"122".. رعب لا يُرى بالعين المجردة

نورا مجدي

يصف البعض الفيلم بأنه أول فيلم رعب نفسي مصري، ورغم الإثارة والتشويق في التناول الذي يجعلك تلهث طوال فترة المشاهدة، إلا أنني أختلف كثيرا مع اقتران كلمة “رعب” مع الفيلم المصري “122” .. الفيلم يلعب على المشاعر ويجعلك تشعر وكأنك تجري مع الأبطال، لكن مظاهر الرعب لم تظهر جلية كما نعرفها في الأعمال الأجنبية، بل أعتقد أنها تحتاج إلى “ميكرسكوب” لكي نرى الرُعب الذي يتحدثون عنه، والذي أفضل استبداله بكلمة “تشويق”.

أدرك أن الجمهور المصري لم يعتد على هذا النوع من التشويق في الأفلام وأنها خطوة جديدة نحو نوع مُختلف من التناول في الأعمال السينمائية، لذلك جاء وصف “رعب نفسي” ليتماشى مع تلك الخطوة الجديدة، لكنه وصف به الكثير من المبالغات.

لكن بصرف النظر عن الرعب والإثارة والحبكة والقصة المشوقة، أهتم كثيرا بفكرة “التنفيذ” كيف ولماذا تم تنفيذ هذا المشهد بهذه الطريقة، وقد استوقفني عدة مشاهدة في الفيلم سأتناول بعضها فيما يلي..

نرشح لك: عمرو سعد يحذف صورته مع توني بلير بعد الانتقادات

وصف المشهد:

يبدأ أحد مشاهد الفيلم بالتركيز على السرير الموجود في زاوية بغرفة الطبيب الذي يجسد دوره الفنان طارق لطفي، ثم يتم التركيز على المكتب والطبيب جالس خلفه وبجانبه الممرضة التي تبدو علامات الشر في عينيها منذ بداية ظهورها.

 

تفسير المشهد:

قد يبدو مشهدًا عاديًا فمن الطبيعي أن يتواجد سرير بغرفة الطبيب الذي يقبع طوال الوقت في مستشفى للطوارئ، لكن إذا أردنا قراءة الشخصية عن طريقة تصوير هذا المشهد فإن بدء المشهد بالسرير والتركيز عليه ثم الانتقال إلى المكتب قد يبعث داخل المتفرج إيحائا سلبيا يجعله يطرح سؤالا وهو ماذا يفعل هذا السرير في الغرفة، خاصة وأن جميع غرف المستشفى سنكتشف فيما بعد أنه لا يتواجد بها أسرّة مثل سرير هذا الطبيب الذي قام المخرج بالتركيز عليه في بداية المشهد.. وكذلك ماذا يوحي جلوس الممرضة إلى جانب الطبيب ونظراتها الحانقة إلى “أمنية” التي تجسد دورها الفنانة أمينة خليل، وهي الفتاة المنكسرة التي تعرضت لحادث ويوهمها الطبيب برغبته في المساعدة، لندرك فيما بعد أن الممرضة على علم بالأمور غير الشرعية التي يفعلها الطبيب، بل تقف إلى جانبه وتساعده والمعنى في بطن الشاعر!!.

وصف المشهد:

نافذة خشبية تُفتح وتغلق عدة مرات بفعل الهواء في غرفة مظلمة بها شقيقتان إحداهما منغمسة في نومها العميق والأخرى تحدق في شاشة هاتفها.

 

تفسير المشهد:

قد يعكس هذا المشهد شعورا بالخوف وعدم الاطمئنان ليتماشى مع تصنيف الفيلم بـ “الرعب” كما يطلق عليه البعض، لكن الشعور بعدم الأمان يختلف كثيرا عن الشعور بالرعب وهو أمر نسبي من شخص لآخر لكن بعض المشاهد “المرعبة” في الفيلم لم تكن كذلك بالنسبة لي، فعلى سبيل المثال وليس الحصر مشهد النافذة المفتوحة والهواء الذي يرتطم فيها ليمنحنا شعورا بعدم الاطمئنان وكأن شيئًا خفيا سيحدث، اعتقد بأن هذا المشهد قد “هُرس” داخل أعمال الرعب للدرجة التي أفقدته معنى الخوف. استخدم القائمون على العمل الكثير من المؤثرات الصوتية التي تتماشى مع ما تراه العين وحققت تلك المؤثرات بالفعل الغرض منها وهو “الفزع” الناتج عن علو الصوت المفاجئ لكن لم يتحقق الرعب في المشهد، وفي المشهد ذاته، استيقاظ مفاجئ لـ شقيقة “أمنية” -التي بدت في أول المشهد مستغرقة في نومها- وحديثها لـ شقيقتها الذي بدا لنا وكأنه صراخا في الفتاة التي لا تضع السماعة فهى مصابة بالصم ولا تسمع جيدًا مما أدى لفزعها لتهدأ الأنفاس بعدما نكتشف أن شقيقتها قد استيقظت وتحدثها.

وصف المشهد:

لون أحمر فاتح يتم غسله بالماء ولا يتضح لنا في الثواني الأولى مصدر هذا اللون الذي نعتقد أولًا أنه دماء لنكتشف غير ذلك.

 

تفسير المشهد:

بعد مشهد البداية -الذي يظهر فيه الفنان أحمد داوود وهو يجري في ممر ضيق مظلم ويهرب من شئ لم يتضح ماهيته في بادئ الأمر ثم يخترق مسمار كعب قدمه ليدخل المسمار بأكمله مما يعطينا شعور بالاشمئزاز- يظهر لنا لون أحمر نعتقد في البداية بأنه دماء يتم الاغتسال منها وهو ما أراد المخرج منا استنتاجه بهذا الترتيب، والذي يمنحنا أيضًا شعورا بالخوف والرعب الصادر عن رؤية الدم، لكن بعد ثوان معدودة يتسع المشهد شيئا فشيئا لندرك بأن هذا اللون الأحمر ما هو إلا صبغة شعر إحدى الفتيات، وتقوم “أمنية” التي تعمل في “كوافير” بغسل شعر الزبونة من الحُمرة الموضوعة برأسها.

لقطات أعجبتني:

· حينما اكتشفت “أمنية” أمر الممرضة وأنها تتواطئ مع الطبيب المجرم وتعاونه وكذبت عليها ولم تتصل بالشرطة قررت أمنية الذهاب للاختباء بالحمام لحين أن تتمكن من استيعاب الموقف والتصرف أمام الممرضة خاصة وأن “أمنية” مريضة وحامل ومنهكة الجسد ولن تقدر على مواجهة الممرضة، ظهرت وهي تختبئ خلف باب الحمّام وتمسك في يديها مكواه للشعر. حدّثت نفسي وأنا أشاهد المشهد وقلت بداخلي ( برافو عليها حاجة حديد عشان تضربها بيها على دماغها) لأكتشف أن السيناريو في رؤيتي كان الأضعف حيث قامت “أمنية” بتسخين المكواه وبالفعل حينما فتحت الممرضة باب الحمّام بعنف وأدخلت يدها جاء دور المكواة الساخنة ليمكّن أمنية من اكتساب الوقت وتضعف همّة الممرضة لتحاول أمنية الهرب منها.

 

· انقلبت السيارة للمرة الأولى بأمنية ونصر وكانت أمنية ملقاة على الطريق وحاولت التحرك جاهدة لكن إصاباتها البالغة لم تمكنها سوى الاعتدال على ظهرها ليبدأ المخرج بالانتقال بالمشهد من الحادثة للمستشفى عن طريق الاقتراب من عيني أمنية التي بدأت تُغلَق في مشهد الحادثة ليبدأ مشهد المستشفى بعيني أمنية التي بدأت تفتحهما من جديد.

منتج فيلم “122” يرد.. هل تم الاستعانة بدماء حيوانات حقيقية؟

شاهد: أشهر وجوه عام 2018