محمد صلاح البدري يكتب عن رحيل علاء عبد الخالق: لماذا نفتقد " طيارتنا الورق "؟!

بالأمس كنت أتحدث مع ابنتي ذات السبعة عشر عاماً حول أجمل أغنيات سمعناها.. حاولت كثيراً أن تكون اختياراتي حديثة، ولكنني تعجبت حين لم أجد في ذاكرتي سوى تلك الأغنيات التي نطلق عليها أغنيات جيل التسعينيات!

لم تتجاوز اختياراتي تلك الأغنيات التي تربيت عليها وتربى عليها جيلي كله.. “طيارة ورق” و”مكتوب” لم يخرجا أبداً من القائمة وكذلك “بجيلك من ورا الأحزان” لحميد الشاعري وعلاء عبد الخالق.. فيهم جميعاً كان علاء بصوته الهادئ ونظارته الوقورة حاضراً بقوة ..بينما كانت ابنتي تفاضل بين أغنيات لمطربين لا اعرفهم اصلاً- اذا ما جاز لنا تسميتهم بمطربين من الأساس- وأغنية أو اثنين من أغنيات عمرو دياب الذي لا تنضب ابداً ..!.

نرشح لك: محمد صلاح البدري يكتب: أين ذهب “النونو”؟!

لا أعرف السبب الذي جعل جيلاً كاملاً لم يخرج نفسياً أو غنائياً من تلك الحقبة حتى الآن .. ما الذي يجعلنا لا نستوعب وجود مطربين جدد أو تيارات فنية جديدة ؟! .. النوستالجيا جميلة دافئة باستمرار.. ولكنها وحدها لا يمكن ان تكون سبباً في ان تظل اغنيات جيل الكاسيت حاضرة و بقوة بعد ثلاثين عاماً .. الكاسيت الذي لم يتعرف عليه ابني ذو العشر سنوات من الأساس .. والذي سألتني ابنتي حين رأته عن كنه تلك العلبة البلاستيكية ذات البكرتين التي بداخله ..والتي أطلق عليها “شريط”؟!

في رأيي فالسبب لا يخرج عن الصدق في المشاعر الذي ميز هذا الجيل.. كلنا مطربين و مستمعين كنا نحمل مشاعر صادقة نقية .. كلنا امتزجنا في ذلك اللحن الواحد المتكرر لكل الأغنيات.. كلنا صنعنا عواطفنا حول تلك الكلمات البسيطة الرقيقة!!

لم يعد ذلك الصدق موجوداً في تلك الأيام.. انحسر لصالح ألفاظ قريبة من الشارع بشكل أكثر فجاجة وربما سوقية!

لم يعد أحدهم يجتهد ليكتب كلمات تمس قلوب المستمعين كما يفعل اللحن.. أصبحنا قليلاً ما نستمع لأغنية فنعجب بها!

بالأمس فقدنا أحد أعمدة هذا الجيل دون شك.. فقدنا أحد أبطالنا الذين علمونا رومانسياتنا التي نعرفها و نحيا بداخلها حتى الآن.. بالأمس فقدنا علاء .. اسمه الأول وحده كان يكفي دائماً للإشارة إليه دون الحاجة لذكر اسمه كاملاً مصحوباً بـ “عبد الخالق”!

كان ناعماً جميلاً.. مجدداً في كلمات أغنياته للدرجة التي جعلته يصدر ألبوماً تالياً لألبومه الشهير “داري” يحمل أغنية مطلعها ” مش هرجع تاني واقول اني بحبك مشغول.. من وقت ما غنيت داري وانتي فهمتيها خصام”!!

بالامس فقدنا جزءاً كبيراً من ذكرياتنا وفننا الذي نعرفه.. فقدنا طيارتنا الورق التي طارت مع الرياح لنتحسر عليها.. و نظل نفتقدها حتى بعد انتهاء ايام المصيف!