هشام المياني: مصر تحارب إرهاب أعدائها وجهل إعلامها


كيف تحول الإعلام المصري إلى منبر لبث سموم الجماعات الإرهابية ويجعل الجيش مضطرا للتوضيح والدفاع عن نفسه طوال الوقت؟

 نقلا عن جريدة المقال

لم يعد صعبا على أي شخص أن يفهم حقيقة ما يدور في سيناء، إنها ليست مجرد مواجهات مع جماعات إرهابية أو عمليات نوعية، بل هي حرب بمعنى الكلمة، حرب منظمة بدقة ومخطط لها بعناية وممولة بكثافة.

حرب ليست ضد الجيش بل ضد الشعب في الأساس، لأنه الوحيد حتى الآن في المنطقة الذي لم تفلح معه محاولات بث الفتنة والفرقة أو سوقه إلى تأييد مخططات وقعت فيها شعوب دول مجاورة.

حرب ضد شعب موهوب بالفطرة في اكتشاف عدوه حتى وإن كان يعيش معه لسنوات مدعيا أنه من نفس نسيجه.

الأحداث الدائرة الآن في سيناء تؤكد أن هناك حالة هيستيريا انتابت من يخططون منذ زمن للإيقاع بهذا البلد ولما وجدوه صامدا أمام جميع مخططاتهم الخفية والشيطانية أعلنوا الحرب صراحة، وبدأوا في التنفيذ من سيناء أهم نقطة تعبر عن السيادة المصرية لأنها خاضت حروبا كثيرة حتى حررتها ودفعت أثمانا كبيرة من دماء أبنائها مقابل ذلك.

قاموا بضرب الكمائن وحاولوا السيطرة على قسم شرطة الشيخ زويد من أجل أن يكون لهم نقطة ارتكاز رسمية تعبر عن دولتهم المزعومة “داعش” من أجل التصوير للعالم أن مصر دخلت في منعطف العراق وسوريا وليبيا.

القوات المسلحة أعلنت صراحة في بيانها عن الأحداث أن ما يحدث في سيناء حرب حقيقية، ولكن اللافت أن الدولة على المستوى السياسي مازالت توصف ما يحدث بأنه مواجهة مع الإرهاب، فهذا التوصيف يدل على قصور في تقدير خطورة الموقف، فهو ليس مجرد عدة عمليات إرهابية قامت بها مجموعة وهربت، بل هي قوات مدربة ومنظمة تريد السيطرة على الأرض أيضا وفتح فرع للدولة الإرهابية الممولة من الغرب في سيناء من أجل الانطلاق منها إلى ربوع القطر المصري لتعيث فيه الفساد والتخريب.

ما يحدث في سيناء يحتاج إلى أن نتعامل معه على أنه حرب لا تقل خطورة عن اقتتال بين دولتين بل قد يكون أخطر لأنك تواجه جماعات تم تجميعها من أحقر وأحط بني البشر لتنفيذ مخطط التخريب.

الكارثة الأكبر في كل ما يحدث هو حال بعض منابر الإعلام المصري وخاصة المواقع الإخبارية التي تحولت إلى بوق للجماعات الإرهابية المنظمة وتبث بياناتها وتصريحاتها وكأن هذه المنابر الإعلامية والقائمين عليها أصبحوا يساوون بين الدولة وتلك الجماعات بل ويعطونها شرعية الوجود على الساحة الإعلامية وأكثر من ذلك أنها يساهم في تنفيذ مخطط هذه الجماعات ببث الرعب في نفوس المصريين والتأثير في عزيمة جنود الجيش.

وهذا إن دل على شيء فهو يدل على جهل مقيت ضرب بعض الإعلام المصري خلال الفترة الأخيرة لدرجة أفقدته التمييز والقدرة على قراءة الموقف وكيفية التعامل معه.

الأكثر عجبا أن تجد بعض الأصوات المقيتة التي تبرر ذلك بأن المؤسسة العسكرية لا تتعامل بشفافية ولا تمد وسائل الإعلام بالتفاصيل الكاملة عن ما يدور على الأرض مما يضطرهم للأخذ عن تلك الجماعات وكأن الهدف عند الإعلام ملء مساحات وليس مساندة الدولة في حربها الخطيرة هذه.

الأخطر أن نجد الإعلام الأجنبي ينقل عن بعض المواقع الإخبارية المصرية هذه البيانات والأرقام المغلوطة عن عدد الضحايا في صفوف الجيش ويصورها للعالم على أنها حقائق وأن الإرهاب تمكن من الانتصار على الدولة المصرية.

فضلا عن الملاحقة المستمرة والإصرار والضغط على الجيش للإفصاح عن كل ما يدور على الأرض، هذا يدل أيضا على فقدان بعض الإعلام المصري للقدرة على التمييز بين ما هو استراتيجي ويمس الأمن القومي وبين ما يمكن إتاحته دون ضرر، فهل يخفى على أحد أنه وقت الحروب ووقت العمليات العسكرية يكون ضمن خطط الحرب عدم الإفصاح عن جميع التفاصيل في ظل استمرار القتال؟

ألا يعلم القاصي والداني أن هناك أمور لو أعلنت تؤثر في نتيجة القتال وعزيمة الجنود؟

لقد عمت الجماعات الإرهابية إلى جر الإعلام إلى ملعبها وتبث له بيانات ومعلومات تثير الذعر والفضول وبدوره يحاول الإعلام أن يجر القوات المسلحة إلى ملعب هذه الجماعات بأن يحاول الجيش طوال الوقت الدفاع عن نفسه وتكذيب ما تبثه تلك الجماعات وبدلا من أن يركز الجيش في القتال على الأرض أصبح عليه عبء إضافي وهو أن يحارب ما يبثه الإعلام المصري من بيانات لتلك الجماعات.

ولكن النقطة المضيئة في كل ما يحدث أن المعركة الحربية الحاسمة الدائرة في سيناء حاليا أظهرت وحدة وتماسك المصريين خلف جيشهم وقدرتهم على التمييز بين وقت الحرب ووقت الخلاف السياسي، حيث شهدت مواقع التواصل دعم غير مسبوق للجيش من جانب الشباب والكبار على مختلف انتماءاتهم السياسية أو أفكارهم.

أما من لا زال يحاول أن يجد لنفسه المبرر لعدم إعلان موقفه من ما يحدث في سيناء بدعوى انه غير ملم بالتفاصيل فمصر ليست في حاجة له لأنه إذا لم يكن يعلم أنه لا خيار آخر غير دعم الوطن في مواجهة خطر داهم مهما كانت المبررات فهو شخص لا يستحق تراب هذا الوطن.

اقرأ أيضًا:

هشام المياني: السيسي عايز نواب بمنطق العرسان.. يبقى الفلوس هتكسب البرلمان!

هشام المياني: “لجنة سياسات” السيسي لحكم مصر!

هشام المياني: السيسي بيطلب من “ناس عايشة في الثلاجة” تنمية وتطوير سيناء!

هشام المياني: السياسة الغائبة عن قرار الرئيس بالعفو عن الشباب

هشام المياني: المسئول ما بيشفش الغلط ويسكت.. ده هو الغلط ذات نفسه !

 هشام المياني: قصر الاتحادية للأعمال الخيرية!

 .