وليد رشاد يكتب: صليبية الأطفال سبقت فيديو "أحمد موسى" بمئات السنوات!!

الضربات التي توجهها روسيا لأراضي سوريا واحتماليات تدخلات إيرانية وقبلها تدخل الناتو في ليبيا وأمريكا في العراق ليست إلا حلقات متتالية ضمن مسلسل طمع الشرق والغرب في المنطقة العربية وخصوصاً الشام والعراق، وكانت قمة تلك الطموحات غير المشروعة هى الاحتلال الأوروبي لمعظم البلاد العربية بعد سقوط الامبراطورية العثمانية والتي ساهم الغرب واليهود في تدميرها حتى تسقط أخر الروابط الشكلية التي تجمع العالم العربي والإسلامي.

الحقبة الاستعمارية كانت أقصى آمال الغرب في السيطرة على الدول العربية حيث تقاسم الفرنسيون والإنجليز السيطرة على الدول العربية واختطفت إيطاليا ليبيا بحكم القرب الجغرافي، لكن قمة السقوط العربي كانت لحظة دخول الانجليز والفرنسيون بقيادة الجنرال الفرنسي “غورو” والانجليزي “اللمبي” إلى مدينة القدس بعد الانتصار على جنود الحامية التركية، والتي يذكر بعض المؤرحون أن هولاء الجنود حاولوا قدر استطاعتهم تجنب السقوط لكن التعاون العربي مع القوات الغازية حسم المعارك لصالح جيوش الاحتلال، ويذكر التاريخ ان “غورو” وهو يدخل قبر صلاح الدين ويركله بقدمه صاح “ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين !!” فى الاشارة الى البطل العربى “صلاح الدين الايوبى” الذى نجح فى استعادة القدس والتى ظلت تحت السيطرة الصليبية ما يقرب من قرن من الزمان.

وكانت الحروب الصليبية هى الاخرى حلقة من الحقد والكره الغربى للعرب والمسلمين، والمتابع للتاريخ لا يمكن ان يتصور ان تأتى جيوش غير منظمة من عدة دول اوروبية بل وتستطيع تكوين ما يسمى بالامارات الصليبية فى الشام والاستمرار فى تلك المعاقل والامارات ما يقارب القرنين من الزمان، لكن الصدمة عزيزى القارئ ان هذا هو ما حدث بالفعل !! بل الاسوء من ذلك هو ان بعض العرب اعتادوا على وجود الصليبين فيما بينهم واصبحوا يتعاملون معهم تجارياً بل واستعانوا بهم على بعضهم البعض !!

وكانت دوافع الحروب الصليبية المعلنة هى استعادة القدس وقبر المسيح من العرب ولذلك رفعت حملاتهم شعارات الصليب على ملابسهم وخيولهم ودروعهم لاضفاء الصبغة الدينية على الحملات، وهذا يعنى ان التستر بالدين واستغلال الدين ليس قاصراً على دين معين بل هو طبيعة بشرية منذ القدم، وتوجهت الى الشرق سبعة حملات صليبية رسمية غير عشرات المحاولات من الهواة والمغامرين، لكن تاريخياً كانت مواصفات الحملات الكبرى ان يقودها احد الملوك او الامراء الكبار وتخرج بمباركة البابا فى روما، وكانت اخر تلك الحملات هى حملة “لويس التاسع” على دمياط والمنصورة والتى انتهت بهزيمة فادحة واسر المصريون “لويس التاسع” نفسه فى دار ابن لقمان ولم يخرج الا بعد دفع فدية كبيرة، ومن المعروف ان الحملات الصليبية بداية من الحملة الخامسة توجهت الى مصر بعد ان ادركوا ان مصر هى رأس الحربة في الحروب ضدهم في الشام فقرروا مهاجمة مصر مباشرة.

لكن أطرف الحملات الصليبية تلك الحملة التي أطلق عليها “صليبية الاطفال” ويختلط عند ذكرها فى كتب التاريخ الحقائق بالمبالغات والخرافات، لكن معظم المؤرحين اجتمعوا على ان تلك الحملات ظهرت بعد نجاح “صلاح الدين” فى استعادة القدس وفشل ملوك اوروبا بقيادة “ريتشارد قلب الاسد” فى استعادتها، وكذلك فشل الحملة الصليبية الرابعة التى توجهت الى بيزنطة للسرقة والنهب ولم تتوجه اساساً للقدس مما اثر على مصداقية الحروب الصليبية بشكل عام.

ودفع ذلك الجو المشحون فى اوروبا وصيحات التحريض من رجال الدين المسيحى طفل فرنسى يدعى “ستيفان” الى الزعم بان المسيح ظهر له وحثه على قيادة حملة من الاطفال لتحرير القدس لان الكبار فشلوا فى استعادتها بسبب خطاياهم، وذهب لملك فرنسا والذى لم يهتم بكلامه فاندفع فى القرى والحقول حاشداً الاطفال ونجح فى تجميع اعداد كبيرة تصل الى 30 الف سواء من الاطفال او بعض القساوسة والرهبان او العبيد والفقراء، وزعم انه عندما يذهب للشاطئ الاوروبى سوف ينشق له البحر كما انشق لسيدنا “موسى” وهلك الكثيرون من مشقة الطريق، ولما وصلوا إلى البحر لم يجدوه قد انشق فصدموا ثم جاءت سفن لكى تنقل منهم عددا كبيراً إلى جهة مجهولة وقيل انهم بيعوا كعبيد !!

وبعد انطلاق حملة اطفال فرنسا خرجت من ألمانيا بعد أسابيع قليلة حملة أطفال أخرى بقيادة صبى اسمه “نيقولا” من إحدى قرى إقليم الراين، وتصور “نيقولا” أن بإمكانه تحرير بيت المقدس وجمع حوله ايضاً الآلاف من الصبية، وانطلق الموكب العجيب من مدينة كولون وسلكوا طريقاً إلى إيطاليا من خلال جبال الألب، وهناك انقسموا قسمين وعلى أرض إيطاليا تخلفت أعداد كبيرة من أولئك الأطفال بسبب الجوع والبرد أو الخوف من ركوب البحر، ولكن الذين سافروا بالفعل فإن أحدا لم يعرف أبدا ماذا جرى لهم على وجه اليقين، ويبدو كذلك أنهم بيعوا فى أسواق النخاسة فى عدد من المدن الإسلامية.

ورغم عدم الدقة التاريخية فى تحديد مصير تلك الحملات الا انها تبقى كواحدة من اهم المحطات الطريفة والغريبة فى تاريخ الصراع بين العرب والغرب الاوروبى !! والتى سبقت بمئات السنوات استخدام الاعلامى “احمد موسى” فى برنامجه “على مسئوليته !!” لقطات من لعبة فيديو (للاطفال ايضاً) باعتبار انها ضربات روسية ضد داعش فى سوريا مؤكداً ان روسيا ما بتهزرش !!

اقـرأ أيضـًا:

وليد رشاد يكتب: “أهواك” وأفلام اللب والسودانى!!!!

وليد رشاد يكتب: الثأر لقتل جنود مصر في المكسيك !!!!

وليد رشاد يكتب: أحلى حاجة في مصر.. هي الفساد !!!!‎

وليد رشاد يكتب: اشتريت تين من “ابو ادهم” !!

وليد رشاد يكتب: “يا ولاد الكلب .. سماحة كان على حق”

 وليد رشاد يكتب: روح العب مع الاسد يا اشرف !! 

 .

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا