآلات الأخرى وظنوا أنها لأحرف صينية، لذا وصُفت "بالمزرعة الصينية" على الخرائط العسكرية.

وخلال حرب أكتوبر، استعادت القوات المصرية المحطة، بواسطة عناصر من الجيش الثاني المصري. وكانت ترجع أهمية المحطة استراتيجيا لوقوع الطريق المؤدي إلى أبو طرطور على مرمى إطلاق النار من المزرعة.

هاجمت أكثر من 80 دبابة إسرائيلية منطقة ‏المزرعة الصينية التي كانت بقيادة المقدم محمد حسين طنطاوى وقتها "وزير الدفاع الأسبق" قائدا للفرقة 16 مشاة، وحاول العدو الإسرائيلي اختراق الصفوف والوصول إلى الإسماعيلية. وأمر "طنطاوي" وقتها الجنود بألا يُطلقوا رصاصة واحدة حتى تقترب القوات الإسرائيلية من موقعهم، وبعد أن اقتربت الدبابات لمسافة 800 متر تم استهداف ما يقرب من 40 دبابة للعدو، وكان الجنود ‏الإسرائيليون يتركون الدبابات ويهربون عندما يشاهدون الجنود المصريين وتعاملهم معهم.


تبة الشجرة

ظهر الرئيس الراحل أنور السادات، من موقع "تبة الشجرة" -في صورة نُشرت عقب انتصار 6 أكتوبر المجيد- أثناء خروجه من داخل خندق في قلب سيناء، وهو إحدى النقط الحصينة التي أقامتها إسرائيل على طول خط بارليف عقب نكسة عام 1967، وذلك من أجل التحكم فى 8 نقاط حصينة على طول خط بارليف، من منطقة "البلّاح" شمالاً، حتى الدفرسوار جنوبا، كان اختيار إسرائيل لذلك الموقع تحديدا، لأنه يرتفع عن سطح قناة السويس بواقع 74 مترا، فيمكن من خلاله رؤية خط بارليف على طول مجرى القناة، كخط دفاع لها، كانت تستطيع من خلاله مراقبة الضفة الغربية للقناة، أو الوجود على منطقة مرتفعة لتتمكن من قصف مواقع للجيش المصري.

يتكون الموقع من خندقين كبيرين، لا يظهر لأي طيران مصري مُحلق في السماء، واستطاعت إسرائيل أن تشيد هذا الحصن بطريقة هندسية يصعب تدميره، عن طريق بناء خمسة طوابق بصخور ذات أحجام كبيرة، مترابطة بمجموعة من الأسلاك. وتم تحويل الموقع حاليا لمزار سياحي.

خلال حرب السادس من أكتوبر، في اليوم الثالث على بداية المعركة، تقدمت قوات من الجيش المصري، للسيطرة على الموقع، وبعد قتال عنيف مع القوات الإسرائيلية، استطاعت القوات المصرية الاستيلاء على الموقع، وتدمير عدد كبير من الدبابات الإسرائيلية. وكانت إسرائيل تُطلق على الموقع اسم "رأس الأفعى المدمرة" لكونه مرتكزا قويا لها. وحاول العدو استرداد الموقع فدفع بدباباته بقيادة اللواء عساف ياجوري.


المنصورة الجوية

تخليدا لتلك المعركة الكبيرة، تحتفل القوات الجوية المصرية كل عام بعيدها في الرابع عشر من أكتوبر، وهو اليوم الذي تفوقت فيه على القوات الجوية الإسرائيلية في سماء الدلتا المصرية، فوق مطار المنصورة.

حاولت القوات الجوية الإسرائيلية تدمير لواء مصري مقاتل في المنصورة فتصدت لها الطائرات المصرية ببسالة، وأدارت مصر أكبر معركة جوية في التاريخ العسكري الحديث. دارت المعركة فوق مطار المنصورة العكسري بين 200 طائرة حربية؛ 120 منها من أنواع الفانتوم وسكاي هوك والميراج 2000، تابعة للعدو الإسرائيلي. و80 طائرة حربية مصرية من طراز ميج 21 وسوخوي 7 والميراج 2000.

استمرت المعركة لمدة 53 دقيقة، لتسجل كأطول وأعنف وأشرس معركة جوية في التاريخ العسكري الحديث، ورغم التفوق العددي والنوعي لطيران العدو، إلا أن حجم الخسائر بين صفوفهم وصل إلى 17 طائرة إسرائيلية، بينما خسرت مصر 5 طائرات فقط، اثنتان منها بسبب نفاد الوقود. وشارك في المعركة 4 مطارات حربية مصرية قريبة من مطار المنصورة لمساعدة القوات المصرية.

ويحكي اللواء د. سمير فرج عن المعركة في إحدى مقالاته في المصري اليوم: "بدأت معركة المنصورة الجوية في الساعة الثالثة وخمس عشرة دقيقة، عندما أنذرت مواقع الرادارات المصرية على ساحل الدلتا باقتراب 20 طائرة من طراز الفانتوم من ناحية البحر المتوسط، لتجنب حائط الصواريخ المصري على الضفة الغربية لقناة السويس، فقررت قيادة القوات الجوية المصرية عدم اعتراض الموجة الأولى، مما أفشل مهمتها في جذب المقاتلات المصرية، فعادت أدراجها عبر البحر المتوسط إلى القواعد الجوية الإسرائيلية. وفى الساعة الثالثة والنصف، أظهرت شاشات الرادارات المصرية وجود 60 طائرة قادمة من ثلاثة اتجاهات: من ناحية البحر؛ بورسعيد، بلطيم، دمياط، فأقلعت 16 طائرة ميج 21 من مطار المنصورة الجوي، ثم 8 طائرات من قاعدة طنطا الجوية للتصدي لها".

تابع: "أعقب ذلك بثماني دقائق إنذار للقوات الجوية باقتراب 16 طائرة إسرائيلية قادمة من اتجاه البحر المتوسط على ارتفاع منخفض، وبدأ القتال الجوي فوق سماء دلتا نهر النيل، ليبدأ معه تدفق باقي الطائرات الإسرائيلية، واشتعلت السماء المصرية بأكبر معركة جوية فى التاريخ، استخدم فيها الجانبان أحدث ما يملكانه في ترساناتهما الجوية، سواء المقاتلات أو أجهزة التشويش اللاسلكي والراداري".