ثلاثية تحقيق الأحلام في "ما وراء الطبيعة"

“البطولة ليست مقصورة على ذوي العضلات وذوات الفتنة، الحلم مكفول للجميع”.. جملة قالها الدكتور أحمد خالد توفيق قبل سنوات طويلة، ويبدو أنها تتحقق الآن، فروايات “ما وراء الطبيعة” التي ظّل يحلم بتحويلها لأعمال فنية وسعى جاهدا في ذلك، ها هي ترى النور، وتحقق نجاحا أكبر مما حققته وهي مكتوبة، ليس لأن ما تم تقديمه تلفزيونيا أفضل من المكتوب، هذا نختلف ونتفق فيه كما نشاء، لكن لأن تحويلها لأعمال درامية جعل انتشار الكاتب الراحل يصل لأوساط أكبر بكثير من مجرد تلاميذه وقرّاه المخلصين.

وفاة أحمد خالد توفيق في حد ذاتها، كانت أكبر نقطة انتشار له في مصر كلها، فبمجرد إعلان نبأ وفاته قامت الدنيا ولم تقعد، واكتشفنا مئات الآلاف من الشباب المتأثرين به، المخلصين له ولما كتبه، تربطهم ذكريات كثيرة معه، ليس لأنهم يعرفونه شخصيا – وبعضهم يعرفه بالطبع – لكن لأن كتاباته شكّلت جزءا كبيرا من ذكرياتهم… أمر عظيم أن تكون جزءا أصيلا في حياة أشخاص لا تعرفهم، بمجرد كلمات تكتبها، وهو نجح في ذلك كما لم يفعل غيره، بل صنع جسر تواصل لا يزال ممتدا حتى بعد رحيله.

نرشح لك: بمكتبة “شراع”.. كواليس تصوير وثائقي “ما وراء الطبيعة”

“ما وراء الطبيعة” كان بمثابة الحلم الكبير الذي تحقق للدكتور أحمد خالد توفيق، واكتسب من خلاله جمهورا جديدا لا يعرفه ولم يقرأ له، وأصبح انتشاره يتخطى حدود تلاميذه لجمهور من ثقافات وبلدان مختلفة، المهم أن الحلم تحقق.. حتى وإن كان بعد الممات!

المسلسل لم يكن محطة تحقيق الأحلام للكاتب الراحل فحسب، بل أيضا نقطة تحوّل فارقة في حياة بطل العمل أحمد أمين، فالجمهور يعيد اكتشافه من جديد ويتساءل: هل هذا هو نفسه الشاب الذي قضى سنوات طويلة لا يجد سبيلا لعالم التمثيل، حتى لما عرفه الجمهور كان من خلال فيديوهات قصيرة على مواقع التواصل، ثم برامج ساخرة، وانتهاء بدخول التمثيل ونجاحه في الكوميديا؟ كيف انتقل من سمسم ابن الدادة للدكتور رفعت إسماعيل؟!

بمجرد الإعلان عن اختياره لبطولة السلسلة واجه انتقادات واعتراضات كثيرة، لكن مع عرض المسلسل أثبت أن لديه مواهب فنية لم يرها أحد من قبل، وبالتأكيد ما بعد المسلسل لن يكون كما قبله على الإطلاق، لأن أحمد أمين أعاد اكتشاف نفسه، وخالف توقعات من اعتبروها المغامرة التي ستفسد سنوات النجومية الماضية.

وتكتمل ثلاثية تحقيق أحلام “ما وراء الطبيعة” بالفنانة سماء إبراهيم، التي تتوالى الإشادات بها منذ عرض الحلقات، رغم أن رحلتها في التمثيل بدأتها منذ الطفولة وامتدادا بمسرح الجامعة ثم المزيد من الأعمال المسرحية بعد ذلك، لكنها ابتعدت لفترة بسب ظروف أسرية كثيرة، إلا أن زوجها ووالدتها دعماها كثيرا للعودة من جديد، فشاركت في العديد من الأعمال الدرامية أبرزها مسلسل “طايع”.

لكن يبقى “ما وراء الطبيعة” الحلم الأكبر والتجربة الأهم، ليس لكونها أجادت التمثيل ببراعة، وأن مساحة الدور كانت بالقدر الكافي الذي يسمح بظهور موهبتها، لكن لأن مفارقات القدر جمعتها بأحمد أمين بعد 22 عاما من اللقاء الأول بينهما، حين شاهدت عرضا لشكسبير بمسرح الطليعة لمخرج وممثل شاب انبهرت بموهبته وأدائه وتمنّت لو أنها عملت معه، فتمر السنوات وينال حظه من الشهرة وتبدأ هي في العودة للمجال ويجمعهما “ما وراء الطبيعة”، وكأنه الفرصة التي حققت أحلام كل من شارك فيها.