بعد انتحار مراهقة.. وسائل التواصل الاجتماعي كانت السبب

محمد إسماعيل الحلواني

عرضت الشابة اليابانية “نوا تسوكينو”، 18 عامًا، عبر منشورات متعددة لها، منذ سبتمبر الماضي، أفكارها الانتحارية التي أصبحت معروفة لمتابعيها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبدلًا من ان تدق منشورات هذه المراهقة، ناقوس الخطر وتجد الفتاة على المساعدة النفسية والدعم الذي تحتاجه، أصبحت الفتاة ضحية أخرى للتنمر عبر الإنترنت في بلد أصبحت فيه مثل هذه القصص مألوفة للغاية، وتلقت منشورات ألمحت فيها الفتاة إلى أفكارها الانتحارية تعليقات سامة، بما في ذلك تعليق قال لها “كفي عن كسب التعاطف بهذه العبارات المزيفة”.

نرشح لك: توقعات خبراء منصات التواصل الاجتماعي لعام 2021

في 27 سبتمبر، تركت تسوكينو رسالة أخيرة ردًا على التعليق المسيء، حيث شكرت أصدقائها وأحبائها الآخرين، وأكدت قرارها بإنهاء حياتها قائلة: “الشيء التالي الذي سأفعله هو التأكد من أن أصبح ميتة.. وداعًا”.
ويُظهر ارتفاع حالات الانتحار في اليابان ارتباط حصيلة ضحايا الصحة العقلية بانتشار وباء كوفيد-19. وقد سجل معدل انتحار الأحداث في اليابان رقما قياسيا في عام 2019.

وكشفت صحيفة Japan Times عن تقارير تتعلق بمعلومات كثيرة على الإنترنت تشجع على زيادة الانتحار في اليابان وسط الوباء كما لفتت الصحيفة إلى ارتباط ارتفاع حالات الانتحار في اليابان بالتأثير الاقتصادي لفيروس كورونا.

وقتلتْ تسوكينو وإحدى صديقاتها نفسيهما في وسط مدينة ناجويا في 30 سبتمبر. وفي رسالة انتحار، أشارت إلى أن التنمر عبر الإنترنت دفعها إلى الانتحار.

أكدت والدة تسوكينو وفاة ابنتها في اليوم التالي، بعد وقت قصير من إعلان وسائل الإعلام عن الحادث قوبل الخبر بفيض من الألم بين الشباب عبر الإنترنت، حيث أعرب الكثير منهم عن أسفهم لعدم إنقاذها. وسرعان ما وجه مستخدمو الإنترنت غضبهم إلى أولئك الذين انتقدوا تسوكينو، ولا سيما الشخص الذي وصفها بـ”الزائفة” على تويتر، تم حذف هذا التعليق في وقت لاحق.

كما تم استهداف زميلة لتسوكينو بالمقهى الذي كانت تعمل به بدوام جزئي، حتى أن أحد مستخدمي يوتيوب نشر مقطع فيديو أُجبرت الفتاة خلاله على الركوع والتوسل طلبًا للمغفرة. ودعت والدة تسوكينو، التي تخشى أن تؤدي مثل هذه الأعمال الانتقامية إلى سقوط المزيد من الضحايا، إلى وقف المنشورات المسيئة. وقالت الأم: “ليس هذا ما كانت تريده ابنتي”.

تزايدت الدعوات لسن تشريعات ودفع تغييرات قانونية تتعلق بالتنمر عبر الإنترنت منذ العثور على هانا كيمورا، 22 عامًا، وهي عضوة في فريق التمثيل في برنامج واقعي شهير “Terrace House” تبثه نتفيلكس، وعثر عليها ميتة في عملية انتحار مشتبه بها في مايو 2020، بعد أن أصبحت هدفًا لرسائل كراهية على وسائل التواصل الاجتماعي.

واقترحت لجنة حكومية الشهر الماضي تقليص إجراءات المحاكم حتى يتمكن ضحايا التسلط والتنمر عبر الإنترنت من التعرف بسرعة أكبر على الأفراد الذين يقومون بنشر منشورات تشهيرية.

وتلقت لجنة من وزارة الاتصالات اليابانية أكثر من 5000 شكوى حول إساءة استخدام الإنترنت بما في ذلك التشهير في السنة المالية 2019، أي حوالي أربعة أضعاف من السنة المالية 2010. وتخطط الحكومة لتقديم مشروع قانون لمراجعة القانون الحالي إلى جلسة البرلمان العادية العام المقبل.

لكن تشيكي أوجيو، الخبير المختص في قضية التنمر عبر الإنترنت، قال إن الإساءة عبر الإنترنت من المرجح أن تستمر في إحداث مثل هذه المآسي ما لم تتخذ منصات وسائل التواصل الاجتماعي بنفسها تدابير أكثر استباقية.وقال أوجيو: “يجب أن يكون هناك نظام يقيِّم مدى ملاءمة المنشور المسيء كلما تم إنشاؤه”.