طارق الشناوي يكتب: "مالمو" السويدي يمنح الجائزة الكبرى إلى "ذيب" الأردني !!

نقلا عن مجلة أخبار النجوم

أكتب هذه الكلمة قبل الإعلان الرسمي لجوائز مهرجان “مالمو ” للسينما العربية في دورته الخامسة التي عُقدت في تلك المدينة الساحرة بالسويد .

الجوائز بالفعل اذيعت مساء الثلاثاء الماضي بلجنة تحكيم رأسها المخرج محمد خان وعضوية الناقد اللبناني محمد رضا ورئيسة المركز الثقافي للسينما بالجزائر نبيلة روزيق ، المنافسة كانت قوية بين العديد من الأفلام العربية ، ولكني أعتقد أن ” ذيب” أرتفع إلى مكانة خاصة في لغته السينمائية تتيح له أن يستأثر بالجائزة الكبرى أفضل فيلم عربي .

طارق الشناوي
طارق الشناوي

الفيلم الأردني ينتقل في غضون أقل من عام من” أبوظبي” الى “القاهرة “ثم ” الدوحة ” في مهرجان ” أجيال ” لسينما الأطفال ،ومرورا بالعديد من المهرجانات العالمية ليستقر أخيرا في “مالمو “، ويرشح ممثلا للسينما الأردنية في الأوسكار 2016 فهو ينطبق عليه كل الشروط التي تؤهله لكي يحصل على فرصته كأفضل فيلم ناطق باللغة غير الانجليزية .

الشريط لا يمكن اعتباره فيلما للأطفال رغم أن البطولة لطفل وبنفس المقياس لا يمكن اعتبار مثلا أن الافلام التى جمعت بين أنور وجدي وفيروز افلام أطفال برغم أن القوة الضاربة فيها كانت لفيروز، و لا فيلمي “أم العروسة “أو “الحفيد ” للمخرج عاطف سالم برغم الحضور الطاغي للاطفال.

في فيلم الاطفال تجد الدٌمي تلعب دورا و لا يقدم الشريط السينمائي مشاهد عنف ولا دماء ودائما ينتهي الموقف بالانتصار بوسائل طفولية ،النموذج الصحيح وأيضا الأكثر شهرة سلسلة ” وحدي في المنزل” اخراج كريس كولومبوس والبطولة في الاجزاء الأولي لماكولاي كالكين .

وفي مهرجان “مالمو ” أطل علينا الفيلم الأردني ” ذيب” لناجي أبو نوار والفيلم ينتقل بقوة من مهرجان الى أخر ودائما تنتظره الجائزة حتى لو فاتته بعضها مثلما حدث في مهرجان ” القاهرة” الدورة الماضية لأسباب متعلقة بقناعة لجنة التحكيم ، التي لم تكن موفقة تماما في استبعادها لفيلم ” ذيب” بينما كان لي حظ المشاركة في العام الماضي في لجنة تحكيم النقاد العالميين ” الفيبرسكي” في مهرجان أبوظبي ومنحنا الفيلم جائزة أفضل فيلم روائي عربي وكنا أول لجنة تحكيم تمنح الفيلم الجائزة.

الفيلم يؤكد على ان المملكة الاردنية تسير بخطي واثقة لتأكيد قدرتها على صناعة أفلام سينمائية تنتمي الى البلد وتحمل جنسيتها وتملك روحا إبداعية لا يمكن سوى أن نلحظ وجودها على الساحتين العربية والدولية . ” ذيب” يلعب في مساحة مختلفة حيث أن لديه البيئة البدوية والصحراء الشاسعة فهى المقدمة وهي عمق الكادر أيضا .

هذه المرة نعيش الصحراء والمقاومة والاتجار بكل شي ء حتى الإيمان ، والتضحية في سبيل المبدأ بكل شيء حتى الروح ، الفيلم يشعل الشاشة بنار ووهج الابداع.

المخرج الأردني ناجي أبو نوار يقدم في أول أفلامه الروائية وبمشاركة من باسل غندور في كتابة السيناريو تلك الرؤية التى تُقدم لنا عالم الصحراء في الحرب العالمية الأولى، الاحداث تجري عام 1916 بعد اندلاع الحرب بعامين وكيف نواجة الامبراطورية العثمانية التى تفرض هيمنتها على العالم العربي ، نحن أمام ثلاث قوي ،الأولى هي أهل الصحراء أصحاب الأرض وهم يعملون في مهنة الدليل الذي ينقل الحجيج من تلك البقعة للحج الى بيت الله الحرام ،وهي مهنة متوارثة في تلك العائلة ، والثاني قُطاع الطرق الذين لا يعنيهم سوي الاستحواذ على المال و الخيل والجِمال تحت تهديد السلاح ،ثم الغزاة الذين يريدون السيطرة على مقدرات الوطن ، نحن نتابع هذا الشريط من خلال رؤية تحمل قدرا يفيض بالطزاجة الابداعية حيث أن البطل هو الطفل الذي أدي دوره جاسر عيد لم يصل بعد الى مرحلة المراهقة وكان عليه وهو في بكارة العمر أن يعيش تفاصيل يتعرف عليها للوهلة الاولي ليكتشف معني الوطن والشرف والنضال والقتل والتضحية والحيلة والصراع من أجل البقاء.

صُندوق القنبلة الخشبي الذي يحوي ألة تفجير تُصبح حافزا قويا ومؤثرا ومباشرا يزيد من جرعة الترقب فهو يظل يهددك كمتفرج بالانفجار وليس فقط الابطال على الشاشة انه يبدو للوهلة الاولى سلاح من أجل تحقيق مزيد من التشويق ، و كلما اقترب أحد وخاصة الطفل من هذا الصندوق تزداد درجة الخوف ولكن في الحقيقة هو يتجاوز ذلك بكثير حيث يصبح رمزا لكشف غموض الحياة التى ربما في لحظات تبدو هي أيضا قنبلة على وشك الانفجار في وجه من يقترب منها ،الحالة التى عليها الشاشة حتى في الصمت كانت تعبر عن عين تلتقط الصورة برؤية مزدوجة بقدر ما هي كشفيه فإنها أيضا درامية وجمالية ، الصحراء من خلال عين المخرج تشع حضورا وإبداعا وتتحدي الفقر الظاهر والمباشر الذي يبدو للوهلة الأولى في الصورة المتكررة بالضرورة قبل أن تنضح بكل تفاصيل الجمال .

كل العناصر الابداعية تفوقت خاصة الموسيقي فهي تلعب دور البطولة كما أن هناك احساسا شاعريا يغلف الصورة برغم قسوة المكان وتوحشه وفقره الظاهر ، ويبقي فن قيادة الممثل وهو ما برع ناجي أبو نوار في تحقيقه من خلال قيادته للطفل حيث حافظ المخرج تماما على درجة تلقائيته أمام الكاميرا وهي بقدر ما تبدو مهمة سهلة بقدر ما تكمن صعوبتها .

أنه الفيلم الذي تترقبه وهو ينتقل من مهرجان الى أخر بألق وإبداع ولن يخلو الامر في النهاية من أكثر من جائزة ، أقول قولي هذا بسبب ظروف الطباعة وأنا لا أدري حقيقة ما الذي ستسفر عنه الجوائز ولكن لا أـتصور أنني في الأسبوع القادم سأضطر إلى نشر تكذيب للعنوان السابق!!.

اقـرأ أيـضـًا:

شوبير لمرتضي منصور: لسانك بينقط سكر

إنتصار: باتفرج على أفلام إباحية

صدق أو لا تصدق: مؤلف أوبريت أكتوبر شاعر سعودي هجا الرئيس

راقصة مصرية تتوب على الهواء مباشرة

مشجع أهلاوي لمصطفى يونس: اتفووو

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا