لاعب أساسي هذا الموسم.. محمد طنطاوي يكشف تفاصيل "جرافيكس" فض رابعة ونحل نيوتن وقصر السويفي

رباب طلعت

شهدت الدراما التلفزيونية خلال الأعوام القليلة الماضية تطورًا ملحوظًا في استخدام “الجرافيكس” والمؤثرات البصرية، بمستوى بدأ ينافس الصناعة العالمية، وخلال السباق الرمضاني الحالي ٢٠٢١، كان “الجرافيكس” بطلًا في بعض المشاهد التي حازت على إعجاب الجمهور، وأبرزها مشهد وفاة الفنان أحمد طلعت بقرص النحل في “لعبة نيوتن”، ومشاهد “الاختيار ٢”، بالإضافة لفخامة قصر “قصر النيل”، ومؤثرات “القاهرة كابول”، وغيرهم مما أشرف على تنفيذه شركة trend.

تواصل “إعلام دوت كوم” مع محمد طنطاوي، مشرف المؤثرات البصرية في شركة trend للحديث عن دور “الجرافيكس” في صناعة دراما رمضان، وكواليس صناعة أبرز المشاهد:

نرشح لك: ربيع “القاهرة كابول”.. 17 تصريحا لـ أمجد الحجار أبرزهم عن حوارات “عم حسن”

1- أصبح للجرافيكس والمؤثرات البصرية، تدخلًا كبيرًا في صناعة الدراما المصرية مؤخرًا، وفي العام الجاري هناك الكثير من الأمثلة له، وهناك حالتين لاستخدامه، الأولى إلزامية وأبرز أمثلتها مشهد النحل في مسلسل “لعبة نيوتن” بطولة الفنانة منى زكي، فكان لابد إخراجه عن طريق الجرافيكس، ﻷنه من المستحيل التحكم في حركة النحل وتوجيهه لصناعة المشهد كما هو مطلوب، فهنا استخدام المؤثرات ضرورة، وهناك حالة أخرى وهي التكميلية، أي أننا نستخدمه لتكملة المشهد، أو كبديل لتصويره بالطريقة التقليدية لأسباب عدة منها تقليل التكلفة الإنتاجية أو الوقت أو ﻷنه سيظهر بصورة أفضل عند الاستناد إلى التقنيات الحديثة عن تصويره بالطرق التقليدية، أو لأن توفير متطلبات المشهد صعب جدًا، ومثال على ذلك أيضًا مشهد المطار في لعبة نيوتن، فمن الصعب جدا التصوير في مطار توم برادلي بأمريكا، وتكلفة عمل ديكور مثله أيضًا مكلف جدًا.

2- مثال آخر، من “الاختيار2” في مشهد رابعة، قمنا تصوير المسلسل في مساحة فارغة، واستخدمنا الجرافيكس لإضافة كافة المباني المحيطة بالميدان، وذلك لعدة أسباب أولها أنه من الصعب التحكم في تصوير المشهد في مثل ذلك المكان والتحكم بكل هذا العدد من الناس المتواجدين في التصوير بالمعدات واليافطات وغيرها من متطلباته، وسبب آخر هو أن مدينة نصر تغيرت تمامًا خلال السنوات الماضية التي تلت أحداث رابعة بسبب الكباري الجديدة التي تم إنشائها، فدور “الجرافيكس” هنا هو أن أجعل المشاهد يعيش المشهد بأقصى درجة من الواقعية وأقرب صورة للحقيقة، نفس صور المباني والمحال المحيطة به.

3- في قصر النيل أيضًا كان من المستحيل إيجاد قصر بنفس الفخامة التي يظهر بها القصر في التصوير، فإما إنه سيكون مكلف جدًا، أو إنه سيكون غير صالح للتصوير بسبب عوامل الزمن وتدهور شكله، لذلك استخدمنا الجرافيكس لرسم صورة القصر الخارجية، ولكن التصميم الداخلي ديكور مبني، وذلك لإن بناء قصر مثله مكلف جدًا.

4- هناك تدخلات أقل تأثيرًا وهي الأشيع في الاستخدام، وأصبحت متواجدة في كل المسلسلات تقريبًا التي يتم تصويرها في حقب زمنية مختلفة عن الحقبة الحالية، لابد من تدخل المؤثرات البصرية فيها، مثل “الاختيار” أثناء تصوير المشاهد الخارجية هناك الكثير من المارة يرتدون كمامات بسبب أزمة فيروس كورونا المستجدة منذ عامين فقط، بما لا يتناسب مع أحداث العمل التي تدور في 2013 وما بعدها، فكان يجب التدخل لإزالتها، بالإضافة إلى الملصق الإلكتروني المتواجد على السيارات، لم تكن موجودة وقتها فعدلنا ذلك، بالإضافة لنوع السيارات نفسها، أزلنا الكثير من السيارات الحديثة التي لم تكن ظهرت في تلك الفترة، بالإضافة إلى لافتات الإعلانات التي حدثناها، وأيضًا في “قصر النيل” أزلنا كل ما يدل على العصر الحديث في المشاهد الخارجية، بجانب المشاهد التي تحوي على مشاهد ضرب وحروب وغيرها، والمكلفة بشكل كبير إذا ما تم تصويرها بدون جرافيكس، وكذلك فإن تصويرها مع الجرافيكس إذا كان يتطلب يومًا واحدًا للتصوير فبدونه سوف يتطلب أكثر من أسبوع.

5- من هنا نفهم أن أهمية استخدام الجرافيكس في أنها تساعد بشكل كبير في تقليل تكلفة التصوير ورفع كفاءة المشاهد، ﻷنه يتم تصوير المشهد مرة واحدة على الأغلب دون إعادات، ﻷننا نمتلك إمكانية الإضافة والإزالة والتحكم في كل ما يحيط بالمشهد، ففي مشهد “رابعة” على سبيل الذكر، إذا تم تصويره بدون الجرافيكس فسنحتاج إحضار عدد كبير جدًا من المدرعات والسيارات، وذلك صعب في التنفيذ ومكلف أيضًا، ولكن مع الجرافيكس كان معنا ثلاثة أو أربعة مدرعات على الأكثر، والبقية يتم مضاعفتها بالجرافيكس، بالتالي قلة تكلفة ومجهود.

6- الجرافيكس موجود في الدراما العربية منذ سنوات، ولكن ليس بذلك الشكل المتطور، ففي الماضي كان مجرد ضيف على المسلسلات، ويستند إليه في مهام بسيطة للغاية، لكنه أصبح مؤخرًا لاعبًا أساسيًا في صناعة المسلسلات، وتوسعت استخداماته ونسبة تدخله عن الماضي بكثير.

7- التطور الحاصل في استخدام الجرافيكس في الدراما بالطبع تأثر بتطور التكنولوجيا والإنتاج، ولكن العامل الأهم هو تطور المعرفة وكيفية استخدامه لدى العاملين في هذا المجال، فقد انتشر الجرافيكس بسبب أن الناس أصبحت أكثر مهارة وينقلون خبراتهم وتعليمهم لبعضهم ولعاملين آخرين في المجال، ما أحدث طفرة في الصناعة، فالإنتاج كان يعلم طوال الوقت أن هناك جرافيكس ويشاهدون ذلك في صناعة الدراما العالمية، ولكن دائمًا كانت الفكرة أن ذلك من الصعب تنفيذه في مصر، ولكن حاليًا اختفت تلك الجملة تمامًا، وأصبح المنتجين يدركون جيدًا أننا قادرين على تنفيذ كل شيء بمستوى عالمي.

8- فيلم “الممر” الذي أتشرف بأننا نفذناه في “تريند”، هو أحد الأسباب الرئيسية في توسعة رقعة استخدام الجرافيكس في مصر، فعندما بدأنا العمل عليه تعمدنا فتح مجالات أكبر لاستخدام الجرافيكس بالنسبة للإخراج والإنتاج، وتغيير ثقافة “مش هينفع، هيحتاج فلوس كتير، مش هنقدر”، وبعد ما أضفناه في الفيلم والمستوى الذي ظهر له، أصبح صناع الدراما لديهم قناعة بأننا أصبحنا قادرين في مصر على تنفيذ كل شيء.

9- الجرافيكس بات أساسيًا في صناعة الدراما بنسبة 95%، نسبة بسيطة جدًا من المسلسلات هي التي لا تعتمد عليه وهي تلك التي يتم تصويرها في لوكيشن واحد، أو التي لا تعتمد بشكل كبير على المؤثرات البصرية والإبهار البصري، والموسم الحالي 90% من الأعمال كان للجرافيكس تواجد كبير فيها، ﻷن دراما هذا العام بها مشاهد يصعب تحقيقها في الطبيعة، مثل النحل والمعارك والمخدرات والمطارات وغيرها.

10- نجاح الجرافيكس في أنه لا يظهر أنه جرافيكس، فعندما لا يستطيع المشاهد التفرقة بين المشهد الحقيقي والجرافيكس هنا نستطيع التصريح بأن صناعة الجرافيك لإخراج ذلك المشهد نجحت، ومنها مشهد النحل في لعبة نيوتن.

11- مشهد النحل، من أكثر المشاهد رواجًا في دراما رمضان هذا العام، وقد استلمنا السيناريو ووجدنا الوصف بأن المشهد سيبدأ بتواجد النحل في المكان، بالإضافة للسائل الذي يتغذى عليه لأن النحل هنا بطل أساسي، وجاء ذلك بتوجيه من المخرج تامر محسن، فالعامل الأساسي دائمًا في نجاح مشاهد الجرافيكس هو وعي الإخراج ومعرفته الجيدة بالتصور الأمثل لمثل تلك المشاهد، وهو ما توفر مع رؤية تامر محسن الإخراجية، وقد شرح لنا تصوره بالكامل للمشهد، وحركة النحل، ومن ثم بدأنا دراسة إضاءة لوكيشن التصوير، والتفاصيل الإخراجية للمشهد، ونفذنا النسخة الأولى، ولكن تامر محسن طلب تعديلات عليه، حيث طلب ظهور النحل من بداية المشهد ﻷنه البطل الأساسي فيه فعدلناه وكبرنا حجم النحل، ثم قمنا بتصغيره إلى أن وصلنا للحجم والحرجة المناسبة.

12- النسخة الأولى لمشهد الوفاة بالنحل كانت صعبة، حيث كان النحل أكثر على وجهه، ويدخل في فمه ويخرج، ما اعترض عليه المخرج، وطلب تخفيفه، لأنه يريد توضيح الموضوع للجمهور لا أن يرعبهم، خاصة أنه مسلسل درامي يُعرض في التلفزيون في المنازل، فإذا كان العرض في السينما كان من الممكن تقبله.

13- البطل الأساسي في خروج المشاهد الجرافيكس هو الإخراج، فالمخرج هو صاحب القرار في قوة أو صعوبة المشهد، نحن ننفذ الرؤية الإخراجية، ﻷن لديهم الرؤية اللازمة والمقياس المطلوب لمعرفة مدى قابلية المشهد على الجمهور، خاصة جمهور التلفزيون.

14- أصبح لدي موازنة في الإنتاج، حيث يتم تقييم الأمر إنتاجيًا، هل الأنسب التصوير في مكان مصمم بالكامل بالكوروما أم بناء الديكور الخاص به أم السفر، وذلك في الحالات المتاح لها أكثر من خيار، ولكن هناك حالات ليس لدينا سوى خيار واحد هو الجرافيكس، لأن تنفيذه في الواقع مستحيل.

15- في لعبة نيوتن، هناك الكثير من المشاهد كانت في أمريكا نفسها، ولم نلجأ لأن نصمم كل المشاهد بالجرافيك، ﻷن الرؤية الإخراجية رجحت واقعية المشاهد، فتدخل الجرافيك لا يصح أن يكون في المطلق، فهو عامل مساعد، لا يجب أن يكون بديل للمشاهد الخارجية.

16- مشهد ولادة منى زكي كان مشهدًا حقيقيًا، لم يتدخل الجرافيك فيه، والطفل حقيقي.

17- في “الاختيار2” المهندس أحمد فايز بنى الديكور الحقيقي، ونحن زودنا المدرعات والمباني، بالإضافة إلى الأشخاص، فأغلب الأشخاص في التجمعات مصنعين وليسوا حقيقيين، تم رسمهم بالجرافيك، ﻷن التحكم في ما يقارب ألفين شخص صعب للغاية، لذا يجب التدخل بالجرافيك.


18- صعوبة مشاهد الحروب والاعتصامات وما مثلهما صعوبتهما في التنفيذ هي وجود تفاصيل كثيرة ودخان كثيف بالإضافة لوجود أشخاص كثر يتم تصنيعهم.

19- الجمهور حاليًا واعي بشكل أكبر عن السابق، فأي مشهد غير متقن مثلما نقول في التعبير الدارج “بيحطوه على المسرح” لا يتم تفويت أي خطأ أبدًا، ويتم التعليق عليه ليس من النقاد فقط بل من الجمهور العادي، وذلك تحدي كبير لنا بأننا يجب التركيز في كافة التفاصيل وإخراجها بصورة أقرب للمثالية.

20- بدأنا في مصر أولى خطواتنا للمنافسة العالمية، وأي مخرج يجلس معنا لمناقشة تنفيذ مسلسله، يتطلع للمستوى العالمي، ونحن نجحنا في الوصول للمستوى العالمي بالفعل، فنعندما نبدأ في تنفيذ مشهد ما نبدأ في مشاهدة كافة المشاهد المشابهة عالميًا لدراستها وتنفيذ المشهد كما ينبغي، مثالًا مشهد النحل، درسنا حركة النحل وشكله وسلوكه، لتنفيذه بشكل واقعي تمامًا، وذلك لا يعني تقليد المشاهد أبدًا، فنحن نبحث عن أساسيات تنفيذ المشهد وندرسها لننفذها بأسلوبنا نحن، فمن الصعب أن نأخذ مشهد وننسخه في عمل ما، أولًا لبحثنا عن الاختلاف والتطوير في ما ننفذه ثانيًا ﻷن الجمهور لم يعد يقبل النسخ وبات يكتشف ذلك بسهولة.

21 – تطور الجرافيك أثر بشكل كبير جدًا على كتابة السيناريو، فقبل تنفيذ “الممر” تواصلنا مع كثير من الكتاب المحترفين في مصر، واستعرضنا لهم في الشركة ما يمكننا تنفيذه لتوسعة مخيلتهم في الكتابة، واستخدام الخيال بشكل أكبر، حيث كان في السابق عدم توافر إمكانية تنفيذ مشاهد بعينها، يقتل السيناريو ويحجم إبداع الكاتب، فيبدل الفكرة بفكرة أخرى أسهل في التنفيذ، فدخول الجرافيك جعل المؤلف يكتب وهو مطمئن بأنه سيتم تنفيذه كما يجب.