محمد بركات يكتب: الأهلي vs الدولة

باتت الأزمة المفتعلة الأخيرة بين الأهلي والدولة كاشفة للعلاقة المعقدة بين الشعب بكل فئاته (شيبة وشباب/ ثوار وفلول/ إخوان ومواطنين شرفاء) من جهة والدولة بجميع مؤسساتها من جهة أخرى.. فإذا كانت الحكاية فيها “أهلي” فالكل يتكاتف على قلب رجل واحد انتصاراً لإرادة الأحمر حتى وإن كانت ضد إرادة الدولة ومصالحها.

الدولة اعتمدت العامين الماضيين سياسة ترهيب الشعب من المجهول.. المجهول يتربص بك.. سيأتيك من حيث لا تدري.. الدولة تعلم كل شيء عنه.. على الجميع قبول عقيدة الدولة والإيمان بها دون أدنى تفكير.. لا وقت هنا للتفكير.. المجهول يترقبك وينتظر لحظة مخالفتك لتعليمات الدولة لينقض عليك.

الأغلبية العظمى من الشعب تستجيب تماماً للفكرة وتؤمن بها.. بل وأحياناً ترهب نفسها أكثر مما تريده الدولة لها من ترهيب.. لكن عندما يتعلق الأمر بـ”الأهلي” فالأهلي أهم من الدولة وأبقى!

الدولة إتخذت قرار بنقل مباراة كرة القدم بين كبيري الوطن العربي والقارة الإفريقية “الأهلي والزمالك” إلى ملعب الجونة بالغردقة.. تلك المباراة التي يتابعها الملايين سوف تُلعب في ملعب مؤذي لفكرة الكرة نفسها سواء كان بسبب أرض الملعب غير المستوية أو اللعب عصراً في درجة حرارة مرتفعة للغاية مروراً بمكان الملعب غير المصمم لحجب تيارات الهواء الشديدة.. والسبب هو الترهيب الأمني من لعب مباراة بدون جمهور في أقرب ملعب أدمي من العاصمة يمكن اللعب عليه ليلاً.. والفريقين يرفضان اللعب على هذا الملعب، لكن الشأن يخص الأهلي وحده لأنه صاحب المباراة.. إذاً لا مصلحة للفريقين من اللعب على أرض تلك الخرابة الكروية المسماه باستاد الجونة.

فجأة وعلى غير المعتاد في العامين الماضيين إلتفت الأغلبية طوائف الشعب الأهلاوية من الشباب والشيبة والثوار والفلول والإخوان والدولجية حول إرادة ناديها ضد إرادة الدولة.. في مشهد لن تستطيع الدولة أن تقول هؤلاء إرهابيين أو إخوان أو طابور خامس ويريدون هدم فكرة الدولة ولا يعتبرون لها هيبة ولا يعلون لها مصلحة!

بعد شعور إدارة الأهلي بتكاتف الأهلاوية حوله أصدرت بيان شديد اللهجة ضد الدولة طالباً من خلاله اختيار أحد رغباته الثلاث للعب على تلك الملاعب (بتروسبورت/السويس/شرم الشيخ) وهدد بعدم خوض المباراة إذا ما تم اللعب في ملعب أخر.. مستنكراً فكرة أن الدولة لن تستطيع التأمين أو لا تريد استدعاء عدد أكبر من ضباط وأفراد شرطتها في تأمين مباراة لكرة القدم مهما بلغت أهميتها، بحجة أن الشارع أهم عندها من أي شيء أخر.

مرتضى منصور.. الذي يكرهه جمهور الزمالك ويريدون استمراره رئيساً لناديهم أطول فترة ممكنةـ يكرهونه بسبب أنه إنسان سليط اللسان، عاشق للشهرة، عدو للثورة وشبابها ويصفها وإياهم بأبشع الألفاظ، لكنهم يرون أن صفاته تلك هي الأنسب للحفاظ على حقوق ناديهم التي أهدرت عشرات السنين لمصلحة الأهلي بسبب ضعف مجالس الإدارات المتعاقبة على ناديهم ودخول المال الفاسد والسياسة في تحديد مصير البطولات لعشرات السنين، وبات واضحاً أنهم محقون في هذا فبعد الثورة تغيرت الوضع وأصبح لسان مرتضى كرباج على ظهور من يديرون اللعبة.. أقحم مرتضى نفسه في الأزمة محاولاً طرح حل بديل من أجل مصلحة فريقه وهو اللعب في استاد الجيش بمدينة برج العرب بعد أن طلب من وزير الدفاع الأسبق “حسين طنطاوي” الوساطة لدى وزير الدفاع الحالي للعدول عن قراره السابق بعدم لعب الأهلي على أياً من ملاعب الجيش بعد تحطيم جمهور الأهلي للملعب في نهائي كأس الكونفدرالية الأخير.

محمود طاهر.. الذي يكرهه جمهور الأهلي ويدافعون عنه.. يكرهونه لأنه ليس بقوة “حسن حمدي” رئيسهم السابق الذي كان يأمر فيطاع ويسيطر على القائمين على إدارة اللعبة بسبب نفوذه قبل الثورة بحكم إدارة الوكالة الأشهر والأكبر في مصر وكون الدولة كانت تنظر له كرئيس أكبر نادي في مصر نظرة سياسية، ويدافعون عنه لكونه فقط رئيس النادي الأهلي ويجب تكبيره أمام غيره.. طاهر استدعى 20 ألف مشجع من جمهور الأهلي للمران في ملعب “التيتش” ليستعرض بهم قوته أمام الدولة.. في واحدة من التحديات النادرة هذه الأيام.. لكن الدولة تعاملت بذكاء هذه المرة لكون الأزمة مع شعب بمختلف طوائفه، ويبدو أن طاهر وضع نفسه جهلاً في مرمى سهام الدولة الفترة القادمة.

الدولة استجابت لإرادة الأهلى وجماهيره العريضة بعدم اللعب على ملعب الجونة.. وفي نفس الوقت لم تنصاع لإحدى رغبات “محمود طاهر” الثلاثة وقررت إقامة المباراة على ملعب الجيش ببرج العرب والذي اختاره “مرتضى منصور” في رسالة تبدو واضحة شفافة بأن الدولة اختارت مرتضى منصور ليكون حليفها في مواجهة الأهلي ومحمود طاهر الذي يبدو أنه سيدفع ثمن ما فعله قريباً.

انتهت الأزمة مؤقتا وتبق سؤاان كبيران للدولجية والثورجية :

السؤال الأول للدولجية: هل من المفترض وفقاً لنهجكم في الدفاع دائماً عن سلوك وقرارات الدولة أن تقفوا ضد إرادة الدولة وتحدياتها الأمنية وتكسروا هيبتها؟!

السؤال الثاني للثورجية: هل من مبادئ الثورة أن تهللوا وتفرحوا بقول أن الأهلي دولة داخل الدولة.. رغم أن الثورة قامت بالأساس لرفض وجود كيانات ومؤسسات تعتبر نفسها دولة داخل الدولة؟!

الإجابة: عندما تقف مبادئنا العامة ضد مصالحنا الخاصة.. تُدهس المبادئ وتعلوا المصالح.

.

اقـرأ أيضـاً:

10 علامات إستفهام أجابت عنها الحلقات الأخيرة لمسلسلات رمضان

الفائزون تسعة والخاسرون سبعة في رمضان 2015

مانشيت “ظرف أسود” على خبر “مبارك ونتنياهو”

عمر طاهر يكتب: مكالمة مع وزير الاتصالات

يا أم حسن : الإعلان لو زاد عن حده ينقلب لضده !

 محمد بركات: رسالة إلى باسم يوسف  

 

 تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا