"في سبع سنين".. عن جحيم الشباب العائد من جنة التنظيم الزائفة

منى سلمان فيلم في سبع سنين

شاهدت مؤخرًا الفيلم الوثائقي الذي أنتجته الجزيرة بعنوان: “في سبع سنين”، آثرت أن أشاهد الفيلم بعد انتهاء الزوبعة التي أثارها على مواقع التواصل بين محتفِ وناقم، من أكثر الأراء التي سمعتها وبدت لي غريبة بعد مشاهدة الفيلم هو أنه اختزل الثورة في شباب التيارات الإسلامية، فالفيلم واضح ومحدد في هدفه ويتحدث من منظور هؤلاء الشباب على وجه التحديد، وكيف غيرتهم الثورة وما حدث بعدها وبخاصة الهزيمة التي لم تخطر على بالهم من قبل للتيار الذي ينتمون إليه.

فالفيلم ينطلق بأسئلة تبدو ذاتية من وجهة نظر صناعه الذين يمثلون بشكل ما شباب هذا التيار الذي نشأ في ظل أفكار ومفاهيم ورؤى وتفسيرات يقينية لهذا العالم من وجهة نظر الإسلام السياسي؛ مثلت ثورة يناير صدمة اللقاء الأول مع التيارات الأخرى في المجتمع والتي كانت مجرد قوالب نمطية زرعتها هذه التنظيمات في أبنائها، خاصة هؤلاء الذين ينتمون لعائلات إخوانية ولم يعرفوا شيئًا خارج حدود عالم صارم يختار لهم الأفكار التي ينتمون إليها، والكتب التي يقرأونها، ويضع لهم النموذج ويحدد وصفة النجاة.

الفيلم يرصد هذه الحيرة التي عاشها هؤلاء الشباب بعد أن رأوا سقوط الأفكار التي زرعتها هذه التنظيمات في مواجهة مختلفة لأنها كانت مع المجتمع ولم تكن فقط مع السلطة بالشكل الذي اعتادوه وسقوط الرموز التي طالما تطلعوا إليها، ويقدم قراءة متعجلة لكنها  تصلح أساسًا للدراسة المتعمقة حول التأثيرات التي يتعرض لها هؤلاء الشباب، وما هي المؤثرات التي جعلتهم على هذه الصورة؟، بداية من تأثير العزلة الاجتماعية والفكرية التي تجعل أفكار هذه التنظيمات بمثابة المسلمات لدى أبنائها إلى الرموز التي لعبت دورًا في استمالة الشباب لأفكار الإخوان والسلفيين، وهنا يتكرر ذكر الداعية عمرو خالد كواحد من الذين اجتذبوا الشباب لهذه الأفكار ثم كنموذج للخذلان الذي تعرضوا له، ويظهر الدور الذي لعبه مشايخ السلفية المشهورين في رسم حدود عالم هؤلاء الشباب وغسل أدمغتهم بتقديم يقين زائف يدفعهم سقوطه أمام أعينهم إما للتطرف في إنكار الدين أو الكفر بالمجتمع وحمل السلاح في وجهه.

انقسمت النماذج التي تعرضت للتحول بعد أن كفرت بأفكار هذه التنظيمات -و التي قدمها الفيلم- إلى طريقين: إما الإلحاد والشك التام في وجود الله عز وجل كرد فعل على سقوط التعاليم التي لقنها لهم التنظيم أو الشيخ الذي خذلهم في أول تجربة توضع فيها هذه الأفكار على المحك، والطريق الثاني هو التحول إلى حمل السلاح انطلاقًا من كفرهم بكل من التنظيم والمجتمع الذي خذلهم هو الآخر ونبذ أفكارهم فقرروا أن يلجأوا إلى طريق اللاعودة.

الأسئلة التي طرحها مقدم البرنامج ماهر عقل كانت تبدو أسئلته وأسئلة أبناء جيله من أبناء هذه التنظيمات الذين يتخبطون في الحيرة والاحساس بالخذلان وأيضًا عدم الأمان نتيجة خيبة الأمل في التنظيم الذي لم يعرفوا غيره، ومؤكد أنها أيضًا أسئلة الكثير من الشباب الذين تعرضوا لعقود إلى غسيل الأدمغة عبر كتب ومساجد ودعاة صوروا لهم أنهم يملكون مفاتيح جنات عدن.

بعض هؤلاء الشباب الذين اتجهوا للتنظيمات المسلحة هم شباب عادي لم يسبق له الارتباط بتنظيمات كان يسمع في “الجاهلية” كما يصفها أغانِ أم كلثوم و فيروز ويحب بنت الجيران ويخشى أن تتعرف عليه والدته  وتراه في الصورة التي ربما لا يزال متشككًا في اختياره لها.

على أي حال لا أظن أن الأسئلة التي يطرحها الفيلم سواء من باب المراجعة داخل هذه التيارات أو حتى الفضفضة أو إلقاء اللوم على المجتمع أو التمرد على التنظيم  يجب أن تكون أسئلة الإسلاميين أيًا كانت دوافعها، لكن عليها أن تكون أسئلة مجتمع يحتاج أن يحمي شبابه ويعرف كيف يتم غسيل أدمغتهم ولأي مدى يمكن استعادتهم، على الأقل ونحن بصدد استقبال عائدين جدد من تنظيمات إرهابية بعد سقوط داعش وهو الأمر الذي لا نعرف بعد كيف سيتم التعامل معه.

فيلم في سبع سنين

نرشح لك: منى سلمان تكتب: ابن روزا

شاهد: تفاصيل طلاق سمية الخشاب وأحمد سعد