كتاب "شرنقة شاهين".. حدوتة مصرية بأيد عراقية

شرنقة شاهين

دينا رحمو

صدر حديثا عن دار أطياف، كتاب يتناول تفاصيل عن حياة المخرج الراحل يوسف شاهين وأليات ومراحل صناعته لفيلم سينمائي، يحمل اسم “شرنقة شاهين” للمخرجة العراقية خيرية المنصور والتي روت فيه تجربتها في العمل معه لأول مرة كمساعد مخرج في فيلم “حدوتة مصرية”.

“أنا أرقص واتنطط وأفكر وأمثل أجدع من أي واحد فيكو”.. جملة قالها شاهين لعمرو عبد الجليل في مشهد من فيلم “إسكندرية كمان وكمان”.. وجاءت خيرية المنصور لتفسر مدلولها في حياة يوسف شاهين من خلال هذا الكتاب الذي تناولت فيه كيف كان شاهين يخطط لصناعة فيلم متكامل العناصر؟ وكيف يتعامل مع أصدقائه؟ وكيف يدير العاملين معه؟ وكيف يمثل ويبدع بأدواته الفنية؟وألقت الضوء على يوسف شاهين الإنسان العبقري والمتفرد.

• اللقاء الأول

في البداية تناولت لقائها بيوسف شاهين في العراق وقت عملها كمساعدة للمخرج توفيق صالح في فيلم “ليالي طويلة” وحديثها معه حول المواضيع التي يتناولها في أفلامه وخاصة فيلمه “العصفور”، وهو الأمر الذي جعله يرغب في أن تعمل معه، لأنه يهتم بالمُبدعين الذين يحاولون الوصول إلى أهدافهم.

• وصولها للقاهرة

جاءت خيرية إلى القاهرة واقتربت من شاهين حد الالتصاق وتعلمت في مدرسة شاهين الإخراجية، وتعرفت عن قرب على تفاصيل شخصيته وطريقة عمله، ومراحل تنفيذه لفيلم سينمائي، فرصدتها بدقة وبأسلوب مميز يجعل من يقرأء الكتاب يشعر وكأنه عاصر جميع مراحل صناعة فيلم “حدوتة مصرية”.

• حدوتة مصرية

ركزت في هذا الكتاب على فيلم واحد من بين 4 أفلام عملت فيها معه، وهو فيلم “حدوتة مصرية”، فهو أول عمل لها معه، وعرضت كافة خطوات العمل في الفيلم، بداية من مراحل تطوير السيناريو، وحتى تجهيزه لطرحه في دور العرض.

• أدوات يوسف شاهين الفنية

أكدت أن الفيلم كان يسير بدقة وفقا لما خطط له يوسف شاهين وذلك باستخدام الديكوباج الذي صُمم بدقة وكشوف التحضير، وتحديده لزمن كل لقطة، وحتى أنواع العدسات المستخدمة لتصوير كل مشهد، والتصوير الفوتغرافي، والمؤثرات الصوتية، وطريقة الإضاءة ورمزيتها في كل لقطة، حتى يجعل المشاهد يتفاعل مع الأحداث.

• طبيعة عملها مع يوسف شاهين

أوضحت أن عملها استغرق سنة وشهرين، وكانت مهمتها تنفيذ السيناريو التنفيذي (الديكوباج)، وهي مهمة صعبة، وكانت دقيقة في تنفيذ كل ما هو مطلوب منها، حتى أنها مثّلت دور في أحد المشاهد حينما تأخرت إحدى الممثلات، وكانت تسأل عن كل شيء وتسجّل كل ما يدور حولها وما تتعلمه من جميع العاملين.

• الفرق بين الإخراج في العراق وفي مدرسة شاهين

تناولت الفرق بين مهام الإخراج في العراق وغيرها التي تعلمتها على يد يوسف شاهين، مثل التصوير الفوتغرافي وسكريبت الإضاءة الذي يتم وفقا له التصوير بترتيب الزوايا واللقطات لا المشاهد وهو ما لا يحدث في العراق ويتسبب في خسائر مادية وضياع الوقت.. وغيرهما، لذلك ذكرت أنها عندما عادت للعراق حاولت نقل تجربتها مع شاهين للآخرين.

• شرنقة شاهين الحريرية

ذكرت أن المخرجة إيناس الدغيدي طرحت عليها فكرة الخروج من عالم شاهين لبناء عالم خاص بها بعد عملها معه في 4 أفلام وهم “حدوتة مصرية” و”إسكندرية كمان وكمان” و “كلها خطوة” و”المصير”، مؤكدة لها أن جميع المساعدين مزقوا “شرنقة شاهين” وهو الأمر الذي جعل خيرية تفكر أنها “شرنقة” من حرير الصدق والمعرفة تعلمت خلالها أبجديات وحرفية السينما.

• دعم أسرة يوسف شاهين

تناولت علاقة أسرة شاهين المتميزة والداعمة له حين عرضت أنه قام بتصوير فيلم حدوتة مصرية في منزله وأنه يسكن هو وأخته في المنزل نفسه وتعمل معه “ماريان” بنت أخته وأن الشركة تمويل مشترك بينه وبين والدته وأخته وزوجته لرغبتهم في تحقيق شاهين لطموحه، وتحدثت عن علاقتهم الطيبة بجميع من حولهم.

• علاقتها الوطيدة بيوسف شاهين

وذكرت أنها كانت متوترة من أول مقابلة مع شاهين في منزله ولكنه سحرها بأسلوبه ودعمه وناداها بلقب “خوخة” والذي أصبح اسمها منذ ذاك اليوم في عالم السينما، وتناولت مواقف عديدة جمعتها معه مثل عودتها للقاهرة لأخذ أراءه وملاحظاته على فيلم وثائقي وفيلم آخر روائي طويل لها، وسفر شاهين للعراق ومقابلتها له، وإصراره على أن تذهب معه لزيارة وزير الثقافة العراقي.

• السينما في رأي يوسف شاهين

” إن أعظم سفر بالزمن مش للماضي ولا للمستقبل، أعظم سفر بالزمن هو السفر للحاضر اللي ما بين إيديك”.. هذه الجملة قالها الفنان أحمد أمين في مسلسله “الصفارة”.. وهو الأمر الذي أشار إليه شاهين منذ زمن حول صناعة السينما، حيث تناول الكتاب قوله: “التاريخ المعاصر هو الذي يجب أن يسجل.. في تاريخ خطير بيحصل أمامي يوميا.. أخسر ملايين الدولارات لعمل فيلم يخلد الماضي وأسيب الحاضر الذي يكتب التاريخ”، كما أوضحت أنه رفض عمل فيلم عن “هارون الرشيد” رغم عرض وزير الثقافة العراقي عليه أموال طائلة من أجل الإنتاج، لأنه طلب منه أن يقدم إيجابيته فقط وهو ما رفضه لأنه لا يتفق مع مبادئه فهو يرى أن السينما قضية ومقاومة ومعارضة.

في حُب السينما ومدرسة شاهين الإخراجية.. قدمت لنا خيرية المنصور كتاب “شرنقة شاهين“ لنعيش معها تفاصيل صناعة فيلم “حدوتة مصرية”، فقدمت سرد مميز ودقيق عن كافة التفاصيل مستخدمة كافة الأدوات التي جعلتنا نشعر وكأننا كنا هناك، وهذا الكتاب يعد مرجع لكل من أراد الإبحار في عالم صناعة السينما.

نرشح لك: 

نكسة يونيو.. كيف عالجت سينما يوسف شاهين الهزيمة؟

أسطورة أحمد خالد توفيق.. صورة مختلفة لسيرة العراب