خالد منتصر: لحم الحمير وترامادول الهري الإعلامي

الإعلام المصرى صار وقوده التفاهات والكذب، صار لا يبحث عن الحقيقة بقدر ما يبحث عن الإثارة والشطشطة والشعوطة والأخبار الحراقة، ولو خرج تكذيب جامع مانع مفحم يثبت أن هذا الخبر مفبرك، فإن الإعلام ودن من طين وودن من عجين ويعمل فيها من بنها وكأنه فى غيبوبة!!، نقول للإعلام ده طلع تور يقول الإعلام احلبوه!، نقول للفضائيات صحة الخبر كذا وكذا ترد الفضائيات مين.. فين.. اللهم اجعله خير.. يا عم خلينا فى موضوعنا!.

الإعلام يتعامل مع الخبر المثير تعامل المدمن مع الترامادول، يبدأ بنصف قرص وينتهى بالشريط كاملاً، يطلب زيادة الجرعة لكى يعيش ويطيل مدة البقاء واللقاء الحميم الحرام مع شركات الإعلانات حتى لا يحدث القذف السريع للمذيع من نافذة المحطة!، قضية لحم الحمير خير مثال على هذه العشوائية الإعلامية وإدمان الهرى الفضائى والصحفى والفيسبوكى. لحم حمير فى مزرعة بالفيوم، خبر حلو مثير، هل الغرض هو معرفة أين يذهب هذا اللحم؟، لأ طبعاً، الغرض هو اختراع أكذوبة وعمل فرقعة وربط المشاهدين السذج أمام الشاشات وهم فى حمى وهستيريا وصرع ضغطات الريموت وانتقال أزراره بين المحطات، خرج مدحت كوتة فى وسط هذا الزار الصارخ يقول: نعم هذا اللحم الحميرى مخصص للسيرك وأيده المحافظ وصدق على كلامه المسؤولون بالأوراق، المفروض يخلص وينتهى الموضوع ونغلق الصفحة، لكن كيف ينتهى الموضوع؟، إنت عايز الشاشات تضلم، وشركات الإعلانات تفلس وماتقبضناش؟!!، ده انت قلبك اسود قوى وساذج قوى قوى، تستمر ماكينة الأكاذيب وتستعر ألسنة اللهب الإعلامى، وتفتح الفضائيات تجدها شغالة هرى فى الموضوع، وللأسف زى ما الفضائيات عايزة كده، الناس عايزة كده كمان، ترامادول الكذب والتضليل وعبادة صنم الإعلان والترافيك المقدس، خرجت رصاصة الكذب ولن تستطيع إعادتها ثانية، تضخمت كرة الثلج على منحدر الجبل الجليدى، تتضخم أكثر وأكثر، المذيع مستمتع، والقناة بتكسب، الجمهور يصفق ويحبس الأنفاس وينكت ويهزر، نسبة المشاهدة تزيد، لكن أين الحقيقة؟، هل استمع أحد إلى التكذيب والتوضيح؟، بالطبع لا، كل ما حدث أن شرارة الكذب ولدت جهنم، وأن الجنين المسخ السفاح قد صار عملاقاً يمشى فى الأرض مرحاً، انعقدت مصاطب الفضائيات وبلاعات الفيسبوك ومراحيض نميمة التواصل، وبدأنا نلضم الأكاذيب فى عقد عبثى شيطانى عجيب، مسؤول الطب البيطرى يقول لحم الحمير لا يضر، الخبير الاستراتيجى فى الحمير يعطيك درساً على قناة كذا كيف تفرق بين لحم الحمير ولحم البقر باللون والدهن؟!، الشيخ فلان فى حلقة اليوم فى قناة كذا الدينية يعطيك الرأى الشرعى النهائى فى حكم من أكل لحم الحمير عن طريق السهو، المطاعم التى تعانى من البطالة والإفلاس تسرب قائمة بأسماء المطاعم التى يورد إليها صاحب مزرعة الفيوم لحم الحمير، وبالطبع تضم هذه القائمة أشهر مطاعم الكباب فى مصر وتضطر للتكذيب، وبالطبع وكالعادة لا أحد يسمع أو يهتم!، عصاب جماعى وكذب شعبى وحالة إدمان وتولة وطنية عجيبة، المسألة ليست فى قضية لحم الحمير فقط ولكنها حالة إعلام لقمة قوته وأكل عيشه ووقود استمراره من الغيبة والنميمة وأكل لحوم البشر، فيديوهات مجتزأة، تسريبات مبتسرة، أخبار مضروبة، شائعات متداولة… إلخ، المهم أن تخلق الأكذوبة وتنفخ فى الكير حتى تشتعل نارها وتلمع ويسمع فحيحها، اربط كرة اللهب فى ذيل قط إعلامى ضال واتركه يعدو فى غيطان قمح الوطن الجريح المنهك المريض الغلبان، المدهش أن الناس تنشغل بالقط فى ماراثونه الجهنمى ولا تنشغل بإطفاء الحريق، لن تسمع أحدا ينادى فين طفاية الحريق، بل ستجد الجميع يقول مندهشاً شايف القط بيجرى ازاى؟، هو راح فين؟، ده شكله حلو قوى وديله مولع… إلخ!!، كيف وصلنا كإعلام وكمواطنين إلى هذه التفاهة والهيافة وإدمان الترامادول الإعلامى وخلق بالونات الأكاذيب الفضائية؟!

ملحوظة: فى نفس أسبوع لحم الحمير كان هناك شباب يحتفلون فى الفيوم بنجاح تحويل مخلفات البيئة من روث ونفايات وخلافه إلى وقود وبيوجاز بغرض استغناء الفلاحين عن أنابيب البوتاجاز تحت عنوان «سبعة مليارات حلم على كوكب واحد»، هل تحدثت فضائية أو اهتم مذيع بهذا الخبر؟!، أم لأنه خبر غير حراق ولا يهتم به جمهور الفيسبوك فيجب دفنه مع النفايات.

نقلا عن موقع “المصري اليوم”

اقرأ ايضـا :

خالد منتصر: “ماسبيرو”.. ولد عملاقاً ومات قزماً

أحمد موسى ينفي أنباء حبسه

عكاشة: هجوم إرهابي على قناة السويس في رمضان

ضبط وإحضار محمد رمضان

إلهام شاهين تعتذر للجالية المصرية في ألمانيا

صور شيرين عبد الوهاب في الثانوية

القنوات المصرية: مؤتمر أفريقيا يتصدر وجريمة الأقصر تتراجع

5 أزمات متتالية.. ماذا يجري في الأهرام؟

 

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا عبر الفيس بوك من هنا