محمد عبد الرحمن يكتب: إستراحة مشاهد.. جريمة أشرف عبد الباقي

قبل أشرف عبد الباقي التحدي ونجح في صناعة تجربة مسرحية جديدة تسير في اتجاه يعتبره البعض معاكسا لتجربة مسرح مصر وأراه أنا اتجاها موازيا؛ يجعل أمام الجمهور خيارات عدة ويعطي للمسرح الخاص نافذة مضيئة يرى بريقها من يسير مساء أيام نهاية الأسبوع في شارع عماد الدين لتستقبله الأضواء وقد عادت من جديد لمسرح الريحاني والجمهور يدخل عرض “جريما في المعادي”، واثقا ويخرج منه ضاحكا رغم غياب النجوم.

جريما في المعادي” وليس جريمة، هو عنوان العرض الذي يؤكد فيه أشرف عبد الباقي مكانته كصاحب مدرسة مسرحية رائدة نجحت في تقديم عشرات النجوم خلال السنوات الخمس الأخيرة، ما يجعله وخالد جلال في المسرح الحكومي صاحبي الفضل الأكبر في الإبقاء على المسرح المصري حيا في سنوات الانحسار، مع التقدير بالطبع لعشرات التجارب الأخرى التي لا تزال تحتاج لتراكم خبرات ونتائج ممتدة الأثر لتستحق الانضمام لجبهة أشرف وخالد.

منذ انطلاق مسرح مصر لم تتوقف الانتقادات وبعضها في محله حول كون العروض تعتمد أكثر على إيفيه الموقف لا الموضوع، لم يمنع ذلك تحول أبطال هذه العروض إلى نجوم نجحوا في تجديد ملامح الإنتاج الكوميدي في مصر، أبرزهم بالطبع مصطفي خاطر، ودينا محسن، وعلي ربيع، ومحمد عبد الرحمن، وحمدي الميرغني، لكن “عبد الباقي” ورفاقه ظلوا متمسكين بموقفهم وظلت العروض تبدأ بملخص للموقف وتنتهي بالنتيجة وبين البداية والنهاية سلسلة من الضحكات التي يمكن نقلها لأي عرض آخر بمنتهى السهولة. التمسك بالموقف لا أعتبره هنا عنادا مع النقاد ولكن استجابة لرغبة الجمهور الذي ظل داعما للتجربة وكان لافتا أن الأطفال أيضا يعشقون مسرح مصر.

هل يعني ذلك أن أشرف عبد الباقي لا يجيد إلا تقديم المسرح الفارغ من المضمون، الذي لا يعتمد على خطوط درامية ومواقف تتميز بالاتساق وأحداث تبدأ وتمهد لما سيليها؟ هذا السؤال لم يعد له محل من الإعراب بعد تجربة ورشة “وركشوب” التي أطلقها عبد الباقي وذلك بالتزامن مع انشغاله بتأسيس النسخة السعودية من مسرح مصر.

نرشح لك: عمرو قورة يكتب: كيف ننقذ ماسبيرو؟

في أولى عروض فرقة “وركشوب ” يؤكد المدرب المسرحي وليس النجم الكوميدي أنه قادر على تقديم المسرح الكوميدي بشكله الكلاسيكي لكن مع التجديد في الوجوه والتفاصيل ولأول مرة يجعل ديكور محمود سامي هو أحد أبطال العرض، بل يتقدم الممثلين أحيانا ويصبح مصدرا للإضحاك، ليس هذا فحسب بل يعطي الفرصة لقرابة 40 ممثلا دفعة واحدة ولا يخلطهم بنجوم مسرح مصر حتى يحصلوا على الفرصة الكافية، والأغرب أنني عندما سألت عن أسماء أبطال العرض فاجأني المستشار الإعلامي للفرقة هشام صلاح بأن هناك فرقتين، يعني من شاهدتهم على المسرح مثلا مساء الخميس ليسوا هم من سيستقبلون جمهور عرض الجمعة وهكذا.

تدور أحداث “جريما في المعادي.. مسرحية كلها غلط” – هذا هو اسمها الكامل- في كواليس فرقة مسرحية تقدم عرضا يعاني من ضعف الإمكانات، ليجد الجمهور نفسه وكأنه داخل الكواليس يتابع العرض الأصلي وكذلك المعاناة التي يواجهها الأبطال بسبب الديكور، فيما صممت الملابس هالة الزهوي.

أتابع مشوار الفنان أشرف عبد الباقي منذ نحو 15 عاما، ربما لم تعطه السينما ما يستحق، وحصرته الدراما في الكوميديا رغم تميزه في الأعمال الجادة وأبرزها مسلسل “حضرة المحترم”، لكن أهم ما يلفت انتباهي في مشواره هو قدرته الدائمة على الاستمرار والتطور، سواء كممثل أو كقائد لفرق مسرحية منحت الأمل لمواهب عدة في الحصول على فرصة الوصول للناس ومنحت الجمهور مساحات متنوعة للاستمتاع بالمسرح بمختلف أشكاله بما في ذلك الموجه للطفل وهي تجربة قدمها عبد الباقي مع سامح حسين، لكن لم يكررها لأسباب لا زال يحتفظ بها لنفسه.

 

محمد عبد الرحمن يكتب: إستراحة مشاهد.. المهرجان والماتش وأفراح المقبرة

شاهد| بالعقل 3: آل باتشينو العرب