لمة كُتاب.. محتوى هادف بعيدا عن الترند الزائف

حسام عبد القادر

بعيدا عن مسلسلات رمضان وبرامجه على القنوات الفضائية، والصراع الدائر حول برامج المقالب وسخافتها أو جديتها وبيان المجلس الأعلى للإعلام الذي لا أهمية له مع الأسف، هناك عالم آخر يسير بخطوات ثابتة وراسخة على اليوتيوب، هذا العالم الذي أراهن عليه منذ سنوات وأرى أنه المستقبل.

لجأ كثير من الموهوبين والمبدعين إلى اليوتيوب ليخرجوا طاقاتهم الإبداعية في صورة برامج مختلفة ومتنوعة، وبدأوا يحصدون عددا كبيرا من المشاهدات، وبدأ البعض يراهن على المحتوى وهو أمر صعب في زمن برامج التيك توك وغيرها، فالسطحية والسخافة طالت أيضا قنوات اليوتيوب وتفوقت على قنوات التليفزيون بجدارة.

نرشح لك – 100 كتاب ورواية يرشحها لك المثقفون للقراءة خلال حظر التجول

وبرأيي أننا لا يجب أن نلتفت ولا نلقي بالا لهذه النوعية من البرامج حتى لو وصلت مشاهداتها لملايين، فهذا موجود في كل زمان وكل وسيلة إعلامية منذ بدأت الوسائل الإعلامية في الظهور، ولكن الأهم أن نلتفت لمجهودات تبذل لتقديم محتوى هادف وجيد على اليوتيوب في الوقت الذي استسلمت فيه أغلب القنوات التليفزيونية للعملة الرائجة التي تعتمد على الإثارة بأنواعها والتي تجلب الإعلانات وبالتالي الملايين.

ومن البرامج التي لفتت نظري وبقوة على اليوتيوب برنامج “لمّة كُتَّاب” والذي يقدمه كل من الباحث محمد غنيمة والكاتب مختار سعد شحاتة، والاثنان مبدعان من الدرجة الأولى مع اختلاف كبير في توجهاتهما وطبيعة شخصيتهما ولأنهما أصدقائي فأنا أعرفهما جيدا، وقد يكون هذا التنوع في شخصياتهم هو ما ساعد على وجود تعاون رائع بينهما في تقديم برنامج ثقافي متميز.

اختار غنيمة ومختار أو ميخا كما نقول له، أن يبدأ برنامجهما في شهر رمضان ويقدما ثلاثين حلقة مع ثلاثين كاتبا ومبدعا من مختلف المجالات الإبداعية، وأن يكون محور الحلقات كلها عن الكتابة من منظور وزوايا مختلفة وبدأت أولى حلقات البرنامج بداية قوية مع الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، وأيضا لم يحصرا أنفسهما في الكتاب المصريين فقط، وهذا ما يحسب لهما فتجولا مع كتاب من كل أنحاء العالم، ومنهم عرب مقيمين في دول أجنبية.

ً#لمّة_كُتّابالحلقة الأولى: ضيف اللقاء الأستاذ إبراهيم عبد المجيد تابعونا على اليوتيوب من هنا: https://www.youtube.com/channel/UCTLhPphGIAoq3mI4NGugLwQ

Geplaatst door ‎لمّة كُتّاب‎ op Vrijdag 24 april 2020

في الواقع إن تجربة ميخا وغنيمة تستحق التقدير والتأمل، ففي الوقت الذي لم يعد هناك برامج ثقافية حقيقية في القنوات التليفزيونية واندثار أو انحسار صفحات الثقافة في الصحف ووجودها على استحياء في المواقع الإلكترونية، يتصدران ببرنامج “لمة كتاب” ليقدما محتوى ثقافي من الدرجة الأولى، ويراهنا على المحتوى، دون اهتمام بعدد المشاهدات والذي أراهن بدوري أنه سيكون كبيرا.

ففي الوقت الذي أصبحت الصفحات الثقافية لا لزوم لها ومجرد تكملة لعدد صفحات الجريدة وتحذف عند وجود إعلانات، وتحولت البرامج الثقافية إلى برامج منوعات، وفي الوقت الذي أصبحت فيه الثقافة كلمة تقال لمجرد الديكور، نجد أن الحلول البديلة من خلال قنوات اليوتيوب ستكون هي الرهان القادم، خاصة أن القنوات التليفزيونية سيأتي عليها الوقت وتنتهي مثلها مثل الصحافة الورقية التي تعيش “إكلينيكيا” الآن، ولكن القنوات التليفزيونية سيكون لها وضع مختلف.

 

“لمة كُتاب”.. محتوى تعليمي ثقافي عن الكتابة الإبداعية ينطلق في رمضان

 

إن شكل خريطة الإعلام ستتغير تغيرا كبيرا خلال سنوات قليلة، وكل أشكال الوسائل الإعلامية سيتم إعادة تشكيلها من جديد بعد اكتساح وسيطرة شبكة الإنترنت بروافدها من يوتيوب وسوشيال ميديا وغيرها، ويكفي أن عددا كبيرا من الجمهور الذي يتابع المسلسلات يلجأ لرؤيتها الآن من على اليوتيوب، ويقوم باستخدام شاشة التليفزيون فقط للعرض دون استخدام القناة نفسها، وهو تغير يجب أن نضعه في حسابنا ونحن نرصد عالم الميديا.

إن “لمّة كُتَّاب” نموذج يحتذى في محتوى هادف، ويجب أن يليه نماذج أخرى عديدة، وأرى أنه على المبدعين أن يحذو حذو ميخا وغنيمة ويقدموا على التجربة دون خوف أو تردد، وأعلم أن هناك كثيرين لديهم ما يقدمونه ولكنهم متوجسين خيفة، ولكن أتمنى أن تجربة “لمّة كُتَّاب” تشجعهم على البدء في مشاريعهم الإعلامية.