"ليه لأ" عندما تكون الدراما هادفة

ليه لأ

إيمان سراج الدين

يعرض الآن مسلسل “ليه لأ” الجزء الثاني حصري على منصة شاهد والذي يجد إقبالًا من فئة كبيرة من المشاهدين، حقق العمل ردود أفعال إيجابية وإشادة بالإخراج والكتابة والتمثيل، خاصة من منة شلبي والطفل سليم.

يناقش المسلسل زوايا إنسانية وعدد من القضايا الهامة وبعضها لم تتطرق إليه الدراما التلفزيونية من قبل وربما لهذا السبب وجد الاهتمام الكبير من قبل المشاهدين.

نرشح لك: مجالات الملكية الفكرية.. نقطة البداية!

ينتمي المسلسل لأعمال الـ15 حلقة، ويعرض أسبوعيا أيام الأربعاء، الخميس، الجمعة، ويحكي العمل عن ندى “منة شلبي” طبيبة عيون ناجحة، مستقلة، تعيش وحيدة، وفجأة أدركت معنة الوحدة ففكرت في احتضان طفل من أطفال دور الرعايا، وبقرارها هذا تبدأ أحداث العمل في الصعود وتبدأ هي في مواجهة فكر المجتمع القاسي والرافض لفكرة الاحتضان، حيث نجد أخيها المغترب قد عاد من غربته بسبب الاستغناء عنه في شغله، ليشاركها منزلها الذي في الواقع هو منزل والدهما ولهذا لم يجد وسيلة أخرى سوى أن يشاركها الإقامة فيه، وبالتالي سيعوق ذلك فكرة الاحتضان وخاصة أنه كان رافضًا للفكرة.

لن أسرد بقية الأحداث حتى لا أحرم من لم يرى العمل من متعة التشويق والمتابعة.

رغم حساسية القضايا التي تناولها العمل، لكنه تناولها بكل دقة ومهارة ونضج، شاهدنا دراما وأحداث واقعية وحقيقية، افتقدناها مؤخرًا في الدراما المصرية.

على سبيل المثال ناقش العمل نظرة المجتمع إلى أطفال دور الرعايا وكيفية الاهتمام بهم والتغاضي عن وجهة نظر المجتمع القاسي لهم، وفكرة الاحتضان والكفالة، بالإضافة إلى ضرورة اقتناع البعض لحاجتهم إلى المساعدة النفسية مثل “سالي” التي فقدت ابنها الرضيع ورغم مرور ثلاث سنوات على فقدها له، لم تسطع تقبل ذلك مما أثر على علاقتها الزوجية.

ناقش أيضًا قضية التنمر، وكيف نتعامل مع أطفالنا وطرق التربية الصحيحة، وجدنا ذلك في طريقة معاملة أحمد حاتم لابنته وطريقة معاملة مراد مكرم لأولاده، وظهر الفرق في التربية في سلوكيات كل منهم، بالإضافة إلى الأم المهملة التي تهمل طفلتها من أجل الوصول لمناصب أعلى في العمل
كلها قضايا مهمة وشائكة يحتاج المجتمع إلى مناقشتها دراميًا.

أود هنا أن أوجه التحية لمريم نعوم وكاتبات ورشة سرد “دينا نجم وسلمي عبد الوهاب، راجية حسن”، لأنه من الواضح أن “نعوم” مع كاتبات سرد قررن الاتجاه إلى طريق تعريف المجتمع بمشاكل خافية على كثيرين، كتطرق الورشة لقضية الـ ADHD في “خلي بالك من زيزي” ثم القضايا المطروحة في “ليه لأ”.

تعددت أسباب نجاح العمل، بداية من مريم أبو عوف والإخراج الأنيق الغير متكلف واختيار أماكن مناسبة جدًا للتصوير واستغلال بعض المشاهد للتعريف بمصر الجميلة “مش مصر العشوائية التي ظهرت في دراما رمضان، أو مصر الكومباوندز التي لا تعبر عن الواقع المصري”، لاختيار فريق التمثيل المبهر، كلُ في دوره بالمقاس، موسيقى خالد الكمار، وليس جديدًا على خالد الإبداع، فهو من مبدعي الموسيقي التصويرية في مصر حاليًا، لاختيار الملابس وناهد نصر التي بملابسها أكسبت الشخصيات واقعية وحقيقية وطبيعية.

منة شلبي، أستطيع أن أقول عود أحمد، نضوج كبير وتفوق على النفس في كل حركة ونظرة وتعبير صوتي، وجه خالي من عمليات التجميل التي نادرًا ما نجد فنانة الآن بوجه طبيعي، وليس ذلك فقط، لكن وجه خالي من المكياج تمامًا حينما يحتاج المشهد لذلك، توحدت بشكل كبير مع الشخصية حتى أن المشاهد في بعض الأحيان ينسى أنها ليست أمًا ليونس.

سليم مصطفى أو “يونس” الورقة الرابحة والجاذبة للعمل، تلقائي بدرجة كبيرة، بريئ براءة الأطفال الجميلة، يذيب القلب عندما يتكلم ويدمع العين عندما يبكي، رغم أنه الدور الأول له، لكنه أجاد فيه تمامًا.

لم يتم الاهتمام بالأدوار الرئيسية فقط، ولكن هناك شخصيتان يستحقان كل التحية على آداءهما المميز، الشخصية التي قامت بدور “ماما عفاف” مديرة دار الأيتام، والشخصية التي قامت بدور موظفة وزارة التضامن الاجتماعي،

شخصيتان نراهما بتفاصيلهما على أرض الواقع.

هناك شخصية أخرى من شخصيات العمل تستحق التقدير، يارا جبران “بسنت” ممثلة هايلة، أول مشاهدتي لها كان في مسلسل “شربات” شخصية تحيرك، هل هي بالطيبة التي نراها عند مساعدتها لندى، أم هي الشريرة التي تمنع أطفالها من الحديث مع يونس، قامت بتأدية الدور كما يجب، حتى لفة طرحتها، لم تغفل أن تلفها كأهل الخليج حتى بعد أن عادت إلى القاهرة.

تفاصيل وتفاصيل جعلت هذا العمل مميزًا ومبشرًا لأعمال أخرى قادمة على نفس هذا التميز نتوقعها من “ورشة سرد”

وبالفعل “القلوب هي اللي بتختار” لهذا كان اختيار المشاهد لـ “ليه لأ”.

ليه لأ