هشام صلاح يكتب: "من فات قديمه تاه".. نداء خاص لعمرو دياب

“من السهل أن تنجح .. لكن من الصعب الحفاظ علي النجاح” ، هكذا علمتنا الحياة في العديد من التجارب سواء الخاصة لكل شخص منا أو لبعض الشخصيات العامة المرموقة في مجتمعنا، لعل أبرزها الراحل عبد الحليم حافظ الملقب بالعندليب الأسمر، والنجم عمرو دياب الملقب بالهضبة.

هذان الأسمين الكبار في المجال الموسيقي المصري والعربي، ارتبطت العديد من الأجيال والأجيال بهم وبالعديد من الأعمال التي أثرت الموسيقي العربية، لكن الغريب في الأمر أنهما اشتركوا في العديد من التفاصيل الصغيرة والتي أوصلتهما فيما بعد ذلك الي قمة التوهج والنجاح مستطيعن الحفاظ عليه أيضا.

فحليم ودياب عندما بدءا مسيرتهما الفنية كانت الإذاعة المصرية هي الباب الوحيد أمامهما فقط  لكي يقدما أنفسهم من خلاله حتي يعرفهم الجمهور المصري، فشهد مبني ماسبيرو العديد من التفاصيل ومغامرات حليم القادم من الشرقية للقاهرة، حتي استطاع أن يضع قدمه في طريق النجاح، وأصبح مبني الإذاعة فيما بعد شاهدا علي كواليس العديد من الأعمال الناجحة للعندليب سواء من بروفات أو من حفلات إذاعية علي الهواء مباشرة، وكذلك دياب عندما أتي من بورسعيد للقاهرة لتحقيق حلمه حاول مرارا وتكرارا أن يدخل مبني الإذاعة لتقديم نفسه، وفشل كثيرا في البديات، وكانت هناك في ذلك الوقت مع بداية الثمانينات العديد من الأسماء الإذاعية والتي أكدت أن دياب كان يأتي كثيرا لكن وقفت ضده الظروف، والرفض المستمر لدخوله هذا المبني العريق نظرا لأنه غير معروف لهم، لكن بمرور الوقت وإصراره علي تحقيق حلمه، جاءت له الفرصة واستطاع أن يصل صوته عبر أثير الإذاعة المصرية، ومن هنا بدأت الحدوته.

القصة بإختصار في إصرار كل منهما علي النجاح، بل الكفاح علي التميز أيضا، وهذا ما فعلوه سويا وأصبح تاريخهما يتحدث عنهما فقط دون أي كلام، فحليم قدم علي مدار مسيرته الفنية العديد من الأغاني الناجحة وصلت تقريبا إلى 300 أغنية وقرابه الـ”20″ فيلما سينمائيا، استطاع حليم تقديم حالة مختلفة من المزيكا “السابقة لعصرها” وقام بتشكيل وجدان العديد من متابعي المزيكا في مصر والوطن العربي، ومنهم بالتأكيد عمرو دياب شخصيا والذي كان ضمن أحد متابعي ومحبي العندليب في وقتا من الأيام، حتي جاءت لحظة انطلاق الهضبة في بداية الثامنينات قدم خلالها قرابه الـ”الثلاثون” ألبوم غنائي بخلاف الأغنية المنفردة أو الدينية، بجانب مشاركته في عدد طفيف للغاية من الأعمال الفنية سواء الدرامية أو السينمائية.

نرشح لك: فيلم 122.. نقلة حضارية في التشويق

دياب وحليم بينهما العديد من الاشتراكات الفنية، أبرزها بكل تأكيد فترة البداية والإنطلاق والذين اشتركا فيها سويا من خلال مبني الإذاعة المصرية، ثم كتابة التاريخ الفني لكل منهما، حتي أصبح حليم ودياب يقدمان أعمالا موسيقية ناجحة ومميزة للغاية تحصد العديد من النجاحات بل ومنها من يأخذ في الموسيقي الغربية.

حليم كانت أبرز فترات التوهج الفني له كانت برفقة كمال الطويل ومحمد حمزة ومحمد الموجي وبليغ حمدي، الذين قدموا تاريخا عريضا مختلفا علي مستوي الكلمة واللحن والأداء وشكل الموسيقي المختلف، والذي نسمعه حتي هذه اللحظة كأنه لأول مرة يعرض، أما دياب علي مدار أكثر من ثلاثين عاما كانت هناك محطات عديدة له، فكانت فترة بداية توهجه فنيا  برفقة الموسيقي الكبير هاني شنودة ثم حميد الشاعري ثم طارق مدكور، وغيرهم من أسماء لامعة قدمت خلال سنوات شكل دياب الفني وتاريخه الذي حفروه من دهب.

نحن الأن في عام 2019 هناك أجيال عديدة ولدت ومنهم عشاق الهضبة عمرو دياب، لكن المثير في الأمر أن هؤلاء الأجيال لا يعلمون كثيرا عن العندليب وأم كلثوم وغيرهم مما أثروا الحياة الموسيقية المصرية واستطاعوا تشكيل وجدان المجتمع العربي وكتابة تاريخ الموسيقية المصرية، وذلك لأسباب عديدة منها التكنولوجيا وعدم القراءة مثل الأجيال الماضية، ولذلك فأتمني من دياب نظرا لأنه رمزا للموسيقي المصرية في الفترة الحالية أن يقرأ هذه السطور، ومن حين لأخر في حفلاته الغنائية الكبيرة يقدم أغنية ما للعندليب ويقوم بسرد قليل عن هذه الشخصية الذي يحبها هو شخصيا، وأنا متأكد من ذلك، حتي يلفت نظرا الأجيال الحديثة أن ماضينا هو تاريخ ولابد من معرفته جيدا، وهذا بكل تأكيد ينطبق علي العندليب أو غيره ممن أثروا تاريخنا الفني.

محمد عبد الرحمن يكتب: الاستثنائية نادية لطفي

شاهد: أبرز الأحداث التي شغلت الوسط الثقافي خلال عام 2018