بعد المشاهدة: "خيط حرير".. لماذا تصدر المسلسل منصات التواصل الاجتماعي؟

ياسمين العيساوي

عادت النجمة مي عز الدين، إلى شاشة الدراما بروح جديدة في “خيط حرير”، بعد الانتكاسة التي عاشتها في “البرنسيسة بيسة”، ويبدو أنها توجهت للخيار الآمن، والأكثر طلباً في السوق حاليا، قصّة صعود وتحول، تحلم بها كل امرأة، أو ما يمكن وصفه بـ”دراما المظاهر”.

بطلة جميلة تعتمد آخر صيحات الموضة
يبدو فعلا أن المشاهد لم يعد يفرق بين الدراما ووسائل التواصل الاجتماعي، كما تستهويه “الفاشنيستات” على انستجرام، تجذبه الإطلالات الباذخة في الدراما، حيث سيطر مؤخرا خط درامي مستنسخ عن الأعمال الأجنبية، أو التركية بالتحديد، يقوم على أحداث قد تكون بسيطة، مع بهارات رومانسية، وبطلة جميلة تعتمد آخر صيحات الموضة، وتحمل أغلى حقائب الماركات العالمية، وتسكن بيت فخم وتركب طائرات خاصة، وتقتني أغلى المجوهرات..

نرشح لك: بسبب “خيط حرير”.. هنادي مهنا: حذروا جوزي مني

تدور أحداث “خيط حرير” حول قصّة بطلة اسمها “مسك”، تلعب دورها مي عز الدين، تتعرّض في بداية حياتها إلى أزمة كبيرة، بعد زواج سري من مديرها في العمل انقلب ضدها فيما بعد، وكبدها خسارة فادحة. مما حولها إلى امرأة شرسة تسعى إلى الأخذ بثأرها، وتنجح في ذلك بعد سفرها وعودتها إلى مصر وهي سيدة أعمال، ورثت ممتلكات كثيرة عن زوجها المتوفى، لتبدأ رحلة الانتقام.

مي عز الدين وأدوار الشر
فكرة العمل ليست جديدة، وأداء مي مقبول ومُتقن، مع أني لا أحبذ مشاهدتها في أدوار الشر، التي تضطرها إلى بذل جهد مضاعف، وتستعين فيه غالبا باللوك الذي يعتمد على الشعر الأسود، فيمنحها حدّة بالملامح وصلابة لا تناسب بنيتها الناعمة. وأرى مي ناجحة في أداء دور المرأة الرقيقة أكثر، ذات الشعر البني والنظرات البريئة، وتفوقت بتلك الشخصية في أعمال كثيرة من قبل، ولكن يبقى تحدي خوض مختلف الأدوار مطلوب، وليس خطأ.

“دراما المظاهر” الخيل الرابح في السباق
أصبحت “دراما المظاهر” بمثابة الخيل الرابح في السباق، يموله المنتجين بسهولة، وتطلبه القنوات كثيرا، مع أنه غالبا ما يفتقر للحبكة أو القصة الجذابة، ويبنى بالدرجة الأولى على مظهر أبطال العمل، وما يحيط بهم من ممتلكات، وهذا ما بدى واضحا في “خيط حرير” من أزياء مي عز الدين، ومجوهراتها ومقتنياتها، كالفيلة التي تسكنها والسيارات التي تقلها وغيره.

نرشح لك: بعد المشاهدة| “The Queen’s Gambit”.. قصة بطلة خارقة مليئة بإسقاطات سياسية

وغالبا ما يكون هذا النوع من المسلسلات مستنسخ بشكل مباشر من أعمال أجنبية، مع إضافة بعض البهارات العربية، وأحيانا تكون الإضافة غير مناسبة أو متناسقة مع المجتمع العربي، وهذا النشاز بدى واضحا في أعمال كثيرة، مثل “عروس بيروت” و”خمسة ونص” و”لعبة النسان” وغيرهم، فموضوع الاستنساخ الدرامي بحاجة إلى مقالات خاصة تطرحه من وجهات نظر مختلفة.

شهادة شاهِد من أهل الدراما
أستذكر شهادة النجم قصي خولي، الذي جمعتني به كواليس إحدى البرامج التلفزيونية، عندما سألته عن الابتعاد عن الأعمال التاريخية، وتوجهه إلى “دراما المظاهر” التي لا تعطيه حقه ولا تُظهِر قدراته التمثيلية العالية. فحدثني عما يواجه الممثل بشكل مستمر، وقال لي: “آخر أعمالي التاريخية كانت مسلسل هارون الرشيد، الذي جمعني بنخبة من النجوم.. والعمل أخذ منا وقتا طويلا، وتعبا مضاعفا فيما يخص الأزياء والمكياج، وظروف التصوير الصعبة في حرارة الصحراء وغيره، وفعلا خرج العمل بشكل رائع، لكن القنوات الكبرى لم تشتره ولم يلق أي انتشار ولم يصل إلى الناس.. بينما الأعمال التي تصفينها بـ “دراما المظاهر” تتسابق عليها شركات الإنتاج وتشتريها القنوات قبل إنهائها”.

الحقيقة أن ما قاله قصي كان صادماً نوعاً ما، فبعد سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي على العالم بمشاهيرها ومظاهرها وترفها، امتد “الفيروس” ليصل إلى الدراما، وأصبح سر النجاح، مشاهدة الترف والجميلات الأنيقات الخاليات من العيوب، المُعاد تعديلهم بعمليات تجميل كثيرة. واضح جدا أن التشوه طال كل شيء، ولم يعد أحد يرغب في متابعة الحقيقة الخالية من الرتوش.

لوحة فنية مترابطة
مسلسل “خيط حرير” الذي تدور أحداثه فى 35 حلقة، من تأليف محمد سليمان عبد المالك، وإخراج إبراهيم فخر الذى تعاونت معه مي في 4 مسلسلات.. وقد نجح فخر وعبد المالك في جذب المشاهد، بمقدمة مشوقة جدا جمعت بين أحداث الماضي والحاضر في العمل، مما جعل المشاهد يشعر بأنه يتابع قصتين مختلفتين، وكنت أفضل تغيير أكبر في شكل مي بين القصّتين لتبدو أكثر إقناعا.

توزيع الأدوار واختيار الفنانين كان من ضمن أهم العناصر التي ساعدت في نجاح العمل وأعطته جماهيرية قوية منذ بداية عرضه، فبراعة أداء النجمة سوسن بدر طغى بشكل كبير على الحلقات، فدور الأم القوية والمتسلطة لم يكن بسيطاً ولفت الأنظار بشكل كبير، كما أن نيكولا معوض يخطو بخطوات ثابتة في الدراما المصرية ويستحق الإشادة، وباقي فريق العمل أكمل لوحة فنية مترابطة، لا يوجد بها أي نشاز أو خلل، من محمود عبد المغني وهنادي مهنى ومحمد سليمان وصفاء الطوخي وغيرهم.

كما أن طرح المسلسل خارج السباق الرمضاني أعطاه قوة، كون الساحة الدرامية تعاني من فراغ، فنجح في لفت الأنظار وتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه خطوة ذكية جدا من صناع العمل، خاصّة أنهم يسعون للعودة باسم نجمة أخفقت في آخر أعمالها الرمضانية، وأخذت هدنة لتقابل الجمهور من جديد، بشكل أنيق وفخم إذا لم يقنعهم درامياً فسيبهرهم بمظهره.

نرشح لك: بعد المشاهدة| “the crown”.. خبايا صادمة في القصر البريطاني!