إخاء شعراوي يكتب: عفوًا عبداللطيف المناوي .. الرئيس لا يحتاج لظهير سياسي

التجارب السابقة أثبتت فشل التجربة والظهير السياسي أسقط نظامين متتاليين

طالعت المقال الذي كتبه الإعلامي عبد اللطيف المناوي منذ أيام تحت اسم “عفوًا سيدي الرئيس .. بل أنت في حاجة إلى ظهير سياسي”، وبصفة شخصية أتابع كل ما يكتبه المناوي في مقالاته لما بها من معلومات غزيرة أو آراء من الممكن الاستفادة منها، إلا أن المقال الذي أشرت إليه أثار سخريتي، حيث احتوى على متناقضات عدة، بالإضافة لدعمه لفكرة قديمة من الأفكار البالية، والتي تسببت مؤخرًا في ثورتين، أطاحا برئيسين من الحكم.

يدعم المناوي في مقاله فكرة وجود ظهير سياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي، متناسيًا أن الظهير السياسي أحد أبرز أسباب الإطاحة بالمخلوع مبارك، ومن بعده المعزول مرسي، وبرغم قوة هذا الظهير السياسي في عهدهما، إلا أن نهاية الرئيسين كانت بيد الشعب فقط، ولم ينفعهما أي ظهير سياسي، بل كان الظهير السياسي لهما أحد أهم أسباب سقوطهما، لما قام به هذا الظهير من استغلال النفوذ والحصول على مصالح شخصية، ومنافع كثيرة، نظرًا لوجودهم في دائرة المقربين من الرئاسة.

وبرغم اختلاف الظهير السياسي لمبارك عن الظهير السياسي لمرسي، إلا أن نهايتهما كانت واحدة، وهو ما يؤكد عدم جدوى وجود ظهير سياسي للرئيس السيسي، حتى لا تتكرر المأساة في مصر، بالطبع وجود ظهير سياسي للرئيس أو بعض المقربين سيثير غضب الشعب المصري، خاصة أن التجارب أثبتت ذلك، فكان الحزب الوطني المنحل أبرز أسباب سقوط مبارك، وجماعة الإخوان أبرز أسباب سقوط مرسي.

أراد المناوي أن يتنصل من وجهة نظره الشخصية، حول جدوى وجود ظهير سياسي للرئيس، فبرر ذلك بارتباط أراه شخصيًا ارتباطًا “وهميًا” لتكوين المجتمع والشعب المصري على مدار آلاف السنين، حيث يرى أن المجتمع المصري احتاج منذ نشأته إلى وجود قوة تقوم على تقسيم مياه النهر، ومن هنا كانت البدايات الأولى للسلطة التي نشأت بطبعها مركزية قوية، تخوف المناوي من إعلان رأيه بوضوح وصراحة وجرأة، وراوغ في كتابته ليعلن أن طبيعة المجتمع والشعب تدعم فكرة وجود الظهير السياسي، كما روج لفكرة غير صحيحة وهي أن قوة السلطة واستقرار الدولة، لن يأتيا إلا بوجود الظهير السياسي للرئيس، وهي فكرة مغلوطة تمامًا، لأن تفكك المجتمع يأتي عن طريق اختيار مقربين للرئاسة، فيستثير ذلك المواطن العادي، والذي يدخل تحت مسمى الظهير الشعبي للرئيس، فنرى أن وجود مقربين أو محسوبين على الرئاسة يساهم في غضب الظهير الشعبي ويجعله ينقلب على الرئيس، كما حدث من قبل في عدة تجارب.

أما أبرز المتناقضات في مقال المناوي هو اعترافه أن الظهير السياسي لأي رئيس يعمل على المنفعة المشتركة، وتحقيق النفوذ في الدولة لتحقيق مكاسب ومصالح خاصة، حيث كتب المناوي “على الطرف الآخر ظلت هذه القيادات الطبيعية في مواقعها عائليًا وجغرافيًا تبحث عن الارتباط بالقوة الحاكمة – أي السلطة – لتدعيم وضعها والاستفادة من هذه العلاقة. إذًا هي علاقة ارتباط يحكمها الدعم المتبادل والمصالح المشتركة”، فحديث المناوي في هذا الجزء يؤكد أنه متناقض في آرائه، ويعلم جيدًا مدى الاستفادة التي يحققها أي ظهير سياسي أو مقربين من الرئيس.

فيما أشار المناوي خلال المقال إلى معلومة مغلوطة أيضًا، وهي أن الظهير السياسي لأي حاكم في مصر على مر التاريخ هو القطب الجاذب سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، وهو ما يجافي الحقيقة تمامًا، لأنه على مدار 35 عامًا ثبت فعليًا أن كل المقربين من الرئاسة سواء في عهد مبارك أو مرسي، لم يكونوا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية فقط، ولم يدعموا الدولة أو يضيفوا لها سياسيًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا، بل في أحيان كثيرة كانوا نواه لتخريب الحياة السياسية عن طريق تزوير الانتخابات، ووضع قوانين وضعية تساهم في انتشار الفساد، ومنهم كثيرين لم يكن لهم أي رؤية ثقافية، بخلاف ادعاء المناوي.

ثم يعود المناوي في ختام مقاله ليتحدث عن الظهير الشعبي للرئيس، مؤكدًا على وجود قاعدة شعبية كبيرة تقف خلف السيسي، ثم يصر على وجود ظهير أو كيان سياسي، يزكيه الرئيس للشعب مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، في صورة واضحة لمحاولة استغلال شعبية الرئيس لخدمة مصالح البعض، لم يلحظ المناوي وهو يكتب أنه اعترف أن الظهير السياسي للرئيس هو المستفيد وليس الرئيس نفسه، لأن الظهير السياسي سيستغل شعبية السيسي ويسخرها لخدمة مصالحه الخاصة، لنعود إلى نفس النهج الذي انتهجته الأنظمة السابقة.

أرد المناوي أن يعيد لنا نظريات الماضي أيضًا عن طريق وجود ظهير سياسي قادر على جمع المصريين حول الرئيس – على حد قوله – وهو ما يذكرني بطريقة الحشد التي كان يتبعها نظام مبارك عن طريق أعضاء الحزب الوطني المنحل، أو نظام مرسي عن طريق أعضاء الجماعة وتيارات الإسلام السياسي.

في الختام .. أفكار المناوي في المقال صدمتني، خاصة أنه حتى الآن لم يعترف أن مصر أصبحت دولة جديدة برئيس جديد ورؤية جديدة، وعلينا جميعًا أن نتجنب أخطاء الماضي ونطرح كل ما هو جديد، لأن محاولات استنساخ الماضي جميعها باءت بالفشل، إلا أنها تساهم في تأخرنا كثيرًا.

 

اقـرأ أيضـاً:

 إخاء شعراوي يكتب : عمرو خالد.. يواجه الالحاد بـ”ستاند أب ديني”!

إخاء شعراوي: الأمير وضع محلب في “خانة اليك”

إخاء شعراوي: هل يحتقر الرئيس ماسبيرو !

إخاء شعراوي: رسالة للإعلاميين في ذكرى يناير.. انتقوا ضيوفكم

إخاء شعراوي: الإعلام بالنيات

.